سوسا - أ.ف.ب
يهمس تادايوشي اودونو وهو يرفع شفرته "انه مؤلم اليس كذلك؟ انا آسف ساقوم بذلك بهدوء".. هذا الرجل ليس بجراح بل "نحات اشجار" يصمم "اشجار بونزاي صغيرة جدا" وهو على ثقة ان الشجرة قد تأوهت.يميل هذا التقليد الى الاندثار خصوصا بسبب تقدم "نحاتي الاشجار" في السن وعدم توافر من يخلفهم في هذه الحرفة.لكن في مدينة سوسا الصغيرة الواقعة على بعد مئة كيلومتر من طوكيو يستمر هؤلاء في فتل الاشجار و تجريحها وحزها وشدها لفرض شكل معين عليها.ويقول ماكوتو ايشيباشي وهو يركز على شجرة صنوبر "انها انثى انظروا الى اوراقها الناعمة". ويتنقل مقصه ببراعة من غصن صغير الى اخر لكي تحتفظ الشجرة بشكلها المثلث الذي فرض عليها خلال مرحلة النمو. ويدير ماكوتو (55 عاما) المشتل العائلي حيث عمدت اجيال من اسلافه على فرض "معاناة" على الاشجار باسم جمالية معينة. وتنتشر الكثير من تصاميم سوسا في حدائق ومتنزهات عامة في طوكيو.وبطبيعة الحال ثمة حب كبير للشجرة ومهارة وخفة كبيرتان. ماكوتو يتذكر انه في احد ايام الشتاء الباردة عندما كان يخطو خطواته الاولى في هذه المهنة في سن الثامنة عشرة، وبخه والده لانه كان يضع قفازين. فهو يعتبر ان اليد تفقد كل رشاقتها بذلك.وقد اكتسب قدرة كبيرة على التحكم بما يفعل على مر السنين لكن ماكوتو يؤكد بتواضع ياباني بامتياز، ان عليه ان يتحسن اكثر "لن اتمكن من تعلم كل شيء قبل ان اموت". ويستحق ان يطلق عليه لقب "الرجل الذي يهمس في اذن الاشجار". وهو يقول "الاشجار هي عائلتي. لا تقول لي ماذا تريد لكنها توجه الي رسائل لتشير الى الشكل الذي ترغب به".تادايوشي اودونو هو خبير في تقنية "نومير" الدقيقة التي تقوم على حز اغصان على امتداد طولها لكي تنمو وتنثني نحو الارض وهو من معايير الجمال في الحدائق التقليدية اليابانية. وينبغي الحز بدقة لابقاء الشجرة على قيد الحياة لكن بشكل كاف للحصول على التقويس المطلوب.وان كانت اليابان معروفة بصادراتها الصناعية ولا سيما السيارات والمنتجات الالكترونية، يعتقد في سوسا ان هذه "الاشجار المنحوتة" يمكن ان تشكل سفراء ممتازين لثقافة البلاد وروحانيتها الشهيرة لكن هذه الثقافة ليست برخيصة فبعض تصاميم ماكوتو تباع باربعين الف دولار. ولا تنسى سوسا اشجار البونزاي، لاسيما الصغيرة جدا منها. فهذا الاختصاص الياباني حقق 82 مليون دولار من عائدات الصادرات العام الماضي من بينها 41 % من منطقة شيبا التي تقع فيها سوسا.