قال شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إن القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي يعتبر بمثابة تعاقد وطني يلزم الجميع ويلتزم الجميع بتفعيل مقتضياته، مما سيضمن استدامة إصلاح منظومة التربية والتكوين.
وأبرز بنموسى في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، الإثنين، أنه تم إعداد الدفعة الأولى من مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتنزيل القانون الإطار وفق مقاربة تشاركية تتوخى إشراك جميع الفاعلين واستطلاع رأي المؤسسات والهيئات المعنية.
وأضاف أنه تم إصدار مجموعة من النصوص بالجريدة الرسمية واعتماد بعض الوثائق المرجعية، ويتعلق الأمر بثلاثة قوانين، تهم إحداث الصندوق الخاص للنهوض بمنظومة التربية والتكوين وتحسين جودتها، ومراجعة القانون الحالي الخاص بمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، فضلا عن إخضاع الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لنظام المعاشات المدنية.
كما تم إصدار مجموعة من النصوص التنظيمية المتعلقة بكل من اللجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وتنظيمها وكيفيات سيرها، وكذا بمأسسة دروس الدعم التربوي والتعلم عن بعد، فضلا عن مرسوم يتعلق باللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة المناهج والبرامج، وآخر يحدد قواعد اشتغال وأدوار ومهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين.
وفي السياق نفسه، ذكر الوزير إصدار وثائق مرجعية أخرى تروم تحديد النظام الداخلي النموذجي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي، المتضمن لميثاق التلميذ(ة)، وميثاق العلاقة بين جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ والمؤسسات التعليمية.
وعدد بنموسى مشاريع نصوص أخرى في طور الدراسة؛ أبرزها مشروع مرسوم يروم إحداث سجل وطني موحد للمتعلمات والمتعلمين، وتنظيم التوجيه المدرسي والمهني والإرشاد الجامعي، وتحديد تطبيقات الهندسة اللغوية بالتعليم المدرسي والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.
وفي تفاعله مع النواب، سجل المسؤول الحكومي أن هيئة التدريس إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها المنظومة التربوية، ويعد الارتقاء المستمر بها دعامة ضرورية لتطوير هذه المنظومة والرفع من أدائها ومردوديتها؛ ذلك أن هذه المهن تمثل قدرات مؤسساتية وآليات عمل لإحداث التغيير الذي تنشده الإصلاحات التربوية وعامل مؤثر في مساراتها من أجل تحقيق جودة منظومة التربية والتكوين.
ومن أجل إدراك عملي لتحقيق هذه الأهداف ذات الصلة بهيئة التدريس، عملت الوزارة على فتح ورش مراجعة النظام الأساسي الذي سيساعد على جعل المهنة أكثر جاذبية. وهذا المشروع الحيوي بالنسبة للمنظومة يتقدم بشكل إيجابي في إطار الحوار الاجتماعي القطاعي بمعية الشركاء الاجتماعيين.
وشدد المتحدث على أنه في إطار الارتقاء بالموارد البشرية للقطاع، يتم اعتماد مداخل أخرى، من بينها إعادة النظر في منظومة التكوين الأساس على مستوى ما بعد البكالوريا في سلك الإجازة في التربية أو على مستوى تجويد المحتويات التكوينية داخل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وداخل الممارسة الفصلية أثناء التداريب.
كما بوشر الاشتغال على تجسير وربط التكوين المستمر مع الممارسة داخل الأقسام باعتبارها ضامنا لتجويد عمل هيئة التدريس وبلوغ الأثر على المتعلمات والمتعلمين، وتمكنهم من الكفايات الأساس والمهارات الحياتية الضرورية.
وفيما يخص التعليم الأولي، أشار بنموسى إلى أن الموضوع يحتاج إلى بعض التوضيحات لرفع اللبس الذي مازال سائدا بشأنه، مفسرا أنه لا يمكن مطلقا فصل مسألة التعميم الذي تصبو إليه بلادنا عن رهان الجودة؛ فهما موضوعان مترادفان ومتلازمان لرفع تحدي إصلاح المنظومة التربوية.
ولأجل تحقيق هذا المبتغى، لا بديل عن تغيير أساليب التدبير التقليدية ومقاربة التسيير المباشر، يقول بنموسى، مسجلا أن توسيع الخريطة المدرسية للتعليم الأولي مشروط بوجود حد أدنى من الأطفال في سن الولوج إلى هذا التعليم، مع إعطاء أولوية خاصة للعالم القروي وهوامش المدن، وهذا ما يحتاج إلى شراكة وتدخل ناجع على غرار ما تقوم به المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
واعتبر بنموسى أن الدولة لها دور مهم في السهر على ضمان الجودة أيضا فيما يخص تهيئة وحدات التعليم الأولي وتجهيزها وتوحيد البرامج والمناهج البيداغوجية من خلال الحرص على اعتماد وحدات التعليم الأولي على الإطار المنهاجي واستعمال الدلائل والمجموعات التربوية المصادق عليها من طرف الوزارة، وذلك بهدف بلوغ إدماج بيداغوجي كامل مع السلك الابتدائي.
وشدد على أن نجاح هذا المشروع يتطلب تدبيرا مبنيا على القرب وعلى تحقيق الأثر والنتائج بشكل عملي وملموس، وهو ما يفسر اللجوء إلى آليات التعاقد مع الجمعيات والمؤسسات الجادة والمؤهلة من أجل ضمان حكامة القطاع والاستجابة والتأقلم مع خصوصيات المجالات الترابية عبر سياسة القرب.
وأكد بنموسى قيام هذه الجمعيات بانتقاء المربيات والمربين، ليس بناء على المستوى الأكاديمي بالأساس، ولكن بالاعتماد على المهارات المعرفية والقدرات التواصلية والإبداعية والخبرات السلوكية والاجتماعية للتفاعل الإيجابي مع الطفل ومتطلبات نموه في هذه السن المبكرة. وبدون هذا النموذج في الشراكات، لم يكن بمقدور الوزارة فتح 4040 قسما للتعليم الأولي في الموسم الدراسي المقبل.
وعرج المسؤول الحكومي على موضوع المدارس الجماعاتية واستهدافها بالأساس المناطق القروية والجبلية في إطار مقاربة مبنية على إعطاء تمييز إيجابي لفائدة الأوساط القروية وشبه الحضرية والمناطق ذات الخصاص، تفعيلا لمقتضيات القانون الإطار.
ويسعى هذا النموذج الجديد إلى القضاء التدريجي على المدارس الفرعية وعقلنة تدبير الموارد البشرية وتوفير الشروط الملائمة للتمدرس، وفق بنموسى، الذي تحدث عن وصول العدد الإجمالي من المدارس الجماعاتية مع الدخول المدرسي الحالي 2021-2022 إلى 226 مدرسة جماعاتية، أي بزيادة 74 مؤسسة عن الموسم الدراسي 2019-2020.
وستواصل الوزارة مجهوداتها لرفع وتوسيع العرض من المدارس الجماعاتية، حيث تطمح إلى إحداث حوالي 250 مدرسة جماعاتية برسم سنوات 2022-2026، منها 150 وحدة في إطار برنامج الدعم الممول من طرف البنك الأوروبي للاستثمار والاتحاد الأوروبي.
وشدد بنموسى على أن النجاح مرتبط بالتوطين الجيد لهذه المدارس، مع التأكيد على ضرورة توفر محيطها على البنيات التحتية الضرورية من مسالك طرقية وإنارة، وكذا ربطها بشبكات الماء والكهرباء والتطهير، ثم دعم وانخراط كبير للشركاء المحليين.
وفيما يخص اختبارات الامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا برسم دورة 2022، أكد الوزير مرورها في أجواء عادية تميزت بانخراط جميع الفاعلين بجد ومسؤولية في إنجاح هذا الاستحقاق الوطني.
وعرفت هذه الدورة مواصلة تعبئة جميع الوسائل والموارد المتاحة لتوفير الشروط الملائمة لتنظيم امتحانات البكالوريا وفق مبدأ الاستحقاق وتكافؤ الفرص، يختم المسؤول الحكومي.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر