الرباط ـ الدارالبيضاء اليوم
تستمر شكاوى المؤسسات الدستورية، خاصة المعنية منها بالحكامة ومحاربة الفساد، من عدم تجاوب السلطات الحكومية وباقي السلطات المعنية مع آرائها وتوصياتها؛ فخلال الأسبوع الجاري، اشتكت مؤسسة وسيط المملكة من عدم تجاوب الإدارة مع مراسلاتها بشكل كامل وعدم مناقشة البرلمان لتقريرها السنوي، واشتكت هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بدورها، من عدم تفعيل توصياتها.
توصيات تنتظر التنفيذ
شكوى هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة جاءت من خلال الكلمة التقديمية للعد الثالث من “رسالة النزاهة”، الصادر بحر هذا الأسبوع تزامنا مع الاحتفاء باليوم الوطني لمحاربة الرشوة الذي يصادف الـ 6 من يناير من كل سنة، والتي بسطت فيها أسس عملها ورؤيتها الاستراتيجية لمكافحة الفساد.
وعلى الرغم من إصلاح الإطار القانوني لهيئة للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وتخويلها اختصاصات جديدة، إلا أنها تَعتبر أن آراءها وتوصياتها المختلفة المضمّنة في التقارير التي نشرتها “لم تجد طريقها بعد إلى التنفيذ”، كما أن الهيئة “لم تُحط علما بالمآلات المخصصة لتوصياتها وآرائها من قبل الجهات المعنية”.
وشرعت الهيئة في إدماج آثار السياق الحالي المطبوع بعوائق الأزمة الصحية لـ”كوفيد-19″ وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة في تحليلاتها لوضعية الفساد وتطوره، حيث ذكر رئيس الهيئة، محمد بشير الراشدي، في كلمة تقديمية للعدد الثالث من “رسالة النزاهة”، أن الأزمة الراهنة “تنطوي على مخاطر كبيرة في تصاعد الفساد بأشكاله المعروفة وظهور أجيال جديدة منه”.
وأكد محمد بشير الراشدي أن المقاربة الاستشرافية التي نهجتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة تسعى إلى “وضع أسس متينة لإرساء انتقال ناجح نحو حقبة جديدة للوقاية من الفساد ومحاربته بالمغرب”، مبرزا أن هذه المقاربة الاستشرافية “تفترض تبني رؤية موحدة تنبثق منها الأولويات المختارة لتأثيرها الهيكلي والتأسيسي، ولآثارها المتوقعة على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والمجتمعيين”.
نحو حقبة جديدة لمكافحة الفساد
وبينما لم تجد بعدُ توصيات وآراء الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة طريقها إلى التنفيذ من قِبل الجهات المعنية، شدد الراشدي على أن الحقبة الجديدة التي تروم الهيئة الانتقال إليها في مجال محاربة الفساد والرشوة، “تتطلب تعبئة قوية لجميع السلطات والمؤسسات المعنية، في إطار منسق، قائم على مبدأ التكامل المؤسسي الذي يضمن توضيح الأدوار والمسؤوليات”.
ولا تزال الهيئة المذكورة تنتظر دخول القانون رقم 46.19 حيز التنفيذ، بعد أن صادق عليه البرلمان وتأخّر تنفيذه بسبب عدم تعيين أعضاء الهيئة، حتى تتمكن من الاضطلاع بمسؤولياتها الدستورية والقانونية بالكامل، مؤكدة، كما جاء في الكلمة التقديمية للعدد الثالث من “رسالة النزاهة”، “عزمها التعاون بانسجام قوي مع السلطات والمؤسسات الأخرى المعنية لإطلاق الدينامية اللازمة والإشراف على تنفيذها وتنسيقها”.
وفيما لا يزال القانون المنظم للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ينتظر التفعيل منذ المصادقة عليه من قبل مجلسيْ البرلمان شهر مارس 2021، فإن الهيئة ترى أن من شأن الإجماع الحاصل على القانون المذكور الذي استغرق إعداده عامين وشاركت فيه جميع المؤسسات والجهات المعنية، “أن ييسر تنفيذه، في إطار من التآزر والتكامل بين الجهات والمؤسسات المعنية بمكافحة الفساد”.
تسطيح منحى تفشي الفساد
وترتكز أسس ترسيخ الرؤية الاستراتيجية للهيئة على ستة محاور رئيسية، تصب في تحقيق هدف مركزي يتمثل في “دينامية وطنية قوية ومعبأة تطبعها المسؤولية والمصداقية، وترتكز على التكامل المؤسساتي وتحقيق تغيير عميق ومستدام، يتجه نحو تسطيح منحى تفشي آفة الفساد ويتبلور من خلال نتائج ذات آثار ملموسة في الواقع اليومي للمواطن، بما يعزز متطلبات الثقة وانخراط الجميع”.
وأصبح البناء الاستشرافي الذي تقوم به الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومحاربتها يكتسي أهمية أكبر، خاصة مع استعداد المغرب لتنفيذ النموذج التنموي الجديد، الذي جعل من الحكامة المسؤولة وتعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد، الشروط الأساسية لـ”تكريس المصداقية والثقة والتماسك والتعبئة الجماعية الواسعة”.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر