الرباط - الدار البيضاء اليوم
لم تكد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتأخير عجز نظام تقاعد موظفي القطاع العام، الذي يتولى تدبيرَه الصندوق المغربي للتقاعد، والتي قوبلت برفض واسع من قِبل الموظفين، تجد طريقها إلى التنفيذ، حتى لاحَ عجزٌ آخر يتهدد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، الذي يدبّر معاشات مستخدَمي القطاع الخاص.الأزمة التي تزحف نحو مالية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لم يتبقّ عليها سوى أقل من أربع سنوات؛ إذ يُتوقع أن يشهد الصندوق، حسب المعطيات التي قدمها مديره بالنيابة في مجلس النواب قبل أيام، أول عجز هيكلي في سنة 2024، وأن تنضب احتياطاته سنة 2038.
وعلى الرغم من أن الحكومة باشرت إصلاحا للصندوق المغربي للتقاعد، يقوم على إجراءات مثل رفع سن التقاعد، وزيادة نسبة مساهمة الموظفين، إلا أن الفاعلين النقابيين المتابعين لهذا الشأن يروْن أن هذه الإجراءات الحكومية لا تحمل حلّا للأزمة التي تتخبط فيها صناديق التقاعد في المغرب.
ويتمثل المشكل الأساسي الذي أوصل هذه الصناديق إلى وضعيتها الحالية في التفاوت الكبير بين نسبة الأجراء النشطين والأجراء المتقاعدين، ذلك أن صناديق التقاعد تعتمد مبدأ التضامن، وكلما قلّ عدد الأجراء النشطين، تنخفض الاحتياطات المالية المخصصة لصرف معاشات المتقاعدين.
ويرى عبد الرحيم هندوف، رئيس الاتحاد النقابي للموظفين والموظفات، أن أي إصلاح حقيقي لمنظومة التقاعد في المغرب لا يمكن أن يتم إلا بالتغلب على هذا التفاوت، الناجم أساسا عن ضعف توظيف الحكومة للموظفين في القطاع العام، وعدم شمْل شريحة واسعة من الأجراء في القطاع الخاص بالحماية الاجتماعية.وضرب هندوف المثل بوضعية الصندوق المغربي للتقاعد، حيث يساهم كل موظف نشط بـ14 في المئة، كاقتطاع شهري، وتساهم الدولة بنسبة مماثلة، ما يعني أن تغطية 100 في المئة من معاش كل موظف متقاعد تحتاج تقريبا إلى مساهمات أربعة موظفين نشطين.
وبعملية حسابية، يوضح هندوف، عضو "التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد"، فإن تغطية معاشات موظفي القطاع العام الذين يبلغ عددهم 400 ألف شخص، تقتضي وجود ما بين مليون و200 ألف ومليون و300 ألف موظف نشط، لكن عدد الموظفين النشطين في الواقع لا يتعدى 650 ألف موظف، نتيجة توقيف الدولة للتوظيف في القطاع العام.
وفيما لا تُعرف الخطوات التي سيتم اتخاذها من أجل تفادي انزياح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بدوره إلى مصير الصندوق المغربي للتقاعد، فإن إصلاح منظومة التقاعد أضحت حتمية، تفاديا لانهيارها، حيث حذر إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، أواخر شهر يناير الماضي بالبرلمان، من أن عدم مسارعة الحكومة بوضع إصلاح حاسم سيؤدي بصناديق التقاعد إلى الإفلاس.
واعتبر عبد الرحيم هندوف أن إصلاح منظومة التقاعد الخاصة بموظفي القطاع العام يمر عبر زيادة التشغيل في الوظيفة العمومية. وبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يرى الفاعل النقابي ذاته أن المدخل لإنقاذه يتمثل في تمتيع أكبر عدد من المواطنين البالغين ما بين 20 و60 سنة بالحماية الاجتماعية، من أجل التغلب على مشكل خصاص الاحتياط المالي المخصص لصرف معاشات المتقاعدين.
وتنكبّ حاليا الحكومة على توفير الحماية الاجتماعية للمستقلين، من المهنيين المزاولين لمهن وأنشطة خاصة، والحرفيين والتجار وسائقي سيارات الأجرة، وغيرهم...، لكن هذه العملية ما تزال متعثرة، بسبب عسر المفاوضات التي تجريها الحكومة مع الهيئات الممثلة لهذه الفئات، خاصة في الشق المتعلق بقدر المساهمات.
وإذا نجحت هذه العملية على النحو المطلوب، فإنها ستُنقذ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من الأزمة التي تطرق أبوابه، حسب توقع عبد الرحيم هندوف، لكنه قال إن إنجاح هذا المشروع يقتضي التعجيل بتفعيله، "وعدم الركون إلى المقاربة الفئوية، لأن المغاربة كلهم سواسية، ولا بد من الاتفاق على الأقل على الحد الأدنى للمساهمات".
قد يهمك ايضا
توقيع مذكرة تفاهم بين الصندوق المغربي للتقاعد ووزارة الاقتصاد
بنشعبون يكشف عن توجه الصندوق المغربي للتقاعد نحو شراء خمسة مراكز استشفائية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر