الرباط – المغرب اليوم
ذات يوم كنت أجلس مع بعض الأصدقاء، وجرنا الحديث إلى ذكريات الطفولة، وتكلمنا عن مصروف المدرسة، قالت إحدى صديقاتى أنها كانت تشعر بسعادة وثقة بالنفس كبيرتين عندما بدأت تأخذ مصروفها بشكل أسبوعى بعد أن كانت تأخذه اليوم بيومه، وقالت أخرى أنها لم تكن تأخذ مصروفاً بانتظام، بل كان والدها يعطيها نقوداً كلما احتاجت، ونتيجة لذلك فهى الآن لا تعرف كيف تدير المال وتنفق مرتبها كله!
هل هذا معناه أن لمصروف المدرسة تأثير فى شخصية طفلك؟ ومتى تبدئين فى إعطاء طفلك مصروفاً؟ وما هو المبلغ المناسب؟ وهل تساوين بين كل أبنائك فى المصروف؟
إجابات هذه الأسئلة وأمور أخرى هامة متعلقة بمصروف المدرسة يتناولها هذا المقال، فتابعى القراءة..
ما أثر مصروف المدرسة فى بناء شخصية ابنك؟
يبنى الطفل شعوراً بالاستقلالية والاعتماد على النفس.
يتعلم إدارة المال: كم ينفق، وكم يدخر، وماذا يشترى.
يتعلم أن يكون له هدف يدخر المال من أجله، فيتمرن على تحديد الأولويات عند الشراء والصبر وضبط النفس.
يشعر بالإنجاز وتزداد ثقته بنفسه كلما تقدم نحو تحقيق هدفه.
يطور قدرته على التكيف والعيش فى حدود إمكانياته.
يتكون لديه إحساس واقعى بقيمة النقود وما يمكن أن تشتريه.
متى تبدئين فى إعطاء طفلك المصروف؟
لا يوجد قواعد جامدة وجاهزة، هناك بعض أبحاث تشير إلى أن السن المناسب يتراوح ما بين خمس إلى سبع سنوات، وعلى أية حال.. فالمسألة تقديرية تعود إلى تقييمك لإحساس طفلك بالمال وقدرته على التعامل معه، من حيث أنه:
يستطيع العدَّ.
يفهم أن المال ضرورى لشراء احتياجاتنا.
يعرف أن هناك فئات مختلفة من العملات.
يكون لديه رغبات يرغب فى تحقيقها بمصروفه.
كم من المصروف تعطين أبنائك؟
يختلف ذلك من أسرة إلى أخرى بناء على عدة عوامل:
ميزانية الأسرة وأحوالها المادية.
الأشياء المتوقع للمصروف أن يغطيها «الشراء من الكانتين، تصوير أوراق، المواصلات، شحن الهاتف المحمول.. إلخ».
المصروف: يومى أم أسبوعى أم شهرى؟
لابد من إعطاء طفلك المصروف بانتظام حتى يتعلم الالتزام واحترام المواعيد، وحتى يتعلم أن يدير المال بشكل أفضل عندما يعلم أن هناك يوماً ثابتاً يحصل فيه على مصروفه.
الفترة التى تفصل بين كل مصروف وآخر تختلف حسب سن الطفل وقدرته على إدارة المال، فمثلاً الطفل فى مرحلة الحضانة والسنوات الثلاث الأولى من المرحلة الابتدائية يمكن إعطاؤه مصروف يومى، وفى السنوات الثلاث الأخرى من المرحلة الابتدائية وفى المرحلة الإعدادية يمكن إعطاؤه مصروف أسبوعى، ثم فى المرحلتين الثانوية والجامعية يُعطى مصروفاً شهرياً.
هل تساوين بين جميع الأبناء فى المصروف؟
ليس منطقياً أن يتساوى الأبناء فى المصروف بغض النظر عن سنهم، خاصة إذا كان الفارق كبيراً، فالطفل الأكبر غالباً أقدر على إدارة ماله، كما أن احتياجاته أكثر، لهذا عندما يتذمر الطفل الأصغر من إعطاء أخيه مصروف أكبر من مصروف، افهميه أن أخاه الأكبر يحتاج إلى مصروفات أكثر لأنه يركب المواصلات مثلاً، بينما يقوم والده بتوصيله.. وهكذا، أخبريه كذلك أنه عندما يكبر سيزيد مصروفه.
كيف تشجعي طفلك على الادخار؟
شجعيه أن يكون له هدف يدخر من أجله، يختلف هذا الهدف حسب سنه وميوله طبعاً.
أحضرى ثلاثة برطمانات شفافة وشجعيه على تزيينها، دعيه يقسم مصروفه إلى ثلاثة أجزاء كما شرحت من قبل فى مقال «العيدية.. عادة تاريخية وقيمة تربوية»، لكن لماذا برطمانات شفافة؟ إن ذلك حتى يتحمس عندما يرى المال الذى يدخره يعلو فى البرطمان، اتفقى معه على قانون وهو أنه لا يمكن استعادة المال بعد وضعه فى البرطمان المخصص.
وبشكل عام فقد تحدثنا عن هذه الجزئية في مقال منفصل عن الإدخار
نصائح هامة:
تجنبى إعطاء طفلك الصغير النقود المعدنية حتى لا يبتلعها.
وضحي لطفلك أنه لن يحصل على مصروفه إلا فى الموعد المحدد، حتى لو أنفق مصروفه كله قبل هذا الموعد.
اسمحى لأبنائك بارتكاب بعض الأخطاء طالما كانت فى حدود ما هو غير مؤذ، لأنها جزء من تعليمهم، لهذا ساعديهم على التعلم منها.
من حقك وضع حدود لما هو مسموح بإنفاق المصروف فيه، فيمكنك مثلاً منع الحلوى إلا فى يوم محدد من الأسبوع، حتى لا تضر بشهية أطفالك وأسنانهم.
من الآن عزيزتى الأم، لا تنظرى إلى المصروف باعتباره عبئاً مادياً، ولكن انظرى إليه كفرصة تربوية رائعة تعلمين أبنائك من خلالها الكثير من المهارات والقيم التى ستستمر معهم باقى حياتهم.