برلين ـ وكالات
يُرجع أغلب المحللين أسباب إخفاق المنتخبات العربية في بطولة أمم إفريقيا 2013 إلى غياب إستراتيجية التكوين سواء داخل المنتخبات أو الأندية بالإضافة إلى غياب القتالية والحماس لدى بعض اللاعبين المحترفين بالأندية الأوروبية.لأول مرة منذ 21 عاماً لم ينجح أي منتخب عربي في التأهل للدور الثاني لبطولة أمم إفريقيا، فالمنتخبات العربية الثلاثة التي شاركت في المونديال الإفريقي في جنوب إفريقيا (كان 2013)، وهي المغرب والجزائر وتونس، ودعت المنافسات مبكراً مخلفة ورائها الكثير من علامات الاستفهام حول سبب هذا الإخفاق. المنتخب الجزائري كان أول العرب الذين ودعوا البطولة بعد تلقيه خسارتين متتاليتين، الأولى أمام جاره تونس بهدف دون مقابل والثانية أمام منتخب توغو بهدفين دون مقابل.أما المنتخبان التونسي والمغربي فظلت حظوظهما قائمة حتى المباراة الثالثة، غير أن اكتفاء المغرب بالتعادل أمام البلد المضيف جنوب إفريقيا. وتعادل تونس أمام توغو عجل بالتحاقهما بالمنتخب الجزائري وتودعيهما للبطولة من الباب الضيق، لتكون هذه هي المرة الرابعة في تاريخ بطولة أمم إفريقيا، تغيب فيها الكرة العربية عن الأدوار النهائية، بعد أن كانت منتخباتها تصول وتجول في أدغال القارة الإفريقية في زمن غير بعيد، خاصة عبر المنتخب المصري الذي أحرز ثلاثة ألقاب إفريقية في ظرف تسع سنوات.خبرة أديبايور كانت أقوى من حماس المدافعين الجزائرينمشاركة المنتخب الجزائري في دورة جنوب إفريقيا اعتبرت ثان أسوء مشاركة "للخضر" في بطولات أمم إفريقيا بعد دورة 28 في بوركينا فاسو، عندما هُزمت الجزائر في ثلاث مباريات تحت قيادة المدرب الأسبق عبد الرحمان مهداوي. خروج المنتخب الجزائري من الدور الأول لبطولة أمم إفريقيا 2013 خلف خيبة أمل كبيرة لدى الجماهير الجزائرية والعربية، خاصة في ظل التطور الكبير الذي شهدته الكرة الجزائرية في السنتين الأخيرتين منذ تولي البوسني وحيد حاليلوزيتش مسؤولية تدريب منتخب الخضر. فقد أصبحت الجزائر تعتلي ترتيب الفرق الإفريقية في تصنيف الفيفا، بالإضافة لتأهلها السهل للنهائيات.لكن الكثير من المتتبعين يحملون المدرب حاليلوزيتش مسؤولية الإخفاق في (كان 2013) من بينهم المدرب السابق للمنتخب الجزائري رابح سعدان، الذي صرح لصحف جزائرية بأن المدرب البوسني "فشل في مهمته بدليل إقصاء المنتخب من الدور الأول". وانتقد سعدان حاليلوزيتش بعد استغنائه عن ركائز المنتخب المشاركين في نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا، وقال: "خطأ كبير اقترفه حاليلوزيتش بإبعاده عامل الخبرة من صفوف المنتخب".من جهته يرى الإعلامي المغربي ونائب رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية بدر الدين الإدريسي بأنه يجب التعامل بالحكمة مع هذا الإقصاء كي لا ينهار بناء مشروع كبير له مستقبل واعد بدأت ملامحه تظهر منذ التعاقد مع المدرب وحيد حاليلوزيتش، محذراً في الوقت ذاته من العودة لنقطة للصفر. ويبدو أن الاتحاد الجزائري لكرة القدم اختار أيضاً هذا الطريق عندما قرر الإبقاء على حاليلوزيتش رغم الانتقادات الحادة على الصعيدين الإعلامي والجماهيري، خاصة وأن المنتخب الجزائري تنتظره مواجهة مهمة أمام بنين في آذار/ مارس المقبل ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال البرازيل 2014.فرحة لم تكتمل للمساكني بهدف الفوز في شباك المنتخب الجزائريحال المنتخب التونسي في بطولة أمم إفريقيا 2013 لم يكن أفضل من نظيره الجزائري، فالبرغم من فوز رجال سامي الطرابلسي في مباراتهم الأولى على الجزائر بهدف دون مقابل، إلا أنهم لم يعرفوا كيف يستثمرا هذا الفوز. فتلقوا هزيمة قاسية أمام ساحل العاج في المباراة الثانية بثلاثية نظيفة، وضيعوا في المباراة الأخيرة فرصة التأهل بعد اكتفائهم بالتعادل بهدف لمثله أمام توغو.الصحف التونسية وجهت انتقاداً لاذعاً للمدرب سامي الطرابلسي، وكتبت صحيفة الشروق اليومية: "الطرابلسي فعل ما أراد وحان وقت الحساب... يجب محاسبة مدرب ضرب بمصلحة المجموعة عرض الحائط وفعل ما أراد من أجل الدفاع عن مصالحه الضيقة ولم ينجح إلا في ربط علاقات وطيدة جداً مع وكلاء اللاعبين".غير أن اللاعب الدولي السابق في صفوف المنتخب التونسي خالد بدرة يرفض تحميل سامي الطرابلسي لوحده مسؤولية الإقصاء. وقال بدرة في حديث مع DWعربية إن "الجميع يتحملون مسؤولية الإقصاء" وإن اختيار الإمارات للاستعداد لبطولة أمم إفريقيا لم يكن موفقاً "نظراً للاختلاف الكبير بين مناخ الإمارات وجنوب إفريقيا التي ترتفع مدنها كثيراً عن سطح البحر مما يتطلب جهداً بدنياً مضاعفاً".علاوة على ذلك يرى خالد بدرة بأن إقصاء المنتخب التونسي يرجع لأسباب عامة تتمثل في القاعدة والتكوين سواء على صعيد الأندية التونسية أو المنتخب. "فمنذ كأس العالم لم يتم تكوين لاعبين قادرين على اللعب في خط الدفاع بشكل جيد مما جعلنا نعاني كثيراً من الخلل في مركز الدفاع". كما اشترط بدرة ضرورة إسناد مهمة التسيير والإشراف على كرة القدم لأشخاص سبق لهم ممارسة اللعبة وليس لأشخاص دخيلين على كرة القدم، وإلا "سيظل الفشل حليفنا في البطولات المقبلة".إضافة لبلهندة كان مستوى امرابط (يسار) ضعيف جدا في جنوب إفريقياأما بالنسبة للمنتخب المغربي، فمن المؤكد أن فشله في التأهل للدور الثاني لا علاقة له باختيار مكان التحضير لبطولة أمم إفريقيا، فقد وفر الاتحاد المغربي الظروف الملائمة للتحضير وقضى المنتخب المغربي أكثر من أسبوعين في جنوب إفريقيا قبل انطلاق المنافسات للتأقلم مع المناخ والرفع من اللياقة البدنية. غير أن الأداء على أرضية الميدان جاء مخيبا للآمال خاصة في المباراتين الأوليتين أمام أنغولا والرأس الأخضر، حيث اكتفى أسود الأطلس بالتعادل بدون أهداف في الأولى وبهدف لمثله في الثانية.وكان رجال رشيد الطاوسي مطالبين بالفوز على منتخب جنوب إفريقيا لضمان التأهل لكنهم اكتفوا بالتعادل بهدفين لمثلهما بعد أن كانوا متقدمين في مناسبتين، ليكرروا سيناريو الدورة السابقة مودعين البطولة من دورها الأول.المدرب المغربي مصطفى مديح لخص في حديثه مع صحيفة المنتخب المغربية فشل الكرة المغربية في ثلاثة أسباب: أولها تواضع مستوى بعض اللاعبين الذين راهن عليهم رشيد الطاوسي لكنهم لم يقدموا المستوى المعهود الذي يقدمونه مع أنديتهم الأوروبية. أما السبب الثاني فيعزى للتركيز الذهني لدى بعض اللاعبين "الذين كانوا أجساماً فوق رقعة الميدان" وظل تركيزهم مع وكلاء أعمالهم وبالتالي "فلا تنظر منهم أن يقدموا شيئاً".وأضاف مصطفى مديح: "كأس إفريقيا هي تظاهرة يجب أن نتوفر فيها على الروح القتالية وهذا أهم شيء... وانظروا إلى يايا توري وسيدو كيتا كيف يلعبان بقتالية كأنهما يبحثان عن كسب مكان في المنتخب، في حين أن لاعبينا يستصغرون هذه الكأس".
وبغض النظر عن الأسباب المختلفة في فشل المنتخبات العربية في بطولة أمم إفريقيا الحالية، فإن جل هذه الأسباب يمكن إرجاعها، حسب النقاد، إلى تدهور مستوى البطولات المحلية العربية، وغياب تكوين الفئات الصغرى، بالإضافة إلى تفضيل اللاعب المحترف على اللاعب المحلي بالرغم من تدني مستواه وغياب القتالية لديه، علاوة على تدخل أشخاص بعيدين عن كرة القدم في التسيير والإشراف على هذه الرياضة. ويجمع النقاد على أنه إذا لم يتم تدارك هذه السلبيات في المستقبل فقد يمتد الإخفاق إلى غياب المنتخبات العربية عن المنافسات الإفريقية ككل، بدل من فشلها فقط في التأهل لدور الثمانية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر