أكد عدد من الخبراء المغاربة والأجانب، خلال ندوة رقمية نظمها معهد صندوق الإيداع والتدبير، على أهمية اعتماد الاقتصاد الدائري في المدن من أجل جعلها أكثر استدامة واحتراماً للبيئة والمجتمع، واستيعاباً للنمو الديمغرافي ونسبة التمدن الآخذة في الارتفاع.
وقالت راضية الشيخ لحلو، مديرة مكتب الاستشارة "Déclic"، إن الاقتصاد الدائري بمثابة عودة إلى المنطق السليم، أي التحول من اقتصاد وصل مداه يعتمد على الاستخراج والتصنيع والتلويث نحو اقتصاد دائري يسعى إلى خفض الضغط على الموارد الطبيعية.
وأكدت الخبيرة، ضمن الندوة التي نُظمت الثلاثاء، أن "العلاقة بين الاقتصاد الدائري والمدن مهمة جداً، لأن هذه الأخيرة عبارة عن مجالات محددة وصالحة للتجربة، كما أنها حلقة قصيرة يسهل فيها تطبيق هذا النوع من الاقتصاد".
ويرتكز الاقتصاد الدائري، وفق مداخلة قدمتها لحلو ضمن الندوة، على تقليل تأثيرات دورة الإنتاج والاستهلاك، ومحاربة التأثيرات الخارجية السلبية على البيئة والمجتمع.
وأوضحت الخبيرة ذاتها: "نحن اليوم أمام اقتصاد دائري وفق مقاربتين؛ الأولى تنظر له كضرورة عاجلة بسبب استنزاف الموارد الطبيعية وضخامة النفايات على المستوى العالمي، فالفرد الواحد في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يستهلك سنوياً 800 كيلوغرام من الأغذية والمشروبات، و20 كيلوغراماً من الملابس والأحذية، و120 كيلوغرام من مواد التغليف؛ وحوالي 80 في المائة من هذا الاستهلاك ينتهي في مطارح النفايات أو المياه".
أما المقاربة الثانية، تورد لحلو، فتنظر إلى الاقتصاد الدائري "كحامل لفرص مهمة من حيث خلق مناصب الشغل"، إذ أشارت إلى أن "النفايات الإفريقية مثلاً تتكون من المواد العُضوية بنسبة 64 في المائة، أما في أوروبا فهي لا تتجاوز 28 في المائة، وهي مواد يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوي من خلال التحلل الحيوي عند انعدام الأكسجين".
وعبرت الخبيرة المغربية عن أسفها لعدم الحديث بما فيه الكفاية في المغرب عن هذه المواضيع بالغة الأهمية، وكنتيجة لذلك لا يتم انتهاز الفرص الجديدة والمتاحة لخلق القيمة من خلال الاقتصاد الدائري.
وشددت لحلو على أن "المدن أمام ضرورة ملحة لاعتماد الاقتصاد الدائري"، موردةً أن "نسبة التمدن في القارة الإفريقية تشهد ارتفاعاً كبيراً مقارنةً بما هو مُسجل في العالم، فبعد عشر سنوات سيكون هناك 600 مليون إفريقي قاطن في المدن، لكن دون أن تكون هذه الأخيرة قادرة على استيعاب هذا النمو الديمغرافي على مستوى التنقل والسكن والنفايات".
من جهته قال فرانسوا ميشيل لامبرت، رئيس معهد الاقتصاد الدائري بفرنسا، إن الاستمرار في الاستهلاك بمستوى أكثر مما تنتجه الأرض من موارد، خصوصاً في المدن الكبرى، سيؤدي بالعالم إلى الانهيار، وشدد في هذا الصدد على أهمية اعتماد الاقتصاد الدائري كحل يساعد على رفع قدرة العالم على التكيف.
أما غزلان المنجرة، رئيسة Maroc Impact، فاعتبرت أن "الاقتصاد الدائري هو البديل الوحيد أمام النموذج الحالي الذي يستنزف كل شيء"، كما لفتت إلى أن هذا الاقتصاد "هو اقتصاد الاعتدال والرصانة، ليس فقط على مستوى الفرد، بل على مستوى المقاولات والماكرو اقتصادي أيضاً".
وأشارت الخبيرة المغربية إلى أن "الاقتصاد الدائري يُعيد الإنسان إلى مركز الاهتمام، خُصوصاً في ظل الأزمة الحالية التي نعيشها في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، كما أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني".
وذكر جين دنيس كورت، مسؤول قسم إعادة التدوير والاقتصاد الدائري بمجموعة رونو، في الندوة، أن "الاقتصاد الدائري هو الاقتصاد الذي يشتغل حول المنظومات الطبيعية باستحضار العقلنة والترشيد وإعادة التدوير لأكبر قدر مما يتم استهلاكه من طرف الإنسان".
ويرى كورت أن "الاقتصاد الدائري يُجيب عن الحاجة إلى اقتصاد يشتغل على المستوى المحلي ويستعمل الموارد بطريقة أكثر عقلانية واستدامة، ويعمل على تجديدها محلياً، عكس سلاسل القيمة العالمية التي يعتمد عليها الاقتصاد الحالي".
قد يهمك ايضا:
تراكم الديون يؤزِّم الرباط ويدفع المعارضة إلى المطالبة بـ"مالية كورونا"
مكتب الصرف يؤكد انخفاض في العجز التجاري المغربي بـ 22.2%
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر