الرباط - الدار البيضاء
ما لم يكن يتوقعه مجلس المستشارين المغربي أن يتم وقف مصادقته على مشروع قانون تصفية صندوق معاشات نواب من قبل مجلس النواب المغربي في آخر جلسة من جلسات مجلس النواب!ساد الاعتقاد أن مجلس النواب لن يرد الاقتراح الذي تقدم به مجلس المستشارين، في سياق « المجاملة » التي يمكن أن تمتد في بعض اللحظات بين المجلسين، لكن الذي حدث هو العكس، وهذه المفاجأة التي لم يكن ينتظرها نواب الغرفة الثانية الذين صادقوا بالإحماع في لجن المالية على الصيغة النهائية لمقترح القانون، هي التي أعادت المقترح إلى الأضواء من جديد، وجلته حدثا وسيظل حدثا على الرغم من أن الغرفة الأولى أقبرت المقترح ولو مؤقتا.وإذا كان لا بد من مزيد من التوضيح لعمق الخلاف في مشروع القانون الخاص بتصفية معاشات مجلس المستشارين، فإنه يكمن بالضبط في الرد على السؤال العريض: هل مساهمة مجلس النواب في الصندوق مساهمة للدولة أم لا؟ وإذا كان الجواب على السؤال بالإيجاب، فلماذا أصر نواب الغرفة الثانية على توزيع والاستفادة من هذا المال الذي لا يمكن وصفه إلا بالمال العام؟
في لجنة المالية بالغرفة الثانية، وكما شرحنا في مقالات سابقة، تم التوافق وبالإجماع على توزيع كل رصيد الصندوق المقدر بـ13 مليار سنتيم على كل المستشارين السابقن والحاليين، أي المستفيدين جملة وتفصيلا من رصيد الصندوق. وكانت الطريق لهذا الإجماع هو أن استبعاد توزيع مساهمة مجلس المستشارين ولو أنها مساهمة الدولة، لن يمكن من استفادة كل أصحاب الحقوق، والذين يفوق عددهم عدد المستشارين الحاليين، وهم بالضبط 344 في المجموع.وهذه الخلاصة هي التي راجت مباشرة بعد اللقاء الذي أجراه أعضاء لجنة المالية مع خبراء صندوق الإيداع والتدبير، وتواتر بقوة أن عدم توزيع كل الرصيد لن يمكن كل المستشارين السابقين والحاليين المسجلين في الصندوق من الاستفادة من معاشاتهم.
وفي الجهة المقابلة، وخاصة رواد الفضاء الأزرق وبعد النواب في الغرفة الأولى وحتى الثانية، تسلحوا بالمبدأ وهو والحالة هاته مساهمة الدولة التي تعد مالا عاملا لا يحق توزيعه على المستشارين كمعاشات، وزاد أصحاب هذه المقاربة أن السياق الذي تمر منه الكثير من الفئات بعد تداعيات الجائحة، يفترض تسجيل تنويه والتفاتة وتحويل مساهمة الدولة من الصندوق لفائدة صندوق الجائحة أو صندوق التماسك الاجتماعي.
وإلى هذه الحدود، لم يكن كل المستشارين، على الأقل في لجنة المالية بالغرفة الثانية قد توافقوا على الصيغة الأمثل، إلا بعد أن توصلوا إلى التخريجة التي تفيد أن الجزء المتعلق بمساهمة الدولة سيستفيد منه المستشارين السابقين، ولن يوزع على المستشارين الحاليين. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن التصرف في مساهمة الدولة، وبما أنها مال عام، وسواء استفاد منها المستشارين الحاليين أو السابقين، فإنها لا تصح ما دام أنه مال عام أي مال للدولة.
ولأن الصيغة النهائية لم تكن مقنعة للجميع على الرغم من توقيع أعضاء لجنة المالية، وبسبب استمرار ضغط رواد الفضاء الأزرق، فقد توقف مقترح القانون في آخر لحظ بمجلس النواب، على الأقل بعد أن تبين أن التزام « البام » الذي ضغط في الصيغة الأولى بعدم إدراج حصة مجلس المستشارين في معاشات النواب بالغرفة الثانية سيصبح كلام في كلام إذا أُدرج في الصيغة المعدلة والنهائية، وهو ما كان، فضلا عن رفض مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي اعترضت بدورها على الصيغة النهائية بعد إحالتها على مجلس المستشارين.
إذا كان قد توقف المقترح الضجة في آخر لحظة قبل إحالته على الجلسة العامة لمجلس المستشارين قبل بضعة أسابيع، فها هو يتوقف مرة أخرى في الدقائق الأخيرة في الجلسة العامة لمجلس النواب مساء أول أمس!!
قد يهمك ايضا
“المستشارون” يرفضون التصويت على تصفية “تقاعد” أعضاء مجلسيْ البرلمان