الرباط - الدار البيضاء
أكدت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن توصيات المجلس في تقريره السنوي المتعلقة بإلغاء عدد من فصول القانون الجنائي؛ من قبيل "زعزعة عقيدة مسلم"، و"الإفطار العلني لرمضان"، مرده إلى أن العقوبات المتعلقة بالعبادات في القانون الجنائي لا تنسجم مع أحكام الدستور ولا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وشددت بوعياش على أن المجلس يقدم إشكالات يعيشها المجتمع المغربي وفق اختصاصاته، مشيرة إلى أن الدستور المغربي يكرس قيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية.
وأوضحت بوعياش أن المجلس يتابع عن كثب تطور وضعية حقوق الإنسان خلال فترة الطوارئ الصحية، مشيرة إلى أنه عندما رصدت فرق المجلس حالات لتجاوز بعض عناصر القوات العمومية في مارس الماضي عمم المجلس دعوة من أجل السهر على ضمان مبدأي الضرورة والتناسب عند استعمال الإكراه في تنفيذ القانون والإجراءات المتخذة.
كشف التقرير أن عدد الشكايات الواردة على المجلس ولجانه الجهوية قد بلغ 3150 شكاية، البعض أكد أن هذه الأرقام لا تعكس حقيقة الخروقات التي تسجل في المغرب؟
بالإضافة إلى استقبال 4785 شخصا والقيام بـ170 زيارة للمؤسسات السجنية وملاحظة 53 محاكمة، توصل المجلس ولجانه الجهوية بالفعل بما مجموعه 3150 شكاية.. عدد الشكايات المتوصل بها مؤشر مهم؛ لكنه لا يترجم بشكل مباشر عدد الانتهاكات المحتملة، لأن بعض الشكايات المتوصل بها تكون خارج الاختصاص مثلا، وبعضها يكون فيه ادعاءات تتطلب مزيدا من التدقيق والتحري، كما أن عدد الشكايات لا يعكس بالضرورة عدد تدخلات المجلس، لأن المجلس يرصد ويتحرى بشأن وقائع وادعاءات لا تكون موضوع شكاية موجهة إليه، حالات مثلا تنشر حيثياتها على وسائل الإعلام أو تثار بمواقع التواصل الاجتماعي والفيديوهات.
يمكن أيضا الإشارة في هذا السياق إلى معدل انتشار أفعال التحرش والشتم والابتزاز والتشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي قد لا تكون موضوع أي شكايات موجهة إلى المجلس، وقد سجلنا في التقرير التدخلات الاستباقية التي قام بها المجلس في عدد من الحالات. تجدر الإشارة إلى أن المجلس عزز آلية التتبع اليومي لما يروج في وسائل الإعلام من محتويات ذات الصلة بحقوق الإنسان من أجل التصدي التلقائي للانتهاكات المحتملة التي يكمن أن تثيرها، وسأكون سعيدة بالتوصل بعدد الشكايات من الذين أكدوا أنها تفوق ذلك، حتى نتدارسها ونقوم بما يلزم للتحري والتحقق من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية بهذا الشأن.
طالبتم بحذف الفقرة الثانية من الفصل 220 من القانون الجنائي، التي تتضمن العقوبة المتعلقة بـ"زعزعة عقيدة مسلم، حذف الفصل 222 المتعلق بعقوبة الإفطار العلني لرمضان.. ألا تخشون الصدام مع المحافظين في المغرب؟
لقد اقترحنا هذه التوصية بالمذكرة التكميلية لمراجعة القانون الجنائي. وقد أوضحنا في التقرير السنوي أن المنظومة القانونية بالمغرب، وعلى رأسها منظومة القانون الجنائي، تقتضي أن تنسجم مع الالتزامات المترتبة على مصادقة المغرب على المواثيق الدولية والتي لم تعبر الحكومة عن أي تحفظات بشأنها؛ ومن بينها تلك المتعلقة بحرية ممارسة الشعائر.
وقد سجل المجلس أن العقوبات المتعلقة بالعبادات في القانون الجنائي لا تنسجم مع أحكام الدستور ولا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وقد سبق أن تطرقنا في المذكرة التكميلية إلى الإشكالات التي يطرحها هذا الموضوع، وقدمنا توصيات خاصة بهذا الشأن (حذف الفقرة الثانية من الفصل 220 وحذف الفصل 222 من القانون الجنائي).
المجلس يشتغل وفق مرجعية واضحة قوامها الدستور المغربي والمواثيق والمعاهدات التي يصادق عليها المغرب، ولا ننسى أن من بين الاختصاصات الأساسية التي منحها المشرع المغربي للمجلس ملاءمة التشريعات الوطنية مع الالتزامات الاتفاقية لبلادنا وتعهداتها وتتبع إعمال الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن الأجهزة والآليات المتعلقة بحقوق الإنسان.
نحن نقدم إشكالات يعيشها المجتمع المغربي ونقدم وفق اختصاصاتنا مقترحات تبتغي الإجابة عنها وأسئلة راهنية تطرح في المجتمع، والواقع أن الدستور المغربي يكرس قيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية.
وبهذه المناسبة أدعو قراءكم إلى قراءة مذكرة المجلس التكميلية بخصوص تعديل القانون الجنائي التي تتضمن توصيات ومضامين متعددة أخرى غير هذا الجانب الذي نتناوله الآن، وهي متوفرة على الموقع الإلكتروني للمجلس.
إننا متيقنون أنه بمقدور المغاربة الحوار والنقاش الضروري حول هذه القضايا، وبقدر ما يكون ذلك بعيدا عن التوتر بقدر ما ننجح في إعطاء هذه القضايا ما يكفي من الأهمية. لنا ما يكفي من المناعة للانكباب على مناقشتها وإيجاد حلول لحماية كل المغاربة كيفما كان رأيهم.
قال التقرير إن حالات مزاعم التعذيب التي سبق أن أعدّ حولها المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقارير في وقت سابق، مثل حالة ناصر الزفزافي وبعض معتقلي حراك الريف، وهو ما اعتبر تهربا منكم للإجابة عن هذا الملف؟
تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول احتجاجات الحسيمة تقرير موثق وشامل ومفصل، يقع في أكثر من 400 صفحة، وهو متوفر على الموقع الإلكتروني للمجلس، يمكن العودة إلى حيثياته ومضامينه في أي وقت أو حين.
لا بد من إعادة التأكيد على أن منهجية التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان اعتمدت على حالات وانتهاكات خاصة بسنة 2019 باعتبارها السنة المرجعية للتقرير، ولا يمكن لنا منهجيا التفصيل في وقائع لا تشملها هذه الفترة بل تعود إلى سنوات 2017 و2018، خاصة أننا قدمنا تقريرا شاملا حولها، سواء بخصوص الاعتقال أو ادعاءات التعذيب أو المحاكمات وغيرها من المواضيع المرتبطة بالاحتجاجات؛ لكنني مع ذلك أتفهم هذا الانزعاج لدى بعض المتتبعين، فغياب تقرير سنوي للمجلس لمدة طويلة خلق لديهم انتظارات، يجدون أجوبتها في تقرير موضوعاتي.
تجدر الإشارة إلى أن محور ادعاءات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بالتقرير السنوي قد تضمن توصيات مهمة؛ من بينها تقوية آليات مكافحة إفلات مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة من العقاب، وعدم التذرع بأي أمر أو تعليمات لتبرير جريمة التعذيب، والتنصيص على عدم تقادم جريمة التعذيب، وإعمال إجراء تحقيقات سريعة ونزيهة كلما وجدت أسباب معقولة تفيد ارتكاب جريمة التعذيب، دون الحاجة إلى شكوى كتابية...
سجل التقرير بانشغال إدانة بعض المتابعين بسبب نشر مضامين في الفضاء الرقمي، لكنه لم يتطرق لجميع الملفات التي يُتابع فيها الصحافيون باستثناء المتابعين في ملف مجلس المستشارين، لماذا؟
بالفعل، رصد المجلس، خلال سنة 2019، عددا من المتابعات القضائية بسبب نشر مضامين في الفضاء الرقمي، خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير، سجلنا بانشغال إدانة بعض هؤلاء المتابعين بعقوبات سالبة للحرية خاصة عندما يتعلق الأمر بأشكال التعبير التي تحظى بالحماية في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان.
وفي ما يتعلق بحرية الصحافة، تضمن المحور معطيات وتوصيات عامة لا ترتبط فقط بقضية الصحافيين الأربعة، من بينها على الخصوص ضرورة تجميع كافة المقتضيات التشريعية ذات الصلة بالصحافة بمدونة النشر، بشكل لا يسمح باللجوء إلى أي قانون آخر في قضايا الصحافة والنشر، والتشبث بمبدأي الضرورة والتناسب وجعل حرية التعبير وحرية الصحافة في منأى عن كل عقوبة سالبة للحرية.. بالإضافة إلى ذلك، خصص التقرير محورا آخر لحقوق الإنسان والإعلام ولم يغفل أي ملفات يتابع فيها صحافيون، قد يأتي ذكرها في محاور وأجزاء أخرى متفرقة من التقرير (من بينها مثلا ملاحظة المحاكمات).
الغرض من تناول قضية الصحافيين الأربعة في محور حرية الرأي والتعبير مرده إلى تذكير الحكومة المغربية بتوصية الامتناع عن متابعة الصحافيين بمقتضيات أخرى غير مقتضيات مدونة الصحافة والنشر، التي أخذت علما بها ورفضتها كليا بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل الأخير، وعللت ذلك بكون متابعة الصحافيين في قضايا لا تندرج ضمن أداء مهامهم المهنية يجب ألا يخضع لأي استثناء حفاظا على حقوق المواطنين وتحقيقا لمبدأ المساواة أمام القانون، في حين أن الصحافيين الأربعة توبعوا في قضية نشر تندرج بالأساس ضمن أداء مهامهم.
علاقة بتطبيق حالة الطوارئ، كيف يراقب مجلس حقوق الإنسان عدم انتهاك الحقوق بالتزامن مع تطبيق مقتضيات هذا القانون؟ وهل سجلتم خروقات لحقوق الإنسان خلال هذه الفترة من تطبيق حالة الطوارئ؟
أغتنم الفرصة أولا في سياق الجواب عن هذا السؤال لتوجيه عبارات التعازي والمواساة إلى كل من فقد قريبا جراء جائحة وباء كوفيد 19.
كما سبقت الإشارة إلى ذلك، يواصل المجلس أداء مهامه خلال حالة الطوارئ الصحية، مع اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية التي أعلن عنها، ويتابع عن كثب تطور وضعية حقوق الإنسان خلال هذه الفترة، حيث شكلنا فريقا متخصصا من أجل الرصد وفريقا من أجل تتبع تطبيق حالة الطوارئ، كما تتعبأ اللجان الجهوية من أجل الرصد والتتبع على مستوى كل جهة. وتُعقد في هذا السياق اجتماعات يومية عن بعد، من أجل تبادل المعلومات والتشاور في هذا الإطار.
وعندما رصدت فرق المجلس حالات لتجاوز بعض عناصر القوات العمومية في مارس الماضي عمم المجلس دعوة من أجل السهر على ضمان مبدأي الضرورة والتناسب عند استعمال الإكراه في تنفيذ القانون والإجراءات المتخذة. بالإضافة إلى ذلك، اتخذ المجلس مجموعة من الإجراءات الترافعية لفائدة الفئات الهشة، بمن فيها النساء والأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة والمهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء، وكذلك ضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو ذوو حقوقهم، علاوة على مبادرات في إطار الإجراءات الوقائية في أماكن الحرمان من الحرية، كما يعمل فريق شكله المجلس على رصد الصعوبات أو الانتهاكات واقتراح الإجراءات المناسبة في هذا السياق، وتشغلنا أيضا تداعيات انتشار العنف ضد المرأة خلال هذه الظروف.
المجلس حريص أيضا على تقاسم المعلومات مع المؤسسات الوطنية الأخرى في إطار تبادل الممارسات الفضلى لضمان حقوق الإنسان خلال حالة الطوارئ الصحية، وقد نُشر نموذج تدخلاته ضمن الممارسات والتجارب التي نشرها التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في منصته الخاصة باحترام حقوق الإنسان وحمايتها خلال الظرفية الراهنة المرتبطة بالجائحة
اقرأ أيضاً :