آخر تحديث GMT 06:25:28
الخميس 27 شباط / فبراير 2025
الدار البيضاء اليوم  -
أخر الأخبار

"رمال ناعمة"درية الكرداني تتحرر من عبوديتها بالحكاية

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

القاهرة ـ وكالات

في حكايات ألف ليلة وليلة تتوسل شهرزاد بسرد قصص تبتكرها لكي تطيل عمرها ليلة بعد أخرى وفي رواية "رمال ناعمة" تستعين الكاتبة المصرية درية الكرداني بالحكاية لكي تخلص بطلة روايتها من عبء يكاد يصيبها بالجنون وحين فتحت "صندوق الكلام" تعافت من وطأة "عبوديتها" لزوج هو النموذج لازدواجية المثقف وتناقضاته.فالفنان التشكيلي بطل الرواية أو زوج البطلة كان رمزا للتمرد والتحرر في سنوات التمرد والتحرر ولكنه في مرحلة لاحقة في ثمانينيات القرن العشرين بدا في كثير من المواقف زوجا تقليديا محافظا يتعمد طمس شخصية زوجته الشابة ويفتعل مواقف لإهانة كبريائها وأنوثتها ويعاملها كخادمة كما تقبل الفنان الذي كان متمردا فكرة تسليع أعماله وخضوعها لمنطق السوق.وبطلة الرواية التي بدت مطيعة ومستلبة وأقرب إلى الخادمة أو الممرضة رهنت حياتها لزوج لا يؤمن بها وعاشت في ظله أطول مما تحتمل زوجة وتأخر تمردها بشكل لا نجد له مبررا فنيا في الرواية التي تقع في 315 صفحة متوسطة القطع وأصدرتها دار الثقافة الجديدة في القاهرة. ولكن تلقائية الرواية -التي حفلت بكثير من الأخطاء النحوية والأسلوبية- نجحت في أن تجعل القارئ شريكا في الأحداث التي لم تكن مفاجئة إذ لم تخفها بطلة الرواية في الصفحات الأولى وهي تسجل أنانية الزوج صاحب الذات المتضخمة وهو يقول لها "حافظي علي كفنان فيصبح مجدي وما أحقق لنا نحن الاثنين معا". وسوف يمر نحو 20 عاما وأكثر من 220 صفحة في الرواية حتى تكتشف البطلة أنها كانت "مريضة بالارتباط به" وهو غير مبرر فنيا أيضا إذ لم تشعر طول هذه السنين بالتحقق الجنسي أو الشخصي.ومؤلفة الرواية درية الكرداني -التي تعمل مدرسة للغة العربية في جامعة نورث كارولاينا بأميركا- عنيت بتفاصيل كثيرة وصغيرة تتناول سيكولوجية بعض المثقفين وطبيعة عمل الفنان التشكيلي واستغراق الزوجة في أعمال منزلية عادية ولكن السرد منحها جمالا كأن القارئ يراها للمرة الأولى. ففي مشهد طويل جدا كانت الزوجة مشغولة بغسل الأواني في المطبخ وطلب منها أن تعد له عصير برتقال وتأخر إعداد العصير قليلا فلاحقها "الفنان" باتهام يليق برجل تقليدي "أنت لم تخلقي لتكوني زوجة" وهي تحاول الانتهاء وتغني ففوجئت به ينقض عليها ويمنعها أن تغني وامتدت يداه لتشل حركتها وتخنقها ولم تستطع الفكاك من يديه إلا بضحك هستيري ورشه برغاوى الصابون وهو يلومها "بللتني. وبماء وسخ؟" وهو الموقف الحاسم الذي قررت بعده ألا تقبل الذل. وسوف تكتشف الزوجة الشابة جانبا مما تراه ازدواجية للمثقف حين يقول لها زوجها الفنان "طاعة الزوج من طاعة الرب. الشرع يقول إن حق المرأة على زوجها مرة واحدة بعد الزواج" بل يستكثر عليها أنها أطول منه قامة وهي ترد مندهشة "لو كنت فكرت أنك ستقول يوما (الشرع) ما تزوجتك. ألم تقل إنك يساري يدافع عن مبادئ كذا وكذا؟".وكأن الراوية تريد أن تثبت للقارئ نسبية الأشياء والمواقف فما يراه البعض امتهانا يراه آخرون تضحية.. فالبطلة وهي طالبة جامعية معتزة بنفسها تماهت مع شخصية الفنان التشكيلي الذي تراه أحد مثقفي مصر العظام وتقول عنه أحيانا "معبودي" و"إله لا يرضى" ولكنها تنازلت عن حماسها لأفكار "المساواة وحقوق المرأة". وعلى الرغم من امتهانه لها وتسفيه أفكارها وعدم إيمانه بأنها تصلح لأي شيء فإنها لم تكن تشعر "بوجود الرجال الآخرين كرجال" وظلت تنتظر أن يمنحها الزوج بعض الحب والاهتمام وبعض الثقة.وسوف يتأكد لها أنها كانت مبالغة في تصورها "عن احترام وتقديس الفنانين والشعراء والكتاب" من خلال مواقف كثيرة منها ظهور امرأة في حياة زوجها ورأى أنها "يمكن أن توصله لطبقة الأغنياء الجدد" ولكن الزوجة الشابة تنصحه بالابتعاد عن هذه المرأة لأن مهمتها "ربط الفن في مصر برجال الأعمال... حتى ينتهي بعد قليل التمرد عند الفنانين ويخضعون لمنطق العرض والطلب والفلوس... ضايقني أن يتحول هو لسلعة". وجاءت فكرة الكتابة عزاء للزوجة وعلاجا تسترد به وعيها وثقتها بالذات وليس انتقاما من الماضي إذ تتساءل.. "لماذا إذن لا أخرج الحكاية فأتطهر وأرتاح" وربما كانت كلمة "أتطهر" أكبر من السياق لأن الزوجة كانت تريد أن تتصالح مع الماضي الذي لم يكن خطيئة إلا في حق شخصيتها وتأجيل أحلامها. ولكن بطلة الرواية بعد انفصالها عن زوجها وتصالحها مع الماضي انخرطت في علاقات مع أجانب في مصر وخارجها وهو انقلاب مفاجئ لا تمهد له شخصيتها ولا تربيتها المحافظة بصورة مقنعة فنيا ولكنه جاء في الفصول الأخيرة كمحاولة للتحقق الإنساني والجسدي.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمال ناعمةدرية الكرداني تتحرر من عبوديتها بالحكاية رمال ناعمةدرية الكرداني تتحرر من عبوديتها بالحكاية



GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 23:17 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مناقشة استخدامات البلوك تشين في التعليم العالي

GMT 09:45 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

طقس غير مستقر في معظم المناطق المغربية

GMT 20:17 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

العثماني يتلقى الضوء الأخضر لتعيين وزير جديد في حكومته

GMT 04:58 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

صوماليات تمارسن الرياضة وتضربن بالتقاليد عرض الحائط

GMT 06:52 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

حذاء "كيتن" بالكعب العالي يتألق على عرش موضة 2017

GMT 05:26 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة توضح مزايا ثمرة التوت الأزرق بالنسبة للأطفال

GMT 07:53 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

رينج روفر مدعمة ببطارية لقيادتها كهربائيًا لمسافة 51 كم

GMT 10:38 2016 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

باحثون يكتشفون ضفدع الشجرة من جديد بعد إعلان انقراضه

GMT 00:34 2017 الخميس ,27 تموز / يوليو

مارك فوت ينتقد أداء اللاعبين أمام جزر موريس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca