الرباط - الدار البيضاء
أخرت غرفة الجنايات ب محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مطلع الأسبوع الجاري، ملف متابعة متقاعد ضمن القوات المساعدة، كان قد أجهز بآلة حادة (ساطور) على ابنه بمدينة بنسليمان، بسبب مطالبته اليومية بمنحه مبالغ مالية من أجل اقتناء المخدرات.
وتفجرت القضية بعدما أقدم الوالد المتقاعد على توجيه طعنات بواسطة ساطور لابنه، فطرحه أرضا مضرجا في الدماء، ليفارق الحياة بعد نقله صوب المستشفى الإقليمي ببنسليمان، وذلك عقب خلاف بينهما بسبب قيام الضحية بتناول المخدرات والكحول داخل المنزل، حسب ما أكدته شقيقته لدى قاضي التحقيق بالدار البيضاء.
وحسب المصدر نفسه فإن الشاب بعد خلاف مع الأب غادر المنزل، ليعود بعدها وهو يحمل في يديه قنينتي خمر، فشرع في احتسائهما، معرضا الأب والأخت لوابل من السب والشتم والتهديد، وهو الأمر الذي أكده شقيقه بكونه يعرضهم للتهديد باستمرار، الأمر الذي لم يطقه الأب، فقرر وضع حد لحياة الابن العاق.
وأعادت هذه القضية التي تنظر فيها استئنافية الدار البيضاء ملف عقوق الوالدين إلى الواجهة، وهي ظاهرة عادة ما يتسبب فيها تعاطي الأبناء للمخدرات وحبوب الهلوسة، ما يحول حياة عدد من الأسر إلى جحيم، ويرمي بأفراد منها في ردهات السجون.
ويرى المختصون أن ظاهرة عقوق الوالدين في المجتمع المغربي ترجع بالأساس إلى القيم الجديدة التي دخلت على هذا الوسط، بالإضافة إلى انتشار تعاطي المخدرات من قبل الشباب وغياب التواصل بين الآباء والأبناء.
ولفت في هذا الصدد الباحث في علم الاجتماع فؤاد بلمير إلى كون المغرب منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي تبنى سياسة إعادة الهيكلة، التي كانت وراء دخول مجموعة من القيم على المجتمع المغربي، وكذا سقوط المدرسة العمومية، وهو ما خلف بحسبه "نوعا من التيه، سواء للوالدين أو الأبناء، فبدأت تظهر تغيرات على مستوى التربية؛ ناهيك عن ظهور تقنيات جديدة للاتصال، وبالتالي يبدو أن الآباء استقالوا من دور التربية".
وأوضح الباحث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن طريقة الرعاية التي اعتمدتها بعض الأسر مع الأبناء خلقت جيلا متمردا على الآباء والأمهات، مشددا على أن "التربية هي مواكبة ومصاحبة يومية لجميع المراحل إلى حين وصول الابن إلى مرحلة الاستقلالية، وهو أمر يغيب اليوم"، وزاد: "مجموعة من الآباء عاشوا نوعا من الحرمان، وصاروا يتعاملون مع الأبناء في تربيتهم لهم بإفراط في الرقة، تفاديا للشعور ذاته".
وينضاف إلى ذلك، حسب الباحث فؤاد بلمير دائما، أن من أسباب ظاهرة عقوق الوالدين التعاطي للمخدرات من لدن الشباب، ما يجعلهم يعتبرون الآباء "خصوما لهم في حالة ما رفضوا منحهم مبالغ مالية لاقتنائها".
ولفت الباحث نفسه إلى كون الوسط المغربي يمتاز بثقافة ودين سمح، مضيفا: "إذا ما تم استثمار الجانب الإيجابي في ثقافتنا وديننا يمكن أن نعيد طريقة تربيتنا ورعايتنا للأبناء لتفادي هذه الحوادث التي نسمعها هنا وهناك"، مشددا على وجوب تفادي الخلط بين التربية والرعاية الاجتماعية من طرف الأسر المغربية.
قد يهمك ايضا:
محكمة الاستئناف تحتفي بحروف تيفيناغ وسط فاس
"استئناف" الجديدة تطالع تفاصيل مثيرة في ملف مشروع "إقامة أوزود"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر