الرباط-الدار البيضاء اليوم
في ربيعها الواحد والعشرين اختارت هاجر لبهيوي، العودة بآلة الزمن إلى الوراء، فوجهت البوصلة نحو أغاني رواد التراث المغربي، وضبطت إيقاع الموضة على اللباس التقليدي لأسلافها، لتعيش بذلك أياما من الزمن الجميل بروح الحاضر.وتقود هاجر متابعيها عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، في رحلة إلى فترات زمنية من الماضي، من خلال أداء مقطوعات من فن العيطة التراثي الضارب في القدم، ومقاطع أخرى لرواد الأغنية المغربية بطريقتها ولمستها الخاصة.وإضافة إلى مشاركتها لمقاطع غنائية، تحرص الشابة كذلك على نشر صور لها باللباس المغربي التقليدي، والذي يعكس نمط حياة وأسلوب عيش النساء المغربيات قديما، حيث تحاول ومن خلال الصورة نقل تفاصيل حياتهن والتعريف بالتقاليد المغربية الأصيلة.
وبدأ شغف هاجر بالغناء في سن السادسة من عمرها، عندما كانت تشارك في الحفلات المدرسية وبعض الفعاليات والمسابقات المحلية، حيث كان ميولها ومنذ اكتشاف موهبتها في الغناء إلى تأدية الأغاني المغربية الأصيلة، ذات الكلمات العميقة والألحان الوازنة.تحكي هاجر العاشقة للفن والتراث المغربي، لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه وبالرغم من حبها الكبير للغناء منذ سن صغيرة، إلا أن الجمهور اكتشف موهبتها العام الماضي فقط، بالتزامن مع فترة الحجر الصحي، التي منحتها إمكانية للاشتغال على محتوى مختلف ومغاير للموجة السائدة بين شباب جيلها على مواقع التواصل الاجتماعي. واختارت هاجر إعادة تأدية مقاطع غنائية من فن تراث العيطة، تقول الشابة إنه وعلى الرغم من صعوبة تأدية هذا النوع الغنائي، فقد قررت خوض غمار هذه التجربة، ولاقت انتشارا واسعا وسط رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مما شجعها على مشاركة المزيد من الأغاني المقتبسة من تراث العيطة مع متابعيها.
ومن بين الفيدوهات التي نشرتها هاجر ولاقت تفاعلا وانتشار كبيرين، مقطع لرائدة العيطة المغربية المعروفة بـ"خربوشة"، والذي اعتبرته هاجر قد شكل فارقا في مسارها، وحدد طبيعة المحتوى الذي قررت تقديمه لمتابعيها، كما أن اختيارها الغناء لخربوشة لم يكن اعتباطيا، كونها مثال للمرأة المغربية الحرة التي واجهت الظلم بالكلمة والفن.ولم تكن هاجر تتوقع حجم النجاح وتفاعل متابعيها مع المحتوى الذي تقدمه، إلا أنها تؤمن أن كل ما يصنع بحب وشغف يصل إلى قلب المتلقي بدون حواجز، إضافة إلى اختلاف وتميز ما تقدمه على مواقع التواصل الاجتماعي.ولم تكتف هاجر بجذب متابعيها عبر الغناء فقط، حيث أرفقت الصوت بالصورة، وقررت بذلك مشاركة صور لها باللباس التقليدي المغربي تحاكي من خلالها التراث والتقاليد المغربية بغناها وتنوعها، وإبراز هوية وجمال المرأة المغربية باختلاف المنطقة التي تنتمي إليها.
وتظهر هاجر على مواقع التواصل الاجتماعي باللباس المغربي التقليدي، مرة بالحايك وأخرى بالجلباب أو القفطان، وهي أزياء بقصات وتطريز قديم ترفقها بإكسسوارات تقليدية، حيث تختار لكل لباس ديكورا خاص يناسب الفكرة التي تسعى إلى نقلها من خلال الصورة.وتتوفر هاجر على مجموعة متنوعة من الأزياء المغربية التي لا يقل عمر أحدثها عن 20 سنة، وهي قطع من تراث عائلتها، وتتضمن أيضا قفطانا يزيد عمره عن 150 عاما، لبسته إحدى جداتها.تستوحي هاجر موضوع جلسات للتصوير بالزي المغربي، انطلاقا من الأفلام المغربية أو الأغاني القديمة أو الصور.وتحاول الشابة أن تزرع الحياة في صورها باختيارها لديكورات طبيعية في أماكن مفتوحة مثل الأسواق الشعبية والأحياء القديمة والبوادي، بعيدا عن جدران الاستوديوهات المغلقة.
وتلقى هاجر دعما كبيرا من أفراد أسرتها ومتابعيها، ودعما معنويا آخر من الباحثين في التراث والفنانين المغاربة، الذين أعجبوا بموهبتها، وهو ما يمنحها الدافع على الاستمرار وبدل المزيد من الجهد، ووضع خطط مستقبلية من أجل احتراف الغناء.وبالموازاة مع الإشادة الكبيرة التي تتلقاهما هاجر، فهي تتعرض كذلك لبعض الانتقادات، حيث ترى الشابة أن دراستها لمجال التنمية البشرية، كان له الفضل في مساعدتها على مواجهة الانتقادات بشكل إيجابي، والتركيز على تطوير ذاتها وعدم غض الطرف على كل انتقاد بناء يمكن أن يساعدها على تحسين جودة محتواها. وتضع الطالبة الجامعية هاجر حاليا الدراسة في مقدمة أولوياتها، حيث تطمح بعد إتمام مشوارها الدراسي إلى احتراف الغناء، كما تحاول الانفتاح على جميع ألوان غنائية وعدم حصر نفسها في لون واحد، مع إضافة لمسة عصرية خاصة بها.وتدعو هاجر كل شباب جيلها ممن يحاولون التنكر لهويتهم وتراث بلدهم، إلى محاولة الانفتاح على العولمة ومسايرة العصر بالقدر الذي لا يسلب منهم انتمائهم وهويتهم.وتتمنى الشابة تثمين وتعميق البحث أكثر في الموروث الثقافي الشعبي، الذي يعكس عمق وأصالة تاريخ المغرب.
قد يهمك أيضا:
"دار الباشا" تحتضن معرضا للتراث المغربي اليهودي
محامون يقاربون "خلايا التكفل بالنساء المعنفات" في المغرب
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر