القاهرة ـ مصر اليوم
أشعلت انتخابات البابا الجديد للكنيسة القبطية الأرثوذكسية الخلاف بين المجمع المقدس -أعلى سلطة كنسية في مصر- وعدد من الكهنة، بسبب لائحة 1957 التي تقضي باستبعاد أساقفة الإبراشيات من الترشح لمنصب البطريرك، وهو ما قضى بخلافه المجمع المقدس.
وتسببت هذه القرارات المجمعية في حدوث حالة من الانقسام بين الكهنة والأراخنة -العلمانيين- بعد الدعوة التي أطلقها "مجمع كهنة الإسكندرية" لاستبعاد بعض الأساقفة والرهبان من الترشح لخوض الانتخابات على منصب البابا 118 في تاريخ البطريركية القبطية، لخلافة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذي توفي في 17 مارس/آذار الماضي.
وأوصى بيان موقع من 156 كاهنا بمدينة الإسكندرية بحذفهم من الانتخابات، وأرسلوا نسخة منه إلى الأنبا باخوميوس القائم مقام البابا، والمجمع المقدس؛ بتمديد فترة القائم مقام البابا لحين استقرار الأمور والوصول لرأي واحد بشأن انتخاب البطريرك الجديد, ملمحين إلى إمكانية التصعيد بهدف قصر الترشح على الآباء الرهبان فقط.
في المقابل أصدر "الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن" بياناً أكد فيه رفضه لدعوة مجمع الكهنة، وشدد على أن اختيار البطريرك بوصفه رئيساً لأساقفة الإسكندرية، لا يخص أقباط الإسكندرية وحدها، بل يمتد إلى مختلف أنحاء العالم.
وطالب الاتحاد بوقف حملة جمع التوقيعات داخل الكنائس التي يقودها كهنة الإسكندرية لمنع ترشيح أساقفة الإبراشيات على الكرسي البابوي، لمخالفتها لقرارات المجمع المقدس الصادرة وللائحة الانتخابات البطريرك المعمول بها وقانون الكنيسة.
وقال القس إبرام إيميل راعي كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في الإسكندرية إن الكهنة يرفضون ترشيح أساقفة الإبراشيات وكل الذين سعوا للترشح من الأساقفة وغيرهم سواء كانوا أساقفة أو رهبانا إلى الكرسي البابوي، مطالباً الأنبا باخميوس قائم مقام البطريرك بالتدخل لمنع ترشيحهم في الانتخابات البابوية.
وقال "للأسف الشديد ولأول مرة في تاريخ الكنيسة تظهر الخلافات الداخلية للعلن، مبديا قلقه البالغ من هذا الأمر خاصة أنه تطور إلى بدء حملة توقيعات شعبية للتضامن مع الأصوات التي تنادي باستبعاد الأساقفة والذين سعوا للمنصب بطريقة أو بأخرى من الترشح للمنصب البابوي".
واعتبر رئيس "الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن" كريم كمال أن حملة جمع التوقيعات بالكنائس تعبر عن أصحابها فقط ولا تمثل كل الشعب القبطي في الإسكندرية وكل المدن المصرية وبلاد المهجر، واصفاً ما يحدث بأنه انقلاب على رأي المجمع لوقف الانتخابات البابوية.
وذكر كمال للجزيرة نت أن "اختيار البطريرك الذي هو رئيس للأساقفة لا يخص الإسكندرية وحدها، وإنما يخص الشعب القبطي في كل أنحاء العالم خاصة بعد نقل كرسي مار مرقس الرسولي إلى القاهرة منذ عهود طويلة".
وقد قلل جوزيف ملاك محامي الكنيسة ورئيس المركز المصري للدراسات الإنمائية وحقوق الإنسان من تصاعد الخلاف داخل الكنيسة، قائلا إن كهنة الإسكندرية يرفضون بالإجماع ترشيح أساقفة الإبراشيات لكنهم يتفقون في النهاية على أن الرأي الأخير للمجمع المقدس، وهذا يدل على وحدة الكنيسة.
وأعتبر ملاك حملة التوقيعات وبيان المجمع المقدس بالإسكندرية توصية مرفوعة إلى رأس الكنيسة فقط، نافيا أن يكون دليلا على وجود انشقاق من كاتدرائية الإسكندرية على الكنيسة "خاصة أن رفض ترشيح أساقفة الإبراشيات له حجيته وتدعمه قوانين كنسية، ولكن صعوبة تعديل اللائحة يقف حائلاً دون تنفيذه".
كما أكد أنه سبق أن أرسل مذكرة إلى الأنبا باخوميوس طالبه فيها بتصحيح بعض الأخطاء التي وصفها بالفادحة في تطبيق لائحة 1957، وأهمها مشاركة الكنيسة الإثيوبية رغم انفصالها بالإضافة لشروط الناخبين وأعدادهم والشريحة الممثلة التي تغيرت نظرًا للظروف الاجتماعية والاقتصادية، وأيضًا زيادة عدد الكنائس في المهجر وعدم اعتراف اللائحة بالإبراشيات الجديدة.
كانت لجنة انتخابات البابا قد حددت يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل لإجراء الانتخابات البابوية بين سبعة أساقفة وعشرة رهبان، على أن تجرى القرعة الهيكلية وفقا للمعتاد وطبقاً للائحة يوم 2 ديسمبر/كانون الأول في مقر دير الأنبا يشوي بوادي النطرون.
وبحسب اللوائح المعمول بها في تلك الانتخابات فإنه يُشترط أن يكون المرشح لمنصب البابا "راهباً"، وألا يقل عمره عن 40 عاماً، ويكون قد أمضى 15 عاماً في الرهبنة، على أن يتم انتخاب ثلاثة مرشحين يتم إجراء قرعة بينهم من خلال طفل صغير، لاختيار البابا الجديد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر