تونس ـ وكالات
بعد قرابة أسبوع على اقتحام عشرات المحتجين على الفيلم المسيء للنبي محمد، مقار السفارات الأمريكية والغربية في عدد من الدول العربية، أعلنت السلطات التونسية حظر المسيرات والمظاهرات الجمعة، في الوقت الذي دعا فيه رجال دين مصريون المسلمين في كافة أنحاء العالم إلى "التحلي بالحكمة"، و"عدم الانسياق وراء دعاوى العنف والتخريب."
وذكرت وكالة تونس أفريقيا للأنباء "وات" أن وزارة الداخلية أصدرت بياناً الخميس، أعلنت فيه عن قرارها "منع المسيرات بكافة تراب الجمهورية"، يوم الجمعة 21 سبتمبر/ أيلول الجاري، موضحة أن القرار "يأتي استناداً إلى حالة الطوارئ، ومن أجل الحفاظ على سلامة المواطنين والأمن العام."
وشددت الوزارة على أنه "سيتم التعامل مع كل الأشخاص، الذين يخالفون هذا القرار، وفقاً لما تخوله حالة الطوارئ وأحكام القانون عدد 4 لسنة 1969 المتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات والتجمهر."
جاء هذا القرار، وفق بيان لمكتب الإعلام والاتصال بوزارة الداخلية "على إثر تواتر الدعوات عبر صفحات المنتديات الاجتماعية على شبكة الإنترنت، للخروج في مسيرات احتجاجية الجمعة"، وأيضاً على ضوء "توفر معلومات بوجود نوايا للبعض، لاستغلالها للقيام بأعمال عنف وتخريب."
ودعت وزارة الداخلية كافة المواطنين ومكونات المجتمع المدني إلى "التفهم، والالتزام التام بهذا القرار"، وأهابت بالجميع "عدم الانسياق وراء هذه الدعوات."
وكان عشرات المحتجين، غالبيتهم من المحسوبين على "التيار السلفي"، قد قاموا باقتحام مبان ملحقة بمقر السفارة الأمريكية في العاصمة التونسية الجمعة الماضية، مما أدى إلى وقوع مصادمات مع قوات الأمن، أسفرت عن سقوط أربعة قتلى، وعشرات الجرحى من بين المحتجين، وعناصر الشرطة.
وفي القاهرة، التي كانت من أوائل العواصم العربية التي شهدت احتجاجات ضد الفيلم المسيء للنبي، رافقتها أعمال شغب دامية، بعد اقتحام محتجين مبنى السفارة الأميركية، أكد وزير الأوقاف، الدكتور طلعت عفيفي، أن "الوزارة بصدد إعداد خطة شاملة، للرد على هذه الإساءات، بأسلوب علمي وعملي، يضمن التعريف الصحيح بالإسلام، وتصحيح الصورة المشوهة في الإعلام العربي."
وناشد الوزير المصري، بحسب ما أورد موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الحكومي، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، "كل المسلمين في كافة أنحاء العالم، التحلي بالحكمة، وتغليب صوت العقل في التعامل مع الإساءات المتكررة للرسول الكريم."
كما طالب بـ"عدم الانسياق وراء دعاوى العنف والتخريب، لقطع الطريق على المتربصين بالإسلام، الذين يستهدفون التشهير به، وترسيخ الصورة الذهنية الظالمة لدي العقل الغربي، بأن الإسلام دين عنف وقتل وسفك دماء، وأن المسلمين غوغائيون وإرهابيون."
كما اعتبر عفيفي أن الرسوم "المسيئة" للنبي، التي نشرتها صحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية مؤخراً، "لن تكون الأخيرة"، وأضاف أن "مسلسل التطاول على الإسلام ورموزه لن يتوقف، فهو مخطط مستمر، يقف وراءه موتورون حاقدون على الإسلام وكارهون له، غايتهم استفزاز مشاعر المسلمين، وإثارة الفتنة، وتفتيت وحدة الأمة الإسلامية، وإنهاكها في صراعات طائفية."
وأشار إلى أن من الوسائل التي تنوي الوزارة القيام بها، إصدار عدة كتب باللغات الأجنبية، لشرح تعاليم الإسلام وقيمه وآدابه وأخلاقياته، وتجربته الرائدة على مدي التاريخ في قبول الآخر، والترحيب بالتعددية الدينية والثقافية والحضارية، كما تدرس الوزارة إرسال قوافل دينية، تضم صفوة علماء الإسلام ومفكريه، إلى معظم دول الغرب، للرد على كافة الشبهات والدعاوي الباطلة، التي تثار ضد الإسلام في الخارج.
واللافت أن إسرائيل انضمت أيضاً إلى الدول التي أدانت نشر الصحيفة الفرنسية صوراً مسيئة للنبي محمد، حيث نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن رئيس الكنيست، رؤوفين ريفلين، قوله إن "الرسم الكاريكاتوري، الذي نشرته مجلة (شارلي إبدو) الفكاهية الفرنسية الأربعاء، ويظهر فيه النبي محمد، ويهودي متزمت، هو تحريض ضد الإسلام، وكذلك ضد اليهود وإسرائيل."
وقال ريفلين، في كلمة ألقاها في مؤتمر برلماني بمدينة "ستراسبورغ"، إنه "يجب على العالم الحر، الحرص على ضمان حرية التعبير، وإبداء الحساسية في الوقت نفسه للشؤون الدينية"، وأوضح أن "حرية التعبير يجب أن تسمح للمسلمين بالاحتجاج على جرح مشاعرهم، وذلك بالطرق المشروعة، وبعيداً عن العنف."
وكانت الخارجية الفرنسية قد أعلنت، في وقت سابق الأربعاء، أنها ستغلق سفاراتها وقنصلياتها ومدارسها في نحو 20 دولة الجمعة، كإجراء احترازي، بعد قيام مجلة "شارلي إبدو" بنشر رسوم تتضمن "إساءة" للنبي محمد، في خطوة قد تثير المزيد من الاحتجاجات في العديد من الدول الإسلامية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر