الدارالبيضاء - شيماء عبد اللطيف
أصبحت مدونة الأسرة في المغرب تفقد مكسبها، بالنظر إلى كم التناقضات التي تحملها والثغرات الموجودة في عدد من نصوصها، والتي فتحت الباب لمجموعة من الاختلالات التي أفضت إلى تعميق مشاكل الأسرة بدل الحد منها، ذلك ما أكدته المنسقة الوطنية لشبكة "أنا روز" الناشطة المدنية عاطفة تمجردين، في حديثها لـ"المغرب اليوم". ورأتَ تمجردين أنّ المدونة أدّت إلى تراكم عدد من الملفات والقضايا التي تهم ثبوت الزوجية والنيابة الشرعية وتدبير الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج، وهي قضايا تقول المنسقة الوطنية للشبكة أنه يفترض أنّ تكون منتهية مع إقرار المدونة، لكن العكس هو الذي حصل بسبب التحايل على بعض الفصول التي يأتي على رأسها الفصل الـ 16 الذي تم استغلاله بشكل شنيع. وأوضّحت منسقة شبكة "أنا روز" أنّه أصبح من الضروري إرساء هيئة علّيا لإصلاح منظومة العدالة، تعمل على إخراج المغرب من متاهة البحث عن نقطة انطلاق إصلاح العدالة التي لم تعد عادلة بل أصبحت ظالمة. وتعتبر وزارة التنمية و التضامن و الأسرة في خلاصات إحصاءاتها عن زواج القاصرات أنّ "هذا النوع من الزواج يعرف ارتفاعاً من سنة لأخرى"، مؤكدةّ أنّها "تولي عناية خاصة لهذا الزواج وتتابعه عن كثب، من خلال تنظيم ورشات والحرص على تطبيق المقتضيات القانونية". وطالب اتحاد العمل النسائي، المسؤولين الحكوميين والمؤسسة التشريعية بمراجعة مدوّنة الأسرة والقانون الجنائي، وإصدار قانون محاربة العنف ضد النساء، وذلك ضمانا لحماية الفتيات القاصرات من تبعات تزويجهن مبكراً، لوقايتهن من الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية الوخيمة للظاهرة. ويأتي هذا المطلب على خلفية رفض اتحاد العمل النسائي استمرار العمل بالمادتين 20 و21 من مدوّنة الأسرة، اللتين يعتبرهما الاتحاد "الاستثناء المخجل في المدوّنة"، الذي يسمح بتزويج القاصر، في ظروف خاصة جدًا، بينما أضحى قاعدة، مع بلوغ عدد زيجات الفتيات القاصرات 47 ألفًا و89 في 2009، ووصل إلى حوالي 12 في المائة من مجموع الزيجات في 2011. ومن الأضرار الصحية والجسدية التي تتحملها القاصر، حسب اللائحة التي رصدها اتحاد العمل النسائي، تمزق المهبل والأعضاء المجاورة، إلى جانب ازدياد معدلات الإجهاض وسطهن لعدم تأقلم الرحم، وارتفاع نسبة الوفيات نتيجة المضاعفات المختلفة الناتجة عن الحمل. ويضاف إلى ذلك ظهور تشوهات في الحوض والعمود الفقري بسبب الحمل المبكر، مع ارتفاع احتمالات اختناق الجنين في بطن الأم القاصر نتيجة القصور الحاد في الدورة الدموية المغذية للجنين. وتؤكدّ تمجدرين ضرورة أخذ حقوق المرأة بعين الاعتبار أيضًا في القوانين الجنائية بما في ذلك المتابعة الجنائية للزوج في حالات اغتصاب زوجته، وأيضًا حقها في الإجهاض في بعض الحالات نتيجة الاغتصاب. وتتجلى إحدى القضايا الساخنة في المجتمع المغربي في وضع الأمهات غير المتزوجات وأطفالهن. وقدرت دراسة لجمعية "إنصاف" غير الحكومية عدد الأطفال من أمهات غير متزوجات بنصف مليون طفل. وهو عدد مرشح للارتفاع الى مليون طفل. وبما أن القانون يعاقب على ممارسة الجنس خارج العلاقة الزوجية ، فإن الأطفال الناتجين عن مثل هذه العلاقات يعتبرون أطفال الخطيئة.