آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

"عجائب بغداد"زمن مستقطع من تاريخ الحرب الأهلية في العراق

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

بغداد ـ وكالات

تتحرك رواية «عجائب بغداد» للروائي والقاص العراقي وارد بدر السالم (دار الثقافة للشر والتوزيع – 2012) على مسافة متوازية بين المتن والهامش إلى الحد الذي يتماهى في كثير من الأحيان ما يدخل في باب المتن مع الهامش أو بالعكس. ومثلما قد لا تجد بطلا محددا لهذه الرواية فإن ما يبدو هامشا يؤثر في صنع الحدث الروائي أو تكييفه لصالح عملية السرد مثلما هو المتن الحكائي. وحيث إن وارد اعتمد أسلوب القص أو الحكاية، التي تبدو أحيانا على شكل رسالة أو لنقُل رسالة طويلة وممتدة بين المراسل الصحافي (البطل المفترض للرواية)، ولكنه في الحقيقة الراوي العليم، وبين بوحمد مدير تحرير الجريدة التي يعمل فيها المراسل عراقي الأصل، الذي انتدبه للعمل في العراق في أكثر الأزمنة خطورة، وهي الحقبة التي تلت أحداث سامراء عام 2006، فإنه سعى لربط الأحداث والوقائع بعضها مع بعض عبر نسيج متكامل غلبت عليه ظاهرا السمة السردية المباشرة التي تقرب من الخبر الصحافي أو التقرير. ولكنها، في حقيقة الأمر، محكومة بتنقية روائية عالية اتضحت معالمها في الربع الأخير من الرواية. يقول الروائي وارد بدر السالم لـ«الشرق الأوسط»: «إنني لم أفكر بكتابة (عجائب بغداد) إطلاقا، غير أن مصادفة غريبة من نوعها أدخلتني في دوامتها، ذلك أني كنت أكتب في رواية اسمها (مقابر طائفية)، لكني وجدت أن بها حاجة إلى (استهلال) أو (عتبة) أو (دخول آمن). وكان قراري أن خمس صفحات تكفي للتمهيد الآمن لتنظيم عملية الحكي بسلاسة.. غير أن هذا المدخل الآمن الذي أزعمه طال واستطال بيدي وامتد شهورا لتكون (عجائب بغداد) رواية مستقلة، لا علاقة لها بمشروعي الأول». تبدأ أحداث الراوية على مستوى السرد من تاريخ مقتل الصحافية العراقية أطوار بهجت في الثاني والعشرين من فبراير (شباط) عام 2006 في مسقط رأسها مدينة سامراء بعد أحداث سامراء الشهيرة التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر التوافق الطائفي الهش في العراق، لتبدأ بعده إحدى أسوأ الحروب الطائفية في تاريخ العراق الحديث. ومن تلك الواقعة - التاريخ دخلت الرواية في صلب الأحداث والوقائع العراقية حد التفاصيل بين فنادق العاصمة التي تم اتخاذها مقرات لعمل المراسلين العرب والأجانب بوصفهم شهودا على ما جرى وضحايا في كثير من الأحيان مثل «الشيراتون» و«فلسطين» إلى «المنطقة الخضراء»، وانتهاء بـ«القرية البوذية» التي تمثل البديل الرمزي لما حصل من أحداث مأساوية في العراق تغير معها مجرى كل شيء حين أصبح القتل على الهوية وكاد المجتمع أن يضيع تماما. ويضيف الروائي قائلا: «لا يوجد ما هو غريب في الرواية. كل شيء تعرفونه في الواقع.. توجد عجائب فحسب.. الرواية واقعية إلى حد الاستهلاك.. وعجائبيتها من فانتازيا الواقع أثناء الاحتلال الأميركي وما حدث عبر سنواته الرمادية».لقد حاول وارد أن يبني أطرا رمزية فيها شيء من الواقعية السحرية مثل الإصبع الحي والرأس المقطوع، بل وحتى القرية بكل ما تنطوي عليه من عوالم خيالية، وإن كانت من بنات أفكار «الأستاذ»، وهو أحد أبطال الرواية المفترضين الذي حاول أن يبني مجتمعا فاضلا على أنقاض الخراب، لكنها مثلت معادلا موضوعيا لكمية الخراب المجتمعي الذي تسببت به تلك الحرب الأهلية. يغوص الروائي في قاع المجتمع لكي يكشف لنا ما يمكن أن تنتجه الحروب من قذارات.يضيف وارد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن الواقع الصارم أعطاني فسحة للاستعانة بخيال خصب وصارم هو أيضا لتفادي الاصطدام بين خطين ملتهبين من فتنة محلية، لذلك تجدون أن (أهم) شخصيات الرواية ظهرت في الربع الأخير منها. ولم تظهر، كما درجت العادة، في البداية، وأعني بهما على وجه التشخيص (الأستاذ) و(الصياد)، فهما بؤرتا الرواية». وإذا كان المؤلف لم يركز كثيرا على الحرب الأميركية على العراق على مستوى الوقائع المباشرة إلا من خلال نماذج معينة مثل مايكل (الجندي الأميركي الشاذ) ونظيره العراقي (الشاذ هو الآخر)، وكأنه يريد أن يرسم مشهدا لصورة أخرى من صور الدمار الأخلاقي والنفسي الذي تنتجه الحروب مهما كانت دوافعها وما تحمله من شعارات مثل الديمقراطية والحرية والتقدم والازدهار وسواها مما صدم به العراقيون وهم يدفعون أثمانها الباهظة من خلال الهويات التي كان يلفظها نهر دجلة بعد أن يبتلع جثث أصحابها من المقتولين على الهوية خلال سنوات الحرب الأهلية، تلك الهويات التي برع في اصطيادها ما عرف بصياد الجثث. وإذا كان الروائي قد اعتمد الوصف العام للمشاهد والوقائع والأحداث فضلا عن تنميته خطوطا عاطفية جمعته مع لورا وميريام في محاولة منه لصنع نوع من الترابط بين ما هو وصفي عام للوقائع وما يدخل في باب المشاعر والأحاسيس الإنسانية النبيلة التي لا يمكن لأية قوة دمار في الأرض أن توقف نموها فضلا عن تفجرها، فإنه اعتمد أيضا أسلوب التنويع في عرض الوقائع والأحداث وما تتطلبه من مواقف واستنتاجات باعتبار أن الراوية شاهدة على ما جرى. وبالتالي فإن الروائي وبقدرة ممتازة على ربط الوقائع معا تمكن من اللعب على حبال ما هو غرائبي حينا وما هو وثائقي وريبورتاجي بحت حينا آخر.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عجائب بغدادزمن مستقطع من تاريخ الحرب الأهلية في العراق عجائب بغدادزمن مستقطع من تاريخ الحرب الأهلية في العراق



GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca