آخر تحديث GMT 06:25:28
الأربعاء 16 نيسان / أبريل 2025
الدار البيضاء اليوم  -
أخر الأخبار

المغرب يتجه لتسجيل "إيكيدار" كتراث عالمي

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - المغرب يتجه لتسجيل

بلاد المغرب
الرباط-الدار البيضاء اليوم

قبل مئات السنين كان الأمازيغ في بعض مناطق المغرب، يبحثون عن ملاجئ وأماكن منيعة تحميهم من هجمات العدو وتحمي محاصيلهم الزراعية وممتلكاتهم النفيسة من السرقة، ففكروا في تحويل الأماكن الوعرة في المرتفعات والجبال كحارس لهم ولودائعهم، فشيدوا بها مخازن جماعية، وأطلقوا عليها اسم "إيكيدار".وتعتبر إيكيدار وهي جمع أكادير وتسمى أيضا تيحونا أو إغرمان، تجسيدا لارتباط الفرد الأمازيغي بمحيطه المجالي وتشبته بأرضه، ومثالا للتعايش بين الإنسان والطبيعة وحسن التدبير المشترك للحياة العامة وسط القبائل الأمازيغية، كما تجسد أحد تجليات الإبداع في المعمار القروي.ويضم المغرب 554 مخزنا جماعيا حسب أرقام رسمية لوزارة الثقافة المغربية، موزعة على مناطق مختلف من المملكة، ولاسيما الأطلس الصغير الغربي وسهل سوس والأطلس الكبير الأوسط والشرقي ومنطقة سيروا.ولإعطاء هذا الإرث الإنساني، الذي يختزل ثقافة مادية وأخرى غير مادية، المكانة التي يستحقها، يستعد المغرب لتقديم طلب تسجيله ضمن لائحة التراث الإنساني المشترك لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، المعروفة اختصارا باليونيسكو.

سد دفاعي منيع

وتجاوز إيكيدار مفهوم المخازن العادية لدى الأمازيغ الكفيلة بحفظ ممتلكاتهم وتحقق الأمن لهم في كل جوانبه، فتحولت إلى دليل ورمز على تماسكهم الاجتماعي وإيمانهم بالمصير المشترك.وكانت أسر القبيلة الواحدة يستعملون إيكيدار كمخازن لحفظ المؤن الغذائية الأساسية، تحسبا لمواجهة الأوقات العصيبة مثل الجفاف، كما كانوا يستخدمونها لحفظ الحلي والمجوهرات الثمينة إضافة إلى الوثائق والسجلات العدلية المهمة.وإلى جانب أدوارها الاقتصادية، فقد شكلت هذه المؤسسة التراثية حصنا دفاعيا، لجأت إليه القبائل للاحتماء من العدو في فترات الحروب، إلى جانب كونه مثل مكانا لالتقاء أعيان القبيلة من أجل التشاور أو سن القوانين وإبرام الصفقات التجارية.يقول الباحث والمهتم بقضايا التراث والتنمية خالد العيوض، إن هذه المعالم التي تفنن الإنسان الأمازيغي في إبداعها، لعبت قبل قرون دورا أساسيا في تحقيق الأمن الغذائي لسكان المناطق الجبلية خلال سنوات الجفاف والقحط، كما شكلت درعا وقائيا في الصراعات بين القبائل المستقرة والرحل، ودفاعا فعالا ضد الهجمات المباغتة.ويعتبر الباحث في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن تلك المخازن الجماعية التي تختلف هندستها باختلاف جغرافية المناطق، تعكس عبقرية من ابتكرها، حيث يصل علو بعضها إلى خمس طوابق، وتضم الصغيرة منها 50 غرفة فيما تضمن أكبرها 300 غرفة.

إبداع في التصميم

وصممت المخازن الجماعية "إيكيدار" وفق أشكال هندسية مختلفة، واستعملت في بنائها مواد طبيعية بسيطة كالخشب والحجر والطين، ويحيط بها حصن طبيعي خارجي منيع، عبارة عن سياج من الصبار الشوكي.ويحرص سكان القبيلة على اختيار موقعها بعناية فائقة بما يضمن وصول الشمس لها طوال النهار لحفظ المؤونة والمخزونات من التلف، وفي نفس الوقت تكون أماكن سهلة الدفاع كقمة تل أو على جرف أو منطقة صخرية، كي لا تتعرض لأعمال النهب أو لأي هجوم أو خطر خارجي.ويستوجب الوصول إلى مخزن العائلة داخل "أكادير"، المرور عبر باب خارجي وآخر داخلي، يؤدي إلى ساحة مفتوحة تحيط بها حجرات تتوزع في الغالب على ثلاث أو أربع مستويات تتوفر فيها كل عائلة على غرفة، تتوزع بالقرعة أو حسب مرتبتها الاجتماعية وأهميتها داخل القبيلة.وتضم المخازن الجماعية وفق ما جاء في مشروع تسجيلها كتراث عالمي، عدة مرافق ضرورية وملحقات، ويتوفر بها بالأساس بهو يضم مجموعة من الأنشطة الصناعة المرتبطة بعملية التخزين، إضافة إلى غرف للتخزين و أماكن مخصصة للصلاة و نحلات العسل وخزانات المياه و غرفة للحارس وفضاء للمواشي.

"أزروف".. قانون إيكيدار العرفي

ويوكل تسيير هذه المؤسسة الجماعية لمجلس إداري أو مجلس الأعيان مكون من ممثلين لسكان القبيلة يسمى "إنفلاس"، والذي يعين "أمين" المخزن، وهو المكلف بمهمة السهر على تنظيم عملية الولوج إلى المخازن والخروج منها والإشراف على النظافة، مقابل أجر عيني من المحصول، فيما تعهد مهمة الحراسة إلى ملاك مفاتحي الغرف عن طريق التناوب.وينظم قانون عرفي يطلق عليه اسم "أزروف" أو "لوح" تنظيم العلاقات داخل المخزن الجماعي، وهو قانون كتب باللغة العربية على الورق أو على خشب أشجار أركان أو الجوز أو اللوز وغيرها.يشير الباحث في التراث، إلى أن ذلك اللوح يضم حوالي 200 بند مكتوب بدقة، ويتوفر على مجموعة من النظم التي تؤطر الاستفادة المشتركة من خدمات المخزن، كما ينص على الغرامات التي تطبق في حق المخالفين لتلك التشريعات الضاربة في القدم.ويعود تاريخ أقدم لوح عثر عليه إلى سنة 1494 وهو لوح مخزن "أكادير أوجاريف" الذي يعتبر الأب الروحي لكل الألواح.

موروث أمازيغي غني

وتزخر الثقافة الأمازيغية في المغرب، حسب الباحثين بمجموعة من التقاليد والطقوس والفنون والممارسات الاجتماعية والأماكن التراثية وغيرها من أشكال الموروث الثقافي، والذي يمكن تسجيله ضمن لائحة الموروث الإنساني العالمي، وهي فرصة تتيحها اتفاقية اليونسكو من أجل صون والحفاظ على التراث اللامادي.ويرى المتتبعون أن ترشيح "إيكيدار" لقائمة التراث الإنساني العالمي، يجب أن يعقبه وضع ملفات ترشيح أخرى بغية تثمين الثقافة الأمازيغية وإعطائها المكانة التي تستحقها، على غرار  معلمة "الكور"، التي تمثل ضريحا أمازيغيا حسب ما توصل إليه المؤرخ غابريل كامبي، وقصبة بن حدو التي تعد نموذجا متفردا للهندسة المعمارية في المغرب.في هذا الإطار، يقول أستاذ الأنثربولوجيا والباحث في الثقافة الأمازيغية، الحسين بويعقوبي، أن الوعي بأهمية الثقافة والموروث الثقافي بشقيه المادي واللامادي، جاء متأخرا سواء على المستوى الوطني أو الدولي.ويضيف الباحث الأمازيغي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تزايد الاهتمام بالتراث على المستوى الدولي، وتوقيع اتفاقية لحفظه وصونه، يعكس الوعي المتزايد في جميع دول العالم بأهمية المحافظة على الموروث الثقافي الانساني.هذا الاهتمام هو ما خلق حسب الأستاذ الباحث، نوعا من التنافس بين الدول التي تسعى إلى إبراز غنى موروثها الثقافي وخصوصيته عن باقي الثقافات الاخرى في العالم.ويلفت بويعقوبي إلى أن "البحث في المورث الأمازيغي الغني انطلق منذ الاستعمار ولازال مستمرا إلى اليوم، معتبرا أن هذا الموروث عانى كثيرا وفيما مضى من التهميش، وهو ما ساهم في نشوء جمعيات مدنية تناضل وتضع مطالب من أجل الاعتراف والاهتمام بهذا الموروث، وهي المطالب التي اقتنعت السلطات المعنية بعدالتها، وانخرطت في عملية تثمينها والحفاظ عليها".

قد يهمك ايضا:

نقاش يتناول حفاظ النساء على التراث الأمازيغي

الفنان التشكيلي مبارك بوحشيشي يتسائل بلوحاته عن حقيقة التعدد الإثني بالمغرب

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب يتجه لتسجيل إيكيدار كتراث عالمي المغرب يتجه لتسجيل إيكيدار كتراث عالمي



GMT 04:54 2015 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

الفنان أحمد مالك مع تامر حسنى فى " أهواك "

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته

GMT 14:00 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الإنكليزي ستيفن جيرارد يعلن اعتزاله كرة القدم

GMT 06:42 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريطانية تكشف أهمّ ملامح رحلتها إلى الأقصر وأسوان

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

هبوط اقتصادي بعد مضي سبع سنوات على ثورة الياسمين

GMT 07:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

شكوك حول الوفاة تُعيد فتح ملف مغربي في إيطاليا

GMT 14:29 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

اللون "البرغندي" يظهر جمال عينيك في ليلة رأس العام

GMT 11:40 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على 2 مليار دولار كدفعة قرض من صندوق النقد الدولي

GMT 21:24 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تدريب خفيف للنجم فهد العنزي بعد تعافيه من الإصابة

GMT 07:19 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 خطوات جديدة للقضاء على حب الشباب في منطقة الصدر

GMT 23:11 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

السجن المحلي في وجدة ينظم نشاطًا رياضيًا لفائدة السجناء

GMT 20:28 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المارد الأحمر يواصل انتصاراته ويفوز على المصري بثنائية

GMT 07:39 2015 الأحد ,17 أيار / مايو

مذكـرة الأحـزاب الأربـعـة

GMT 08:55 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في آيت أورير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca