"بعد ثلاث سنوات من زواجنا، بدأت الخلافات تدب بيني وبين زوجي، وانقطع حبل الود بيننا، وزاد التوتر بعد أن اكتشفت خيانته لي، حيث أبلغته رغبتي في الانفصال، قبل أن يختفي عن الأنظار دون أن يترك أثرا يقودني إلى مكانه".هكذا تحكي زهراء المنحدرة من مدينة الدار البيضاء، وسط المغرب، لـ"سكاي نيوز عربية" كيف اختفى زوجها لما يزيد عن السنة والنصف دون سابق إنذار، ودون أن تتوصل إلى ما يقودها لمعرفة عنوانه، وتقول: "لم أعد أعلم إن كنت متزوجة أم مطلقة، فعلى الورق لا زلت متزوجة، غير أن الواقع يقول أنني "مْعْلقة" ما لم أحصل على ورقة الطلاق".
زهراء، السيدة الثلاثينية، واحدة من السيدات اللواتي يطلق عليهن في المغرب وصف "المْعْلقات" بعد أن هجر أزواجهن منزل الزوجية واختفوا لمدة طويلة، حيث لم يتبقى لهن من خيار سوى طرق أبواب المحاكم وتفعيل المساطر القانونية الـخاصة بـ"التطليق للغيبة".
ولا توجد إحصائيات رسمية تبين أعداد السيدات اللواتي يلجأن لهذا النوع من أنوع الطلاق، وتغيب كذلك أبحاث ودراسات تتعمق في أسباب وعواقب هذه القضية المجتمعية الشائكة.
لم يفت الأوان بعد
مطلقة مع وقف التنفيذ
تقول زهراء: "أتردد كثيرا في اللجوء إلى مسطرة "التطليق للغيبة"، أخشى الدخول في إجراءات تتطلب مصاريف لست قادرة على توفيرها، دون الحديث عن تعقيدات أخرى، فإتباث غياب الزوج ليس بالأمر الهين".
وتضيف زهراء أنه إلى جانب المعاناة جراء غياب الزوج وما يقتضيه ذلك من استجماع للقوة وتشبث بأمل الحصول يوما ما على صك الطلاق، يتعين على "المعلقة" تحمل استفسارات الأقارب والجيران عن غياب الزوج وهن الأسباب وراء اختفائه.
وعلى خلاف زهراء، خاضت فاطمة معركة التطليق بعد أن هجرها زوجها لما يزيد عن 8 سنوات، تقول هذه المرأة الأربعينية: "لقد كان من الصعب علي العيش كل هذه السنوات في غياب زوجي وتحمل مسؤولية تربية الأطفال وحيدة، لقد كنت اعتبر نفسي مطلقة مع وقف التنفيذ".
وتضيف فاطمة في تصريح لـ "سكاي نيوز عربية" :"لم أترك بابا إلا وطرقته في رحلة البحث عن الزوج المختفي، بما في ذلك برنامجا إذاعيا خاصا بالمتغيبين دون جدوى، لأقرر الشروع في مسطرة التطليق التي تطلبت بداية الاستعانة بـ 12 شاهدا لأثبت اختفاء زوجي".
وتستطرد فاطمة: " لقد كان التطليق للغيبة" الحل الوحيد أمامي لوضع حد لسنوات من المعاناة النفسية ونظرة المجتمع القاسية اتجاه الزوجة "المعلقة" والتي يحملونها المسؤولية الأولى عن اختفاء الزوج".
التطليق للغيبة
ويمنح القانون المغربي للمرأة حق التقدم بطلب تطليق زوجها في حالة غيابه لمدة تزيد عن سنة، وذلك وفق المادة 104 من مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية).
تقول زاهية عمومو، المحامية بهيئة الدار البيضاء، إن أول خطوة تقوم بها السيدة الراغبة في تطليق الزوج المختفي تعرف ب "لفيف الغيبة"، حيث تصحب معها 12 شاهدا إلى مكتب العدول من أجل التوقيع على وثيقة تتبث غياب الزوج لمدة تفوق السنة.
وبعد حصولها على لفيف الغيبة كوثيقة أساسية وإدلاءها بعقد الزواج وعقود إزدياد الاطفال ضمن ملف دعوى التطليق التي تتقدم بها، تقول المحامية بأنه يكون على الزوجة الإدلاء بآخر عنوان للزوج المتغيب، من أجل تبليغه عبر الطرق القانونية، قبل أن يذاع خبر البحث عنه في الإذاعة، حيث يتم إصدار الحكم بالتطليق غيابيا في حال عدم حضوره بعد مرور شهر على ذلك، لتحصل بعدها الزوجة على الولاية الشرعية على الاطفال.
وتشير عمومو في تصريح، على أن "المادة 105 من مدونة الأسرة تنص على أنه إذا كان عنوان الغائب مجهولا، فإن المحكمة بمساعدة النيابة العامة، تتخذ ما تراه مناسبا من إجراءات بغية تبليغ دعوى الزوج إليه، بما في ذلك تعيين قيم عنه، فإن لم يحضر طلقتها عليه".
رحلة الطلاق الشاقة
وتلفت المتحدث إلى أن مسطرة تطليق الغيبة قد تستغرق وقتا طويلا لإتمام جميع الإجراءات القانونية قبل حصول الزوجة على وثيقة الطلاق، خاصة في حالات الزواج المختلط حيث يتم الإجراء عبر المصالح الدبلوماسية.
وحسب المحامية، فإن أبرز التحديات التي تواجه الزوجات "المعلقات" من أجل "التطليق للغيبة" تكمن في صعوبة التوصل الى عنوان الزوج الغائب.
وبحكم خبرتها في القضايا المتعلقة بالمرأة وما عاينته من حالات تؤكد عمومو، على أن النساء المعلقات يعانين في الغالب من تأثيرات اجتماعية، يكون لها انعكاسات مباشرة على حالتهن النفسية وعلى حياتهن بشكل عام، في ما تشير المتحدثة إلى أن بعض النساء يتراجعن عن دعوى التطليق بسبب تعقيد بعض المساطر والإجراءات المتعلقة بهذا النوع من الطلاق خصوصا منها مسطرة التبليغ.
قد يهمك ايضا:
خبيرة تكشف أن معظم السيدات الآن يطغى عليهن الطاقة الذكورية
عشماوي يكشف عن تفاصيل إعدام بعض السيدات في مصر
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر