واشنطن - المغرب اليوم
قد تتناقض كثير من الدراسات مع ما يسود من افكار عند معظم الناس، وفي هذا المجال يظن المعظم ان المرأة العاملة هي اكثر انهاكاً ومسؤوليات عن المرأة غير العاملة الا ان الدراسات اثبت غير ذلك، فيعتقد بعض الرجال أن عمل المرأة وانشغالها بأهدافها وحياتها العملية هي من الوسائل والأسباب التي تساعد على الانفصال وفشل العلاقة الزوجية في أسرع وقت، خاصة إن كانت المرأة ناجحة في عملها، لكن هذه الأفكار قد تكون غير صحيحة، حيث أثبتت دراسة أميركية نشرت في مجلة علم النفس، أن المرأة العاملة تكون أكثر سعادة مع زوجها حتى وإن كانت أعباء العمل ثقيلة، مقارنة بالنساء غير العاملات، هذه الدراسة التي خالفت كل نتائج الدراسات السابقة لها والتي أثبتت أن الوقت الذي تقضيه المرأة في العمل يؤثر على سعادتها الزوجية. تجربة تبين ربى خالد تجربتها في العمل والحياة الزوجية قائلة :» انني اعمل كمهندسة مدنية منذ خمسة عشر عاماً، وزوجي كان يعمل معي في نفس المكتب في البداية الا انه تغير مكان عمله بعد مدة من الزمن وبقيت وحدي اعمل في المكتب مع عدد من الزملاء، واصبحت أما واصبح لدي اربعة اطفال ولم يلاحظ مديري في العمل انني اقصر في اداء عملي، وقد اخبرني زوجي في بداية زواجنا انه اذا شعر ان هنالك اي تقصير في واجباتي تجاه المنزل واتجاهه سيطلب مني وقتها ترك العمل، ولكن مضت الايام والسنون ولم يتغير علينا شيء، انني سعيدة لانني ام ومازلت اكتسب خبرات في مجال الهندسة ولم امتنع عن العمل». وتضيف ربى:» ان المرأة العاملة من المؤكد ان تكون سعيدة لعدة امور اول امر انها تشعر انها غير منفية عن العالم وعن التواصل، بالاضافة الى انه لا تحبط وتشعر ان دراستها في الجامعة قد ذهبت هباء منثورا بل تزداد خبراتها وحبها للحياة، كل هذا الفضل تشعر به انه ممنوح من قبل زوجها ويشعرها بانه يقف الى جانبها ويمنحها الشعور بالاستقلالية المادية والتطور». الزوجة التقليدية يقول المهندس سامر خلايلة وهو زوج المهندسة ربى :» انني اعتبر ان عمل المرأة فرصة لها كي تزيد ثقتها بنفسها، وتكتسب الخبرات، بدلا من قضاء الوقت كله في المنزل بالاهتمام بالاطفال والطهي، اخاف حقيقة بعد فترة ان اتحدث مع زوجتي واشعر انها من النساء التقليديات مع احترامي لهن طبعا فأمي كانت منهم، ولكن الزمن قد تغير ومعظم الزوجات الان يخضن تجربة العمل، جميل ان يستمع الزوج الى خبرات زوجته وخاصة ان كانا يعملان في نفس المجال فالخبرات متناقلة بينهم وهذا يسعد الزوج». عمل الزوجة وعلى غرار من ذلك يرفض احمد سليم عمل الزوجة في اي قطاع من القطاعات يقول:» من تجربتي جاء هذا الرفض، فزوجتي عندما عملت لمدة قصيرة لا تتجاوز اربع شهور قلبت المنزل جحيما وباتت بشخصية اخرى تختلف عما كانت عليها، لذلك طلبت منها ان تترك العمل، فعملها تضارب مع سعادتنا كزوجين، احيانا بعض السيدات حين يعملن ويشعرن بالاستقلالية المادية يؤثر هذا على علاقتهن مع أزواجهن، تصبح المرأة اكثر غرورا بالاضافة الى تقصيرها في اداء واجباتها في منزلها، وهذا ما جعلني ارفض عملها رفضا تاماً». ويرى احمد ان المرأة تتغير شخصيتها تماما بعد العمل وبعد ان تشعر ان هنالك استقلالية مادية، ولكن هذا لا يعني ان كل النساء متشابهات، فهنالك زوجات العمل يزيد من افقهم في التفكير، وتصبح اكثر تعاونا مع زوجها في هذه الحياة وبالتالي تزيد السعادة الزوجية وهنالك العكس صحيح، السبب الاساسي هو طريقة تفكير الزوجة وخبرتها بالحياة. العمل يسعد الزوجة والزوج وتؤكد الاخصائية الاجتماعية رانية الحاج علي ان: السعادة الزوجية مرتبطة بعدد من العوامل من بينها عمل المرأة، فعمل المرأة يؤثر على سلوك الزوجة وتصرفها تجاه زوجها، وقد لاحظت الدراسة التي شملت 169 من الأزواج والزوجات واستمرت على مدار أربع سنوات، والتي تم فيها قياس مدى الرضا الزوجي للمرأة العاملة ولزوجها، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة عمل كل زوجة وإذا كان لديها أطفال أم لا، إذْ أكدت النتائج أن حجم العمل وثقل مهام الزوجة كانت سبباً من أسباب سعادتها الزوجية. وفسر الباحثون القائمون على الدراسة هذه النتائج بأن المرأة الأكثر انشغالاً في عملها تشعر إلى حد ما بالرضا والنجاح في عملها؛ ما يجعلها أفضل في حياتها الزوجية أيضاً، فبرغم كثرة المسؤوليات العملية وتزاحم الحياة العملية فإن احترام الذات يجعل الزوجة أكثر رضا عن نفسها، وبالتالي تستطيع أن تعطي لبيتها وزوجها الكثير نتيجة لهذا الرضا النفسي. وتضيف الحاج علي :»للحفاظ الدائم على حيوية العلاقة الزوجية وحتى لا يتسرب إليها الملل أو الشجار، يؤكد الخبراء أن المرأة يجب أن تتعرف نفسَها وأن تحدد اهتماماتها وأهدافها في الحياة ولا تتخلى عنها وتسارع من أجل تحقيقها، لأن تحقيق هذه الأحلام والأهداف قد يساعدها على الاستقرار في حياتها الزوجية لفترة طويلة. لذا يشير الخبراء إلى أن كل امرأة يجب أن تقضي وقتا مثمرا مع نفسها لتتعرف اهتماماتها وأهدافها وأحلامها في جميع نواحي حياتها بما في ذلك وضعها المالي، فحين تستطيع المرأة أن تقول في نفسها يمكنني أن أعيش معتمدة على نفسي من دون أن أعاني أي مشكلة، تكون هنا مرتبطة بالزوج لا لحاجة مادية، ولكن لحاجة عاطفية ونفسية، ولأنها تريد حقا أن تكون عنصرا فاعلاً في هذه العلاقة، وهذا لن يتحقق إلا باستقلالية المرأة وقدرتها على الاعتماد على نفسها».