تحول أولمبياد طوكيو 2020 من حلم لطالما راود اليابانيين إلى كابوس مزعج بدأت مفاعيله بالظهور عقب الاعلان عن تأجيله من الصيف القادم إلى عام 2021 بسبب المخاطر الناجمة عن تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، في مقدمتها القرية الأولمبية التي كان مقررا أن تحول إلى شقق فاخرة في نهاية العام الحالي.
لا تقتصر مشكلات تأجيل الأولمبياد على صعيد اعادة جدولة المسابقات واختيار المواعيد الجديدة في ظل ازدحام برنامج العام المقبل بالعديد من البطولات، من تلك التي اضطر منظموها لتأجيلها من العام الحالي الى التالي للسبب نفسه، أو التي من المقرر بالأصل إقامتها في 2021، أو الخسائر المالية الفادحة، أو مسألة العقود المبرمة مع الشركاء الإعلانيين والرعاة وأصحاب حقوق البث التلفزيوني.
وتبرز قضية القرية الأولمبية من بين المشكلات التي بدأ القيمون على دورة طوكيو بالبحث عن حل سريع لها بعدما تم بالفعل بيع المئات من شققها الفخمة المطلة على خليج العاصمة اليابانية.
قد يهمك أيضًا:
وزيرة أولمبياد طوكيو تُبيِّن أنّ الاستعدادات للفعاليات مُستمرِّة
مسؤول ياباني يُؤكِّد على أنَّ قرار تأجيل "أولمبياد" ربما يُصبح حتميًّا
وكان من بين أهداف اللجنة المنظمة لألعاب طوكيو بيع شقق القرية التي وصفها المطورون العقاريون بأنها "حي رئيسي لأنماط الحياة الحضرية"، لتحقيق أرباح للمدينة التي انفقت ما يزيد عن 12,6 مليار دولار على عملية التنظيم وبناء المرافق والتجهيز حتى الآن.
وتم بناء القرية الأولمبية بطراز حديث وفخم وهي مطلة على مناظر خلابة في طوكيو، لاستقبال 11 ألف رياضي في أكثر من أربعة آلاف شقة، مجهزة بنحو 26 ألف سرير مصنوعة بالكامل من مواد قابلة لإعادة التدوير. ويصل سعر بعض هذه الشقق الى 170 مليون ين (1,5 مليون دولار).
وأدى قرار تأجيل الأولمبياد لمدة قد تصل إلى عام، إلى وضع المالكين في حالة من عدم يقين، وفقا لزوي وورد، مديرة شركة طوكيو العقارية المركزية، مع ما يقرب من 900 وحدة تم بيعها بالفعل.
وقالت وورد لوكالة فرانس برس "حتى لو لم تكن ضربة مالية، فإن ذلك سيكون مصدر إزعاج كبير لهم (اللجنة المنظمة)".
وأضافت ان المشترين سيقومون الآن بمراجعة لعقودهم لمعرفة ما اذا كان بامكانهم الانسحاب دون فقدان المبلغ المقدم (العربون) الذي يقدر عادة بحوالي خمسة في المئة.
وقالت خبيرة العقارات "ان الصياغة التي خطّت بها العقود مبهمة، وهي عادة تتطرق الى الكوارث الطبيعية أو أي أمر خارج عن سيطرة البائعين، لذا فهذا الأمر (التأجيل) قد يندرج في هذه الفئة".
وقال أحد المشترين، وهو رجل في الثلاثينيات من عمره، كان يخطط للانتقال إلى شقته في مارس 2023 مع زوجته وأطفاله، لوكالة فرانس برس إن هناك "العديد من السيناريوهات" التي يمكن أن تحدث الآن.
وأوضح أنه سيستقبل بصدر رحب الآجال الإضافية التي يمكن أن يتسبب بها تأجيل الألعاب بالنظر إلى الوضع غير المسبوق الذي تسبب به فيروس كورونا المستجد.
وأضاف "أنا لست غبيا لكي أقارن تأثير فيروس كورونا مع مشكلة في البناء. سأقول إن البائعين لا يمكنهم فعل شيء. أنا متأكد من أن موضوع البيع يواجه وقتا عصيبا".
- "ضربة مزدوجة" -
وقال توموهيرو ماكينو، الرئيس التنفيذي لشركة أوراغا للأبحاث الاستشارية والخبير في العقارات اليابانية، لوكالة فرانس برس إن المطورين العقاريين يواجهون "ضربة مزدوجة" بسبب تراجع الأسعار بشكل عام ومشاكل في الصورة مع مشروع القرية الأولمبية.
واضاف "هناك قلق من ان تنخفض الاسعار. إذا تلاشى الحماس والترقب المرتبطين بدورة الألعاب الأولمبية، فإن الوضع سيكون خطيرا بالنسبة للبائعين. وفي الوقت الراهن، تشكل الإلغاءات مشكلة حساسة بالنسبة لهم".
واعتبر ماكينو أنه يجب أن يكون للمطورين العقاريين غطاء قانوني عبر بند جزائي للظروف القاهرة. ولكن بالنظر الى الأهمية الكبيرة للمشروع، فقد يميلون إلى إبداء المرونة لاسيما وأن ربع الوحدات السكنية فقط تم طرحها للبيع. وأضاف "ان الطرف البائع أجبر على اتخاذ قرار صعب".
وكان البائعون قد سوقوا لهذا المشروع الذي يضم 23 برجا سكنيا قادرا على إيواء ما يصل إلى 12 ألف شخص، باعتباره "مجمع المدينة حيث يبدأ كل شيء" مع إطلالة على المحيط وبرج طوكيو وأفق المدينة المتلألئ.
كما ستضم قطعة الأرض التي تبلغ مساحتها 18 هكتارا، مدارس وحديقة للألعاب خاصة بالأطفال ومسبحا وصالة ألعاب رياضية.
كما كان سيتم ترميم الشقق التي تم بناؤها بمعايير عالية الجودة لرياضيي النخبة، قبل تسليمها إلى أصحابها، وهي تعتبر أكبر مساحة من متوسط مساحة الشقق في طوكيو التي تكون عموما مساحتها صغيرة.
- "جدول زمني واضح" -
يعد مشروع القرية الأولمبية مشروعا مشتركا يجمع بين 11 شركة من أكبر الشركات العقارية في اليابان.
وقالت المتحدثة باسم إحدى الشركات ميتسوي فودوسان كو لفرانس برس "اننا نسرع في تقييم تأثير تأجيل الألعاب الأولمبية مع الشركات والمسؤولين المشاركين في المشروع".
وقال مسؤول آخر في الشركة إن بيع الدفعة الثانية من الوحدات السكنية تأجل من مارس الى يونيو أو لوقت لاحق، مشددا على ان ذلك "يعود الى تاثير تفشي فيروس كورونا المستجد. لا علاقة له بتأجيل الألعاب الأولمبية".
واعتبرت وورد انه في الوقت الذي يخيم فيه عدم اليقين على المشترين والمطورين العقاريين على حد سواء، يبقى الوضع أفضل من الغموض الذي واجهوه قبل القرار غير المسبوق للجنة الأولمبية الدولية واليابان.
وقالت "بمجرد أن تحصل الحكومة على جدول زمني واضح (لأولمبياد طوكيو)، سيبدأ المشروع بتنشيط عمليات البيع مرة أخرى. حتى (الليلة السابقة للقرار)، أعتقد أن الوضع كان أسوأ بالنسبة للمشترين لأن أحدا لم يكن يعرف ماذا كانوا يفعلون".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر