القاهرة - المغرب اليوم
يحدث الحمل تغييرات فسيولوجية عديدة عند المرأة، بسبب الهرمونات وهذا أمر عادي جدا، لكن المثير للاستغراب هو ما كشفته بعض الدراسات الطبية الحديثة عن تغييرات فسيولوجية تحدث عند الرجال أثناء حمل الزوجة. أكدت بعض الدراسات العلمية أن 90 ٪ من الرجال تحدث لهم تغيرات فسيولوجية أثناء حمل زوجاتهم وبعد الولادة، وأثبتت الدراسة أن هناك تغيرات عديدة في أنواع الهرمونات التي تزيد بشكل مطرد لدى المرأة الحامل، كما تزيد لدى الرجل “الزوج”، مع فارق كبير في نوعية الهرمون. وقد وضعت هذه الدراسة حدا للكثير من الطلاسم التي عجز العلماء عن حلها خلال السنوات الماضية، حيث أشارت الباحثة الأميركية “آن سنوري”، أستاذة علوم الفسيولوجيا بجامعة مونريال، إلى أن الرجل يشعر بالعديد من التغيرات الفسيولوجية في جسده تماما مثلما تتعرض له زوجته الحامل. فهناك تغيرات عديدة في أنواع الهرمونات التي تزيد بشكل مطّرد لدى المرأة الحامل، كما تزيد لدى الزوج، مع فارق كبير في نوعية الهرمون. إلا أن هذه التغييرات تنبثق جميعها من سبب واحد وهو الحمل، مما يؤكد أن هناك علاقة واضحة بين حمل الزوجة وما يتعرض له الزوج، من أعراض مشابهة. وأضافت أجرينا تحليلا كميا لمعرفة كيفية تأثر الزوج بتغير هرمونات زوجته أثناء الحمل، حيث أخذت عينات من دم الأزواج قبل حمل زوجاتهم وبعده، واتضح بما لا يدع مجالا للشك أن هناك تغيرات في نوعية الهرمونات التي لم تكن موجودة قبل حمل الزوجة، وأصبحت موجودة بعد حملها، كما أكدت أن لهذه الهرمونات علاقة وطيدة بحمل الزوجة. ومن هذه الهرمونات، ما هو مشترك بين الزوجة الحامل وزوجها مثل هرمون “الكورتيزول” لدى الزوجة، وهرمونات أخرى لا توجد لدى المرأة وأهمها هرمون الذكورة. وأكدت الباحثة أنه يزيد لدى الزوج ويزيد أكثر وبشكل كبير بعد الولادة عندما يسمع صرخات أو بكاء طفله الرضيع وشعوره بمدى المسؤولية الملقاة على عاتقه في الإنفاق على الرضيع ومتطلباته المختلفة. وقالت الباحثة إن النتائج النهائية للبحث أشارت إلى أن معظم الأزواج أو نسبة لا تقل عن 90 %، منهم يتعرضون للعديد من التغيرات الفسيولوجية أثناء فترة حمل الزوجة أو بعدها. من جانبه قال الدكتور عمر أبو سمرة أخصائي الأمراض الباطنية بوزارة الصحة المصرية، إن هذه الأبحاث الجديدة كشفت العديد من الألغاز الطبية وأن هذه الأمور تظهر عن طريق أبحاث دقيقة جدا لقياس كمية الهرمونات في جسد الرجل، وأن هذه الكميات تتغير من شخص إلى آخر وتعتمد على العديد من العوامل المختلفة والتركيبة البدنية للأزواج. ويرى علماء الاجتماع والنفس أن شعور الرجل بزوجته الحامل وتأثره بكل المتغيرات التي تمر بها وتعاني منها أثناء الحمل هو أسمى أنواع المشاركة، فالحمل مرحلة حساسة للمرأة، وتشهد الكثير من التغيرات على صعيد صحتها النفسية والجسدية، ما قد يخلق المشاكل بينها وبين زوجها، إذا لم يكن متفهما لطبيعة المرحلة التي تمر بها. ويتأثر الرجل بما يقع على عاتقه من مسؤوليات جديدة مرتبطة بحمل زوجته خاصة مع إدراكه لطبيعة التغيرات التي قد تمر بها، كنفورها من أنواع معينة من الأكل، أو تأثير أنواع أخرى عليها سلبا، أو تغير في وضعية النوم، فلا يطلب منها مثلا طهو ما يضايقها، ويحضر لها الأطعمة المفيدة لها صحيا. وينصح العلماء الأزواج بالمعاملة الرقيقة للزوجة خلال الحمل، وعدم إبداء أية ملاحظات سلبية على شكلها، أو بسبب التقلبات في مزاجها، بل ينبغي أن يعاملها برفق، ويشعرها بأنها جميلة في نظره، فالإطراء على شكل المرأة وهي حامل يزرع الثقة بنفسها، ويجعلها تشعر بالرضا. ورغم أن الحمل حدث فسيولوجي طبيعي يحدث في كل الكائنات الحية التي تتكاثر بهذه الطريقة، إلا أنه يحمّل المرأة الكثير من الارتباطات والدلالات البيولوجية والنفسية والاجتماعية التي تؤثر في استقبالها لهذا الحدث وتقبلها أو رفضها له والتفاعل مع الجنين سلبا أو إيجابا حتى لحظة الولادة. وهذا ما يؤكد أن أساس انطلاق التغيرات الفسيولوجية وبدايتها التي يعيشها الرجل مرتبطة بحالته النفسية المتأثرة بحمل الزوجة وانتظار المولود الجديد. والإقرار بوجود مثل هذه التغييرات جعل الأطباء يؤكدون أن الزوج يشارك زوجته أعراض الحمل، وفي هذا السياق اكتشف باحثون أميركيون أن الرجل يتأثر بطبيعة غذاء المرأة في فترة الحمل حيث يشاركها طعامها واهتماماتها بشكل أكبر، وأوضحت نتائج الدراسة أن 26 % من الأزواج أثناء فترة حمل زوجاتهم يتعرضون لتقلبات مزاجية وأن 10% وجدت لديهم رغبة شديدة تجاه بعض الأطعمة وأن 6 % شعروا بغثيان ليست له علاقة بأي مرض آخر. وأرجع الباحثون السبب في هذه الظاهرة الغريبة إلى أن الزوج هو الآخر يكون في فترة حمل زوجته قد بدأ يعد نفسه لأن يصبح أبا مثلما تعد زوجته نفسها لأن تصبح أما وهو ما يجعل الزوج كشريكته يحتاج إلى الدعم. كما شدّدت دراسة نرويجية على أهمية دور صحة الرجل النفسية أثناء حمل زوجته، حيث أن هناك ارتباطا بين الصحة العقلية للأب ونمو الطفل السلوكي والنفسي. واعتمد الباحثون على دراسة بيانات 31663 طفلا في النرويج، تشمل معلومات عن الوضع الصحي والعقلي للآباء في الأسبوع 17 أو 18 من الحمل، ووجد العلماء أنه خلال أربعة أشهر ونصف من الحمل، عانى 3 % من الآباء من مستويات عالية من الضيق النفسي والقلق، مما أثر على مشاكل أبنائهم السلوكية لدى بلوغهم سن 3 سنوات. وأظهرت الدراسة أن الأطفال الذين عانى آباؤهم من مستويات أعلى من القلق، واجهوا أزمات سلوكية وعاطفية بشكل عام، كما أشار العلماء إلى أن اكتئاب الآباء وقلقهم يمكن أن يؤثر على الصحة النفسية للحامل، مما يسبب تغيرات هرمونية لدى الأمهات وبالتالي يؤثر على الحمل. واعتبروا أن الصحة العقلية للأب من المرجح أن تؤثر على صحة الطفل العقلية بعد ولادته، إذ أن الإجهاد العقلي يمكن أن يؤثر سلبا على سلوك الأطفال الصغار.