أكد الباحث المغربي في الحركات الإسلامية، سعيد لكحل، أن خروج ابن الأمين العام لجماعة العدل والإحسان بتدوينة يهاجم فيها النظام الملكي ويصفه "بالدكتاتوري والإرهابي" دون أدنى مناسبة، وفي عز أجواء المصالحة بين الدولة والمجتمع وتضافر جهود السلطات العمومية والمواطنين، للالتزام بالحظر الصحي الذي تفرضه الحرب على جائحة "كورونا"، "لم يكن مفاجئا لمن يطلع على أدبيات جماعة العدل والإحسان، ويتتبع أنشطتها ويراقب مناوراتها الاستفزازية للنظام، فالجماعة اعتادت على استفزاز النظام كلما غشاها النسيان".
وأوضح لكحل، في مقال له ، أن نادية ياسين "كانت تلعب الأدوار الاستفزازية حين يسود الهدوء بين الدولة والجماعة، عبر تصريحاتها التي تتهم فيها النظام بالطغيان وبأوصاف أخرى، الغاية منها إعادة التوتر إلى الواجهة لإظهار مظلومية الجماعة والاتجار بها".
وبعد وفاة مرشد الجماعة، يضيف الباحث المغربي، "هُمشت ابنته فلم يعد لها من دور يؤهلها لمواصلة لعب الأدوار نفسها. ومادامت الجماعة تتغذى على الاستفزاز وتنوع أساليبها، فهي في حاجة إلى من يلعب الدور ذاته الذي كانت تلعبه نادية ياسين".
وأضاف لكحل أنه، وفي هذا الإطار، تأتي تدوينات ياسر العبادي، ابن الأمين العام للجماعة، "والتي تهدف إلى استفزاز النظام بطريقة تستدعي المتابعة القضائية لابن الأمين العام، حتى تحظى القضية بمتابعة إعلامية واسعة، وهذا في حد ذاته استثمار لفائدة الجماعة ورأسمالها الرمزي"، موردا أن هذا ما شدد عليه بيان الدائرة السياسية للجماعة الذي جاء فيه: (بناء على سبب اعتقال الأخ ياسر عبادي، المتمثل، حسب التسريبات، في التعبير عن رأيه الحر في موضوع عام، بكل سلمية ومسؤولية وبعيدا عن أي كراهية أو تمييز أو تحريض على العنف، واستحضارا لرمزيته السياسية، وبالنظر إلى سياقاته وحيثياته، فإننا نؤكد الخلفية السياسية لهذا الاعتقال، ونعتبره خطوة انتقامية لتصفية الحسابات السياسية مع الجماعة).
فالجماعة، وفق لكحل دائما، "تحرص على أن يبقى اسمها متداولا، وتبقى هي حاضرة في الحياة السياسية ولو على هامشها ما دامت ترفض الانخراط في المؤسسات الدستورية، لأنها تعتبره مصالحة مع النظام وترميما لصدعه. فلو فعلها عضو من أعضائها لن تكون له أية مردودية رمزية مثلما هو الأمر بالنسبة إلى اعتقال ابن الأمين العام".
وزاد الكاتب أن الجماعة تواصل لعب دور الضحية الذي دأبت عليه، "من أجل كسب التعاطف والدعم من داخل المغرب وخارجه. فالجماعة لم تعد تواجه النظام مباشرة بعد أن أدركت جسامة الخسارة، فاختارت أسلوب الاستفزاز بدل المواجهة.. ومادامت الجماعة لن تثبت وجودها بالمشاركة السياسية وتقديم مشاريع تنموية لفائدة المواطنين، كما تفعل كل التنظيمات السياسية وحتى المدنية، فإنها تلعب دور الضحية لاستدرار التعاطف بغرض توسيع قواعدها ومواردها المالية".
كما تحرص الجماعة على التشويش على المصالحة وعلى جهود الدولة في محاربة وباء "كورونا"، "فالنجاح البيّن لاستراتيجية الدولة في مواجهة الأزمة المترتبة عن جائحة "كورونا" والمشهود بها للمغرب له وطنيا ودوليا، يزعج الجماعة ويفسد استراتيجيتها الهادفة إلى التشويش على جهود الدولة حتى تستفحل المأساة ، لا قدر الله، مما تستثمره الجماعة بغرض سحب الشرعية عن النظام، ومن ثم تشكيل جبهة معارِضة تضم مختلف الأطياف كمقدمة لعزل النظام سياسيا وشعبيا"، يضيف لكحل موضحا أنه ما دامت المصالحة تقوي النظام كما تقوي علاقة الدولة بالمجتمع، "فإنها تضيق مساحة المناورة أمام الجماعة. إذ كلما ساد التوتر في علاقة الدولة بالمجتمع إلا وحاولت الجماعة استغلاله في توسيع تحالفها ضد النظام استعدادا ليوم "الزحف"".
إن جماعة العدل والإحسان، يؤكد لكحل، "تعتبر نفسها وأعضاءها فوق القانون وترفض أن يسري عليهم ما يسري على باقي المواطنين.. من هنا ثارت ثائرتها إثر اعتقال ابن أمينها العام متهمة الدولة بالاستغلال السياسي لحالة الطوارئ الصحية. لكن الذي تخفيه الجماعة هو كونها البادئة في الاستفزاز والتشويش على جهود الدولة، لتقويض المصالحة ولتجاوز آثار الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن الوباء. وما تتجاهله الجماعة هو أن أعضاءها ليسوا فوق القانون، وأن ما عبر عنه ابن العبادي ليس رأيا، بقدر ما هو إهانة للدولة ومس برموزها واستهزاء بمؤسساتها واعتداء على قوانينها".
وزاد الباحث المغربي: "اليوم تتهم الجماعة الدولة أنها تصفي حسابها السياسي، في حين أن اللحظة هي لحظة إجماع وطني ووحدة الصف لمواجهة خطر الوباء، إذ جنّدت الدولة كل إمكانياتها المادية والبشرية لحماية أرواح المواطنين جميعهم دون تمييز بين المعارضين وغير المعارضين لسياساتها. إذن، فالجماعة هي التي تريد إفساد هذا الجو التعبوي لتصفية الحساب مع النظام وإضعاف جهود الدولة حتى تفشل في حربها ضد الجائحة. إنه الاستثمار الفظيع في الأزمة".
وواصل لكحل مقاله مذكرا جماعة العدل والإحسان، "وهي تتباكى على حقوق الإنسان فقط حين اعتُقل ابن أمينها العام، أن أعضاء منها قتلوا طلبة في تسعينيات القرن الماضي فقط لاختلاف خلفياتهم الإيديولوجية، وأن أزيد من 5000 حالة تمت متابعتهم بخرق الحظر الصحي ضمنهم العشرات تم اعتقالهم بسبب تدوينات فيسبوكية دون أن يصدر عنها أي تضامن أو تنديد، ولا عن الهيئات التي تندد باعتقال ابن العبادي وتتضامن مع الجماعة. فهل حقوق الإنسان وحرية التعبير مقصورة فقط على أعضاء الجماعة؟ وهل القانون يسري على عموم المواطنين دون العدلويين؟" يتساءل الباحث في الحركات الإسلامية.
وأضاف لكحل أن من يتضامنون مع الجماعة وينددون باعتقال ابن أمينها العام ويسوّغون مضمون تدوينته، "يشجعون على الفوضى وخرق القانون وينخرطون في استراتيجية إضعاف الدولة وتصفية الحساب مع النظام. فالعداء للدولة وللنظام هو الجامع بين المتضامنين مع الجماعة، وإلا لكان تضامنهم مبدئيا وتلقائيا مع باقي المدونين، الذين تم اعتقالهم على خلفية تدويناتهم المتعارضة مع القانون".
"ومهما كان هذا العداء، فإنه لا يسوغ للجماعة وللمتضامنين معها الخروج بهذا الموقف الأرعن ونعت النظام "بالإرهابي"، وكان على الجماعة أن تسحب تدوينة ابن أمينها العام وتعتذر عن فعله الجرمي، أما أن تتعنت وتتبنى النعْت إياه، فهذه طعنة في خصر الإجماع الوطني ومتاجرة بالمأساة، إذ بدل أن تسارع إلى الدعم المادي بالتنسيق مع السلطات المحلية والمجالس الترابية، كما تفعل الهيئات المدنية بهدف التخفيف عن الأسر المعوزة ، فهي تختار التشويش وتسميم الأجواء"، يختم لكحل مقالته.
وقد يهمك أيضًا:
وفاة مواطن مصري في باريس متأثرا بفيروس كورونا
الإمارات تسجل أكبر ارتفاع يومي لإصابات كورونا بواقع 240 حالة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر