رفح (جنوب سيناء) ـ يسري محمد
أكد الشيخ المصري حافظ سلامة أن هناك بالفعل محاولات لأخونة الدولة، وتظهر بوضوح في العديد من المؤسسات، وهي ما تسبب في الصدام الذي يحدث حاليًا بين مؤسسة الرئاسة و"الإخوان" والعديد من المؤسسات الأخرى، وقال سلامة إن انتقاده لمرسي من منطلق رد الحاكم عندما يخطئ حتى لا يتحول إلى فرعون جديد
ألهب الشيخ حافظ سلامة ثورة الشباب في السويس رغم تجاوزه السادسة والتسعين من عمره، ولم يقعده هرمه ومرضه عن قيادة شباب مدينة السويس في أكبر وأعنف تظاهرات شهدتها مصر خلال ثورة الغضب، وهتف الشيخ ضد النظام الحاكم مطالبًا أبناء السويس بالمثابرة والصمود حتى يتنحى مبارك، مؤكدًا أن هذه الوقفة التاريخية ستظل محفورة في ذهن كل مصري استطاع أن يتغلب على الفساد.
ولم يكن غريبًا على الشيخ حافظ سلامة الذي قاد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإنكليزي في شبابه أن يشكل وينظم مجموعات اللجان الشعبية لحماية منشآت السويس بعد هروب الشرطة.
وكان حافظ الشيخ يدرك أن جيل المقاومين تُوفي، ولا يعيش منهم الآن إلا عدد قليل، وأن شباب الثوار أحفاد هؤلاء الأبطال يتطلعون لحياة كريمة بعدما استُبعدوا من الوظائف، وساءت حالتهم الاقتصادية، وكممت أفواههم للتعبير عن آرائهم.
ولا تزال للشيخ حافظ سلامة العديد من الآراء والمواقف الأخيرة التي أثارت جدلاً واسعًا لذلك كان لـ "العرب اليوم" معه هذا الحوار.
في البداية سألناه لماذا انتقادك المستمر للرئيس محمد مرسي وجماعة "الإخوان المسلمين"؟
أجاب: الآن الإخوان تغيروا تمامًا. في الماضي كانوا يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية وشرع الله في الأرض، أما الآن فيريدون الدولة المدنية محاولين إرضاء الغرب، خاصة أمريكا التي لا طائل منها ولا فائدة، وهي عدوة المسلمين.
وقال إن انتقاده لمرسي من منطلق رد الحاكم عندما يخطئ حتى لا يتحول إلى فرعون جديد.
ـ وما رأيك في ما يجري من محاولات لأخونة الدولة ؟
أجاب: هناك بالفعل محاولات لهذه الاخونة، وتظهر بوضوح في العديد من المؤسسات، وهي ما تسبب في الصدام الذي يحدث حاليًا بين مؤسسة الرئاسة و"الإخوان" والعديد من المؤسسات الأخرى، خاصة الصدامات التي تتم حاليًا مع المؤسسة القضائية.
ـ ما هي المشكلة الحالية بينك وبين وزارة الأوقاف بشأن مسجد النور؟
أجاب: صدر بحقي حكم قضائي بتسليم جميع ملحقات المسجد في العباسية إلى "جمعية الهداية" التي أتولى رئاستها، ولكن الوزارة ترفض تسليمه حتى الآن.
وتابع أن وزارة الأوقاف لا تلتزم بالأحكام القضائية، وأنه رفض التوقيع على العقد الذي أعدته الوزارة لتسوية أزمة مسجد النور مع الجمعية، والذي ينص على أن تتسلم الجمعية الجزء البحري من المسجد.
ـ قمت بقيادة العديد من قوافل المساعدات إلى ليبيا وغزة وسورية، ماذا تستهدف هذه القوافل؟
ـ "جمعية الهداية" نظمت العديد من القوافل الإغاثية إلى هذه البلدان بهدف التضامن مع هذه الشعوب، قوافلنا إلى غزة تستهدف فك الحصار عن الفلسطينيين، ومساعدتهم في معاناتهم، والتخفيف عن ألمهم.
وأضاف أما سورية فقد دعونا الشباب في الدول العربية والإسلامية إلى التطوع للجهاد فى سورية، لمساندة السوريين في كفاحهم ضد المذابح الدموية التي يرتكبها نظام بشار.
واستغرب من تجاهل حكام العرب المسلمين واستهانتهم بما يحدث في سورية وعدم مد يد العون للثوار الأحرار.
ـ هاجمت الشيخ القرضاوي بسبب الأزمة السورية، لماذا هذا الهجوم؟
أجاب: هاجمت موقفه الذي طالب فيه أميركا بالتدخل بكل ما تملك من قوة لإنقاذ الشعب السوري.
وأضاف: أصدرت بيانًا تحت عنوان، "بيت تدبير المؤامرات" قلت فيه: إن الذي جرى ويجري داخل البلاد العربية من ثورات تقوم بها الشعوب للتخلص من الأنظمة الفاسدة المستبدة، نرى الأصابع الأميركية تتحرك وبعمق لكسب تأييد لها من بعض من يقومون بهذه الثورات.
ودعا المسلمين فيه قائلاً "يا قوم أفيقوا يرحم1كم الله، والمؤمن كيس فطن، ودائمًا ابحثوا وراء اليد الخبيثة الأميركية".
وولد قائد المقاومة الشعبية في السويس الشيخ حافظ سلامة والذي يبلغ من العمر 98 عاما في السويس العام 1925، وبدأ حافظ سلامة تعليمه في كتاب الحي، ثم في التعليم الابتدائي الأزهري، وأخذ في تثقيف نفسه في العلوم الشرعية والثقافة العامة، ودرس العديد من العلوم الدينية، ثم عمل في الأزهر واعظًا، حتى أصبح مستشارًا لشيخ الأزهر لشئون المعاهد الأزهرية حتى 1978م، ثم أحيل إلى التقاعد.
وانتسب للعمل الخيري مبكرًا، وشارك في العديد من الجمعيات الخيرية في السويس، وكان له دور اجتماعي وسياسي ونضالي بارز، حيث ساهم في دعم المقاومة، والمشاركة في العمليات الفدائية، والتعبئة العامة للفدائيين.
وهاجرت أسرة الشيخ حافظ سلامة أثناء الحرب العالمية الثانية من السويس هربًا من مسرح الأحداث الدائرة بين قوات المحور وقوات الحلفاء، إلا أن سلامة ذا التسعة عشر ربيعًا رفض أن يهاجر معهم وفضل البقاء في السويس ليلعب دورًا كبيرًا في عمليات الدفاع المدني لمساعدة الجرحى والمصابين.
وانضم الشيخ حافظ سلامة إلى جماعة "شباب محمد"، والتي أنشأها مجموعة من الأشخاص المنشقين عن "الإخوان المسلمين" وحزب "مصر الفتاة" العام 1948م، وشارك الشيخ حافظ من خلال تلك الجمعية في النضال الوطني الإسلامي في مصر ضد الاحتلال الإنكليزي، فشكل حافظ أول فرقة فدائية في السويس، كانت مهمتها الرئيسية مهاجمة قواعد القوات الإنكليزية المرابضة على حدود المدينة، والاستيلاء على كل ما يمكن الحصول عليه من أسلحة وذخائر.
واعتقل الشيخ حافظ سلامة بعد ذلك في إطار الاعتقالات التي نفذها النظام الناصري ضد "الإخوان المسلمون"، وظل الشيخ حافظ سلامة في السجن حتى نهاية 1967م، وبعد حدوث النكسة أُفرج عن الشيخ حافظ سلامة في كانون الأول/ ديسمبر العام 1967م، فاتجه إلى مسجد الشهداء في السويس، وأنشأ جمعية "الهداية الإسلامية"، وهي الجمعية التي اضطلعت بمهمة تنظيم الكفاح الشعبي المسلح ضد إسرائيل في حرب الاستنزاف منذ العام 1967م وحتى العام 1973م.
ولعب الشيخ حافظ سلامة دورًا مهمًا في عملية الشحن المعنوى لرجال القوات المسلحة بعد أن نجح في إقناع قيادة الجيش بتنظيم قوافل توعية دينية للضباط والجنود تركز على فضل الجهاد والاستشهاد وأهمية المعركة مع اليهود عقب هزيمة 1967م، والاستعداد لحرب العام 1973م، وكانت هذه القوافل تضم مجموعة من كبار الدعاة وعلماء الأزهر وأساتذة الجامعات في مصر مثل شيخ الأزهر عبد الحليم محمود والشيخ محمد الغزالي، والشيخ حسن مأمون، والدكتور محمد الفحام، والشيخ عبد الرحمن بيصار وغيرهم.
وتعرضت المدينة في أحداث الثغرة التي اجتاحت على أثرها القوات الإسرائيلية مدينة السويس لحصار شديد من القوات الإسرائيلية وقصف مستمر من الطائرات، وتقدمت إلى المدينة 200 دبابة وكتيبة من جنود المظلات وكتيبتين من جنود المشاه بعربات مدرعة قاد خلالها الشيخ حافظ سلامة أعمال المقاومة، بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة، في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه في احتلال السويس.
وظل الشيخ حافظ سلامة يلعب دورًا إيجابيًا في مجتمعه من الناحية الدعوية والاجتماعية وأيضًا السياسية فقد رفض الشيخ حافظ سلامة زيارة السادات للقدس العام 1977، ومعاهدة "كامب ديفيد" العام 1979م، مما جعل الرئيس السادات يضعه على رأس قائمة اعتقالات أيلول/ سبتمبر 1981م، وأُفرج عنه بعد اغتيال السادات.
ولا يزال الشيخ حافظ سلامة وهو في ذلك السن الكبير له عزيمة وهمة غير عادية في العمل الخيري يود أن يلقى الله بها، منها بناء المساجد مثل مسجد النور في العباسية ومسجد الرحمن في شبرا الخيمة والعديد من المساجد في مدينة السويس التابعة لجمعية الهداية، وبناء المدارس الإسلامية في مدينة السويس ومساعدة المحتاجين.
ولا يزال له دور سياسي واضح في دعمه المادي والمعنوي لشعب فلسطين ولبنان وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين، ودور اجتماعي مهم في مجتمعه مثل الحملة الشعبية التي قادها في السويس لرفض إقامة مشروع مصنع "أجريوم" للبتروكيماويات في مدينة السويس وذلك خوفا من آثاره البيئية الخطيرة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر