الرباط - الدار البيضاء
من المرتقب أن تشهد السنة الثانية من الولاية الحكومية الحالية تركيزا تشريعيا برلمانيا ينصب على تنزيل القوانين الإطار التي وافق عليها الملك خلال المجالس الوزارية؛ ومنها مشاريع القوانين التي تضمنها قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، والمشاريع التي تضمنها القانون الإطار المتعلق بالصحة، وكذا المشاريع الخاصة بقانون الإطار المتعلق بالاستثمار، ومشاريع القوانين التي تضمنها قانون الإطار المتعلق بالجبايات.المشاريع المنتظر الانكباب عليها خلال الدورة البرلمانية المقبلة اعتبرها محمد غيات، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، تكتسي طابعا استعجاليا بالنظر إلى السياق الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه المغرب.
وأبرز غيات أنه من المنتظر أن تشهد السنة التشريعية الثانية من الولاية نقاشا حول قانون الإنتاج الذاتي للطاقة، معتبرا إياه “ثورة تشريعية بدلالات إستراتيجية؛ لأنه أحد المداخل الكبرى لحماية الأمن والسيادة الطاقية الذي دعا إلى تحقيقهما الملك خلال افتتاح السنة التشريعية الحالية، حيث وجه السلطة التشريعية والتنفيذية إلى إيلاء الأولوية التشريعية والتنظيمية لحماية السيادة الطاقية لبلدنا وضمان الأمن القومي الطاقي”.
من جهة أخرى، أضاف رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، في تصريح لهسبريس، فإن حرص الحكومة على إحالة عدد من المشاريع المصيرية المتعلقة بالأمن الطاقي خلال الأشهر الأولى من الولاية هو رسالة واضحة حول الأهمية التي يحتلها هذا الملف ضمن أولويات التدبير الحكومي، لما يلعبه هذا القطاع في الاقتصاد الوطني من دور في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وقال غيات إن البرنامج الحكومي تضمن مشاريع قوانين مهمة، تحمل رهانات اجتماعية؛ كما هو الشأن بالنسبة إلى المشروعين المتعلقين بمجلس المنافسة وحرية الأسعار والمنافسة، حيث كان من الضروري إعادة النظر في الترسانة القانونية المتعلقة بهذين القانونين، خصوصا بعدما تم تسجيله طيلة اعتماد هذه المنظومة التشريعية من ثغرات قانونية واختلالات ناتجة عن ممارسات بعض الفاعلين الاقتصاديين. ويهدف النصان أساسا إلى معالجة معيقات التنفيذ الأمثل لقانوني مجلس المنافسة وحرية الأسعار، والتي برزت من خلال التطبيق العملي لأحكام القانونين منذ ثمانية أعوام، بالإضافة إلى إعادة النظر في المساطر والإجراءات أمام الجهات المعنية بالتطبيق بما يضمن تعزيز صلاحيات مجلس المنافسة وضمان الشفافية وسرية المداولات وإجراءات منع الممارسات المخلة بالتنافس ومحاسبة المخالفين.
وفيما يتعلق بمشروع القانون الخاص بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، أكد النائب البرلماني ذاته أنه سيمهد لإصلاح جوهري وتحول نوعي لمنظومة الإحسان العمومي بالمغرب، وسيضع قواعد صارمة لإرساء دعائم مجتمع متضامن كما نص عليها الدستور في ديباجته، وفي الوقت نفسه قطع الطريق على الاتجار بأعمال خيرية واستغلالها لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية وإقفال ممرات تبييض الأموال الفاسدة.
وفيما يخص مشروع قانون يتعلق بالمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي يهم فئة خاصة داخل المجتمع ألا وهي فئة المثقفين والفنانين والكتاب والمؤلفين، سجل غيات أنه تنزيل فعلي للتوجهات الملكية الداعية إلى تثمين الثقافة والفن، وأنه نص يتلاءم مع أحكام الدستور الذي يضمن حماية الإبداع وصيانة التعبيرات الثقافية، وكل هاته المقاصد لا يمكن تحقيقها دون نظام قانوني جديد يحقق قفزة نوعية للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ويمنحه وضعا اعتباريا يتمتع فيه بالاستقلال المالي، ويمكنه من تسخير كل الآليات التي تساعده ليس فقط لضمان وصون الملكية الفكرية للمؤلف؛ ولكن، أيضا، تقوي دور هذا المكتب في الدفاع عن الموروث الثقافي والفني للبلاد، شدد القيادي التجمعي.
وحول مشروع القانون المتعلق بإحداث السجل الوطني الفلاحي، قال عضو المكتب السياسي للحزب الذي يقود الحكومة إنه مشروع يندرج في إطار الإصلاحات الرامية إلى تنفيذ الأهداف والتوجهات التي جاءت بها إستراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، ومن شأنه وضع آليات جديدة تمكن من تتبع وتقييم مختلف تدخلاتها على مستوى الاستغلاليات الفلاحية بغية تحديثها والرفع من الإنتاج الفلاحي وتحسينه، وكذا الاهتمام بتثمين العنصر البشري كمحور رئيسي في تطوير القطاع الفلاحي والرفع من مقوماته، ولا سيما من خلال التنزيل الأمثل للورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية لجميع الفئات المهنية بما فيها فئات الفلاحين.
بدورها، أبرزت نادية تهامي، البرلمانية عن فريق التقدم والاشتراكية، أن دورة أكتوبر المقبلة تشهد العديد من الرهانات والتحديات على المستوى التشريعي، مشيرة إلى أن “الخطاب الملكي، الذي سيفتتح به الملك هذه الدورة، سيحمل توجيهات جديدة للحكومة وللبرلمان، وسنسترشد بهذه التوجيهات الملكية السامية في عملنا البرلماني”.وأوضحت عضوة المكتب السياسي للحزب التقدمي أن الدورة ستعرف مناقشة البرلمان لمشروع قانون المالية لسنة 2023، مضيفة: “ننتظر ترجمة المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة تشريعيا وماليا”.
واعتبرت المتحدثة ذاتها مناقشة هذا القانون “فرصة لتعميق النقاش السياسي حول العديد من القضايا الأساسية، وسنرى الحلول التي ستقدمها الحكومة للأزمة الاقتصادية الراهنة، بسبب غلاء الأسعار ونقص الماء، ووضعية العديد من القطاعات ذات الصلة المباشرة بانتظارات المواطنات والمواطنين”.
وأفادت النائبة البرلمانية المنتمية إلى حزب “الكتاب” المعارض بأن “هناك 26 مشروع قانون قيد الدرس باللجان الدائمة بمجلس النواب، الكثير منها تتصل بالموافقة على اتفاقيات دولية، وهي نصوص لا شك في أن الحكومة ستستند على أغلبيتها العددية في إخراج الكثير منها إلى حيز الوجود، وهذه مسألة ديمقراطية لا نناقشها. في المقابل، هناك 162 مقترح قانون تنتظر الشروع في مناقشتها في اللجان في أفق المصادقة عليها أو رفضها، والحكومة ملزمة بالجلوس معنا على طاولة النقاش في اللجان الدائمة وفي الجلسات العامة، لنعرف موقفها المبدئي من المبادرة التشريعية لممثلي الأمة. كما أنها ملزمة بالتعاطي الجدي مع مقترحات قوانين ممثلات وممثلي الأمة، كما نتعامل نحن مع مشاريع القوانين المتأتية منها، وكما نحرص على مناقشتها وتقديم أفكار لتجويدها”.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر