آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

"المسغبة" ملحمة سردية لـ ثائر الناشف عن فواجع الحرب في سورية

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

ملحمة سردية
الرباط - الدار البيضاء

صدرت عن دار أوراق للنشر والتوزيع في القاهرة رواية "المسغبة" للكاتب السوري ثائر الناشف المقيم فى النمسا، وهى واحدة من بضع روايات كتبها عن الأحداث التى عصفت بسوريا منذ مطلع العام 2011 فتنوعت مواضيعها بين الاحتجاجات والمظاهرات والاعتقالات، لكن الرواية الأخيرة جاءت مكرسة بشكل كامل لرصد وقائع الحرب السورية، فبدت كما لو أنها الوثيقة التاريخية الخاصة بحاضر سوريا ومستقبل أجيالها.  
 
تقع الرواية فى ثلاثة مجلدات فى واقع ألف وثمانمائة وست عشرة صفحة (1816) ضمن ثلاثمائة وخمسين ألف كلمة، وقد جاءت فى ثلاثة أجزاء متصلة وغير منفصلة فى جوهر الموضوع؛ سواء فى سرد الأحداث اليومية أو فى تعاقب ظهور الشخصيات التى فاق عددها أكثر من مائتى شخصية محورية وثانوية؛ والتى تمثل ألوان الطيف السورى كله.
 
احتل حصار مدينتى الزبدانى ومضايا السوريتين المتاخمتين للحدود اللبنانية محور أحداث الرواية، حيث إنها تستعرض وقائع المعارك المحتدمة بين التنظيمات الإسلامية المسلحة وقوات الجيش السورى وحزب الله ثم تنتقل عبر فصولها المتعاقبة إلى عرض وقائع الحصار المؤلم الذى تسبب فى دفع السكان المحاصرين إلى التهام أوراق الأشجار والحشائش والأعشاب الضارة، فضلا عن التهام القطط والكلاب، كآخر وسيلة لهم للبقاء على قيد الحياة، وكأن الكاتب إنما أراد أن يشد أنظار العالم فى ملحمته السردية إلى وقائع حرب طروادة التى خلدتها ملحمة الألياذة، وغيرها من الحروب التى خلدتها الملاحم الأدبية مثلما تعامل معها الكتّاب الروس كنهج أدبى راسخ فى وجدان الشعوب.
 
فالمجاعة التى لحقت بالمدينتين المحاصرتين كانت نقطة التحول الأساسية التى بنى الكاتب عليها روايته، حيث أنه كشف عن معظم التحولات الاجتماعية التى أصابت الناس، ودفعت بعضهم إلى اليأس والبعض الآخر إلى الانتقام والهروب، كما أن الرواية تضع هؤلاء الناس المحاصرين بين حجرى رحى، باعتبار أنهم ضحايا الحرب، فلا هم كانوا يقفون أساسًا إلى صف قوات الجيش السوري، ولا مع المقاتلين الإسلاميين منذ بداية نشوب الحرب.

توثق الرواية عمليات تهريب الأسلحة عبر الأراضى اللبنانية بين رجالات حزب الله والتنظيمات الإسلامية المتشددة التى تشترك فى حصار المدينتين من خلال بسط سيطرتها عليهما، وفى الوقت عينه ترصد الصراع المحتدم بين المقاتلين الإسلاميين وحزب الله، وتكشف عن مجمل التحضيرات العسكرية والاستعدادات الأمنية بين الجانبين السورى والإيرانى قبل بدء حصار المدينتين، كما أنها تخوض فى غمار المعارك الطاحنة بين الميليشيات الأجنبية والمحلية التى اشتركت جميعها فى حصار المدينتين الجبليتين (الزبدانى ومضايا) الكائنتين فى ريف دمشق المحاذى للحدود السورية اللبنانية عند سفوح الجبل الشرقي.
 
احتوت الرواية كذلك عشرات الشخصيات المحورية التى توالى ظهورها المتعاقب فى متن الرواية فى ظل شيوع المجاعة التى تسببت فى تساقطهم جوعًا ومرضًا واحدًا تلو الآخر، وذلك بعدما نحلت أجسادهم الضعيفة، وبرزت عظامهم، وتغيّرت طباعهم وأهوائهم، ولعل تركيز الكاتب على شخصية حسان آغا يفى باستجلاء الوجع الإنسانى الذى سارت من أجله مجمل الأحداث، ولذا فإن الآلام المضنية التى تعرض لها – حسان آغا- والخسائر الفادحة والأثمان الباهظة التى دفع فاتورتها من دمه ودم أطفاله عكست معنى الرواية من خلال اسمها، وحسان آغا هو بطل الرواية من أصل كوردى سريانى لطرف جده خليل آغا الذى يبرز دوره فى أول فصول الرواية كأحد الأمراء الإقطاعيين الكورد فى منطقة آمد.  
 
ضمت الرواية ثلاث رسومات مختلفة على أغلفة مجلداتها الثلاثة من عمل الفنان الكوردى ديلاور عمر، وهى تعكس مختلف حالات البؤس والضياع والقهر الذى شاب حياة السوريين خلال سنوات الحرب الطاحنة، فيما استغرق إنجاز الرواية كنص سردى لامست أجزاؤه ومشاهده المكثفة فواجع الحرب المريرة فى كل تحولاتها وتقلباتها- أكثر من ثلاث سنوات امتدت من صيف العام 2016 حتى مطلع العام 2020، وهى تعد بذلك أطول وأضخم رواية فى الأدب العربي، كنص غير مجزّأ فى عناوينه العامة، أو مقسّم فى أحداثه وشخصياته القائمة فى متن النص، بل إنها تعد واحدة من أطول خمس روايات حرب فى سلسلة الأدب العالمى.      
 
ثائر الناشف، وهو كاتب وإعلامى سوري؛ ولد فى الثامن من مارس عام 1982 فى مدينة الرقة السورية، دَرَسَ الآداب والعلوم الإنسانية فى جامعة دمشق، وتخرّج من كلية الإعلام والصحافة عام 2005؛ وكان قد غادر سوريا عام 2007 بسبب مواقفه السياسية آنذاك، أصدر العديد من المؤلفات المسرحية، والكتب الفكرية والنقدية، ثم غادر مصر إلى أوروبا فى مطلع عام 2015 بعد أن أصبح بأمس الحاجة إلى جواز السفر؛ والذى حُرِمَ من الحصول عليه لأكثر من ست سنوات.  

وقد يهمك ايضا:

"التعليم" تكشف عن حقيقة إغلاق المؤسسات التعليمية في سلا

مدارس مغربية خاصّة تنادي بوقف تسليم شهادات المغادرة تفاديا للإفلاس

   
casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسغبة ملحمة سردية لـ ثائر الناشف عن فواجع الحرب في سورية المسغبة ملحمة سردية لـ ثائر الناشف عن فواجع الحرب في سورية



GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca