آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

"تعويذة الحسي" والطرق على المناطق الحساسة في الروح

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

تقدم بعض الكتب وجهة نظر جديدة للحياة ولطبيعة لعلاقة الانسان بالكون والأرض وأرواح الكائنات التي تحيا عليه. وهذا النوع من الكتب لا يخص قارئا بعينه سواء أكان متخصصا أو معنيا بالثقافة العامة؛ لأن هناك وجهة نظر مختلفة سوف يتلقاها وتساعده على اكتشاف رؤى وأفكار غابت عنه في زحمة الحياة المدنية المعاشة.المؤلف ديفيد إبرام يقدم في كتابه "تعويذة الحسي" – الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة – فرصة عظيمة لإعادة اكتشاف العلاقة المنسية والمشوهة بين الكائن والكون، كما يقدم إعادة اعتبار للقيمة الحقيقية للهواء – الرياح – الأنهار – الاشجار – الغابات – الكلمات - المخلوقات المرئية وغير المرئية؛ مبررا حاجتنا الى كل هذه الأشياء لأسباب نفسية ضرورية أكثر مما هي ملحة لبقائنا الجسدي. تكشف القراءة المتأنية لهذا الكتاب عن تدهور علاقة أبناء المدن المزدحمة بالطبيعة حيث الحداثة والتحديث هو إبعاد تام للطبيعة سواء على الأرض أو في أرواح الكائنات التي تحيا عليها، لذا يعيد هذا الكتاب الطرق على المناطق الحساسة في الروح؛ كي يستعيد الإنسان الحديث علاقته العضوية والمنسية مع أصل الكون وبالتالي مع ذاته التي صارت شبه آلية في جانبا منها. في مقدمة الكتاب تحرص المترجمة ظبية خميس على ذكر الاسباب التي حثتها على ترجمته وكيف أسهم هذا النص في مساعدتها على تشكيل رؤى جديدة للعالم من حولها تقول "أثار هذا الكتاب ولعي ومحبتي، ومن روح المحبة تلك كان التماس مع كلمات ديفيد ابرام، كنت أترجم ما أقرأه بضوء القلب".وتتابع قائلة: بتأثير من "تعويذة الحسي" انتقلت من الحياة في قلب المهندسين المكتظ بعماراته وزحام المرور والمحلات التجارية للسكن على أطراف المدينة ومشارف سقارة حيث سنح لي الاستماع إلى غناء الكروان صباحا، وإلى تأمل جلال الأهرامات وهي تقف كرمز لاتحاد الكائن والحجر في صناعة الحضارة الإنسانية، واستطعت أن أستوعب ذلك التقديس الفرعوني لأنواع كثيرة من فصائل الحيوانات فضلا عن الشمس والكواكب والنجوم. إن الفرضية البسيطة التي يقدمها الكتاب والتي سعت المترجمة إلى إيضاحها تتلخص في أننا كائنات إنسانية فقط عبر التواصل والأصغاء لما هو بشري وغير بشري. لكن هل هذا يعني أن علينا التخلي عن التكنولوجيا المعقدة التي ابتدعناها؟ كلا إنها لا تعني ذلك، لكنها تعني أن نسعى لتجديد معرفتنا بالعالم الحسي؛ حيث تجذرت منه كل تقنياتنا وأدواتنا التكنولوجية، فمن دون أوكسجين أنفاس الغابات، وبدون قبضة الجاذبية الأرضية وسحر جريان الأنهار لن يكون لدينا مسافة تبعدنا قليلا عن التكنولوجيا التي ابتدعناها ولا كيفية لتقييم محدوديتها، ولا طريقة لمنع أنفسنا من التحول إلى آلات.يقول المؤلف "إن الصناعات المنتجة للاستهلاك العام في العالم المتحضر من علب اللبن الكرتونية الى أجهزة الغسالات الكهربائية وأجهزة الكمبيوتر تجذب حواسنا إلى رقصة تكرر نفسها، حين تسيطر أجسادنا على الأشياء المصنوعة آليا لا تتعلم حواسنا شيئا، لأن الأشياء مع الوقت تصير عاجزة عن ادهاشنا، لذلك فإننا نسعى باستمرار للحصول بروح استهلاكية على أشياء مصنوعة حديثا، تقنيات وآلات جديدة، آخر موديل من هذا أو ذاك، إنها شبكة لا تنتهي علينا أن نحرر أنفسنا منها".لقد قدم المؤلف ديفيد إبرام في هذا الكتاب فرصة لإعادة اكتشاف العلاقة المنسية والمشوهة بين الكائن والكون .. وسعى لإعادة الاعتبار للقيمة الحقيقية للهواء – النفس وبالتالي النفس – يدا بيد مع الرياح والكلمات والمخلوقات المرئية وغير المرئية. وبالنسبة للقارئ العربي – سواء كان متخصصا أو معنيا بالثقافة العامة – فإن هنالك وجهة نظر جديدة سوف يتلقاها؛ وخصوصا أبناء الحافلة بالزحام والضوضاء؛ حيث التحديث هو إزاحة كاملة للطبيعي .. إن "إبرام" يعيد الاعتبار إلى أنسنة الانسان بكل ما يتجلى من احترام الطبيعي والطبيعة، وإن دراسة الميثولوجيا والأساطير القديمة تمتلئ بكل ذلك؛ وما سعى إليه المؤلف هو إيقاظ الحواس والعلاقات المنسية لا كشكل انتكاسي من أشكال أطوار الحضارة وإنما في عملية متكاملة مع ما قد وصل إليه الانسان من تقدم وتطور لا يمكن المحافظة عليه إلا بأنسنته؛ ولا يمكن لتلك الأنسنة أن تأخذ حضورها الحقيقي إلا عبر التواصل الحميم مع الجذور الطبيعية لأصل هذا الكائن وحضارته التي أخذت أصواتها من الطبيعة.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعويذة الحسي والطرق على المناطق الحساسة في الروح تعويذة الحسي والطرق على المناطق الحساسة في الروح



GMT 11:56 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

المغرب الفاسي يتعادل وديًا أمام اتحاد الزموري الخميسات

GMT 03:10 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أيتن عامر تستعد لعرض فيلم "بيكيا" مع محمد رجب

GMT 20:53 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

تتويج سيدات الأهلي للسلة بذهبية دوري المرتبط

GMT 13:03 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف علي وأحمد الحجار في "بوضوح" الخميس

GMT 00:09 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي المصري يصعد على حساب الداخلية بثنائية حاسمة

GMT 17:06 2017 الجمعة ,07 إبريل / نيسان

حورية فرغلي تفضل العمل مع أحمد عز ومحمود حميدة

GMT 18:50 2016 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"شنبو" الفضائيّة تعرض فيلم "إبن حلال" على مدى أسبوع

GMT 19:12 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مروض طبي ينقذ حياة لاعب اتحاد طنجة

GMT 07:11 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع بشهر عسل رومانسي وهادئ في جزر المالديف
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca