الرباط - المغرب اليوم
على مدار التاريخ، كان كوكب المشترى يعتبر بمثابة إلهًا يتعبد به أصحاب الحضارات القديمة كاليونانية والرومانية والصينية، فقد ارتبط بأساطير وأديان العديد من الشعوب، حيث أطلق عليه الرومان اسم جيوبتر واليونانيون اسم زيوس، في حين مثل عند البابليون الإله مردوخ أهم إله عند تلك الحضارة العريقة.
ولطالما عكفت وكالة "ناسا" على فك ألغاز هذا العملاق الغازي الذي يمتلك 47 قمرًا والذي يشتهر ببقعته الحمراء الضخمة التي قد تبتلع كوكب الأرض بسهولة شديدة، وقد اكتشفه أبو الفيزياء القديمة، جاليلوا عام 1610 ومن قبله بألفي عام عالم الفلك الصيني، كسيزيزونج.
فمنذ عام 1973 زار المشترى العديد من المركبات الفضائية، وكان من أهم هذه الرحلات المسبار بيونز 10، الذي يعتبر أول مسبار أقترب إلى مسافة كافية من أكبر كواكب المجموعة الشمسية وأرسل إلى الأرض اكتشافات حول خصائص والظواهر المتعلقة بالكوكب.
ومنذ ذلك الحين قامت العديد من المركبات الفضائية بمناورات كوكبية جعلتهم قادرين على استكشاف مجالات من المشتري. وقد نجحت مهمتي بيونير في الحصول على صور قريبة للغلاف الجوي للمشتري والعديد من أقماره.
وقد اكتشفت حقل إشعاعي أكبر مما هو متوقع بالقرب من الكوكب، وقد تمكنت كلا المركبتين من النجاة في هذه البيئة. وقد استخدمت مدارات المركبتين لإعادة تقدير كتلة نظام المشتري. وأعطت قياسات الإشارة الراديوية نتائج جيدة وأفضل النتائج كانت حول قطر الكوكب ومقدار التفلطح في القطبين.
والآن وبعد أكثر من عشرات المحاولات لاكتشاف المشترى، يكشف لنا الكوكب العملاق عن أحد أقدم أسراره، ألا وهي العواصف والأعاصير العملاقة التي تجتاح غلافه الجوي، والتي تشبه إلى حد كبير تلك التي تضرب كوكبنا الأزرق.
وفي دراسة جديدة أجريت بالجامعة الوطنية الأسترالية قام فريق من علماء دوليين بدراسة المعلومات التي جاءت بها سفينة الفضاء جونو، والتي تراقب المشترى، واكتشفوا أن طبقات الغاز والغيوم التي تجتاح الغلاف الجوي للمشترى يصل عمقها إلى 3 آلاف كيلو متر، وهي التي تعطي للكوكب ألوانه المميزة كالأحمر والأزرق والأصفر والبرتقالي.
وتقول الدراسة إن التفاعل بين الغلاف الجوي للمشتري ومجالاته المغناطيسية هو السبب الرئيسي لسطوع تلك الطبقات التي تظهر على سطح الكوكب.
وتتكون هذه الغيوم من بللورات الأمونيا وبيكبريتيد الأمونيوم، وتتموضع هذه السحب في طبقة التربوبوز، وتكون مرتبة على شكل نطاقات مختلفة وفق خطوط العرض، وتعرف باسم المناطق المدارية، وهذه المناطق مقسمة إلى مناطق ذات ألوان براقة، وأخرى أحزمة معتمة، ويسبب تداخل هذه الدورات المتضاربة إلى نشوء عواصف واضطرابات وتبلغ سرعة الرياح 100 متر/ثانية.
وتنتج الألوان البنية والبرتقالية لغيوم المشتري من تقلبات العناصر المكونة لها والتي تتغير ألوانها عندما تتعرض للأشعة الفوق بنفسجية القادمة من الشمس. ولكن لايزال التركيب الأكيد لمكونات هذه الغيوم غير مؤكد، ولكن يعتقد أن هذه المركبات عبارة عن مركبات الفوسفور أو الكبريت أو الهيدروكربونات.
وتعرف المركبات الملونه بحوامل الألوان والتي تمتزج بالطبقة السفلية الكثيفة والأكثر سخونة، وتحدث هذه المناطق عندما يزداد الحمل الخليوي مؤديًا إلى تشكل بللورات الأمونيا والتي بدورها تخفي الطبقات السفلية عن النظر.