مراكش - ثورية ايشرم
منهن الطفلات والفتيات والمطلقات والأرامل وربات البيوت ، رغم اختلاف اعمار هؤلاء النساء واختلاف احلامهن والأسباب وراء امتهانهن مهنة خدمة البيوت ، فانهن يعانين من نفس الوضعية الاجتماعية . اوضاع اجتماعية عصيبة وعالم خاص تدور في فلكه ونساء وفتيات لا حول لهن ولا قوة ذنبهن الوحيد ظروفهن القاسية ومتطلبات الحياة التي لا ترحم.وقد رصد " المغرب اليوم " تجربة بعض هؤلاء النساء من خلال عملهن كخادمات في البيوت ، واللواتي ارادت لهن الظروف ان يحاربن الحياة القاسية ومتطلباتها الباهظة وتكاليفها التي اثقلت كواهلهن.تقول رشيدة 27 سنة " اشتغل في البيوت منذ كان عمري تسع سنوات ، وطيلة عقدين من الزمن تنقلت بين عدد من البيوت المراكشية منها ما احترم ادميتي ومنها ما اذاقني كل اشكال التعذيب ." تضيف رشيدة بعيون دامعة " تحملت كل ذلك لاجل اسرتي الضعيفة ، صحيح ان الظروف تغيرت الان وعوض 200 درهم التي كنت اتقاضاقها وانا في التاسعة من عمري اتقاضى اليوم مبلغا محترما حوالي 1300 درهم في الشهر يقيني شر السؤال، ارسل لعائلتي منه واحتفظ بالقليل منه لظروف الزمن."اما حجيبة 34 سنة فتقول " اشتغل من الساعة السابعة صباحا الى السابعة مساء واعود لبيتي لانام بين ابنائي ، وفي المناسبات العائلية قد اضطر الى المبيت في بيت مشغلتي لمساعدتها ." تسترسل حجيبة قائلة " اعمل لدى هذه الاسرة منذ ثلاث سنوات بمبلغ 300 درهم في الاسبوع ، وعندما اتاخر بالليل يقلني احد افراد العائلة الى بيتي او يعطوني ثمن ركوب سيارة الاجرة ، يعتبروني فردا من العائلة وأنا بدوري اقوم بواجباتي المنزلية على احسن وجه، علما ان مشغلتي تعمل خارج البيت ولديها ابناء في سن التمدرس ، احبهم كأبنائي وهم ايضا يبادلونني نفس الحب والاحترام." في حين تقول صفاء 17 سنة " مصير الفتاة الخادمة يكون مجهولا حين ترافق اسرة من الاسر ، لانها تبقى عرضة للتعذيب والاستغلال الجنسي والجسدي بكافة اشكاله ، شخصيا تعرضت لتحرشات كثيرة منذ اشتغالي في البيوت منذ جئت اليها من منطقة تاونات وأنا طفلة لم اتجاوز سن السابعة من عمري."وفي هذا الصدد تصرح مليكة 36 سنة موظفة " كان خروج المرأة للعمل احد الاسباب التي اضطرتها الى البحث عمن ينوب عنها في تنظيف مملكتها الصغيرة ، وانا لكوني اعمل في وظيفة في مصرف فان وقتي لا يسمح لي بالتوضيب والنفض والغسل ، مما يضطرني الى الاستعانة بامرأة للقيام بالأعمال المنزلية ، ومهما حاولت التوفيق بين العمل والمنزل فلن استطع انجاز ذلك لان عملي ياخذ كل وقتي ، لهذا فانا اعتمد على الخادمة بشكل كلي في البيت." وتضيف مليكة ان " حكاية النساء العاملات مع خادمات البيوت اشبه بالأفلام السينمائية ، لقد قاسيت كثيرا من الخادمات اللواتي كن يتلذذن ببكاء اطفالي ويرغبن في مغازلة زوجي ، ولكن ما باليد حيلة.وتعلق سميرة 43 سنة وهي مندوبة تجارية " انا استعين بالخادمة منذ بداية زواجي لاعتيادي على وجود خادمة في البيت تقوم بكل ما يلزم وهي في بيت اسرتي ثم لصعوبة التوفيق بين العمل ومتطلبات البيت بالإضافة الى وجود طفلة لم تطفئ بعد شمعتها الثانية ."وتضيف سميرة في اشارة منها الى عدم استقرار الخادمات اللواتي يشتغلن عندها ، وعزت اسباب وذلك لوجود طفلة صغيرة في حاجة الى الرعاية بالإضافة الى القيام بأمور البيت من طبخ وكنس وتنظيف. في حين تضيف حياة وهي اعلامية ان "طبيعة عملي غير الاداري يتطلب مني التواجد خارج البيت في اوقات مختلفة من اليوم ، وبالتالي من الصعب جدا القيام بامور بيتي لاسيما اذا كان لي اطفال ، وارى ان الخادمة باتت من الاساسيات التي لا يمكن للبيت ان يقوم بدونها ولا احد ينكر دورها في تخفيف العبء عن صاحبة البيت ومساعدتها، ومن جهة اخرى لا يمكننا تجاهل سلبيات عدد كبير منهن من قبيل الغش في العمل وعدم الالتزام بالوقت ."وحسب رأي الاخصائي النفسي عبد الودود خربوش انه " بالامكان تشغيل خادمات بالغات ومسؤولات بدلا من الطفلات ، وغالبا ما تكون خادمات البيوت ضحايا سوء المعاملة التي تترك اثارا وخيمة على الطفلات الخادامت قد لا تبدو جليا منها الا الاثار الجسدية كاثار الضرب والكي وغيرها من اشكال التعذيب ، بينما لا تظهر الاثار النفسية العميقة التي تلازم الضحية خلال الحياة المستقبلية للطفلة خاصة اذا كانت الاساءة جنسية ، وهي الاثار التي تعرف في الادبيات السيكولوجية بمتلازمة سيلفرمان." واضاف ان " افضل وسيلة لتجاوز اثار سوء معاملة الطفلات الخادمات والأطفال عامة ، هي الوقاية أي عدم الاساءة اليهم ، وفي حالة وقوع الاساءة يجب عرض الاطفال على اخصائيين او اطباء نفسانيين ، لانهم وحدهم الكفيلين بمساعدة الطفل على تجاوز الصدمة النفسية التي يتعرض لها ، او عرضه على الفرق المتعددة الاختصاصات التي تضم ، اطباء اطفال وأخصائيين نفسانيين ثم مساعدات اجتماعيات وذلك المراكز التي انشاتها وزارة الصحة بكبريات المستشفيات الجهوية بغرض التكفل بالأطفال ضحايا سوء المعاملة." واكد خربوش ان " المكان الطبيعي لهؤلاء الطفلات هو المدرسة وليس الشغل كيفما كان نوعه لأنه لا يوجد من يرضى على نفسه ان يشتغل ابناؤه خدما ، والسعي للحصول على خادمات بالغات ومسؤولات ليس فقط عن انفسهن بل حتى عما يطلب منهن من اشغال ومهمات ، اما في حالات الامر الواقع التي يتم فيها تشغيل الطفلات ، فانصح على الاقل بتمدرس الطفلة ، ومنحها اوقاتا للراحة وللعب وممارسة الهوايات وهي ابسط الحقوق التي من الممكن ان يمنحها الفرد لأبنائه ، بالإضافة الى التعامل معها برفق ورحمة وعدم الاساءة اليها جسديا ولا حتى نفسيا لان الاهانة والسب والتوبيخ هي الاخرى اصناف من اساءة المعاملة لا تقل ضررا عن الاساءات الأخرى."