الرباط - المغرب اليوم
واجه ناشط سلفي ينحدر من مدينة الحسيمة ويقطن في بروكسيل البلجيكية، يدعى "أبو شيماء"، عاصفة من الانتقادات اللاذعة، بعدما وصف بـ"المتبرجات" وبأنهن "لا يمثلن قدوة للمسلمات" مئات النساء اللائي خرجن، يوم الأربعاء الماضي، وسط المدينة الريفية للاحتفال باليوم العالمي للمرأة وإعلان مطالبهن ضمن "الحراك الشعبي".
ويتعلق الأمر بناشط سلفي 64 عاما يدعى "عبد الكريم أزناكي"، ويلقب بـ"أبو شيماء"، الذي كان يتحدث قبل أيام من داخل غرفة المحادثات الجماعية على الأنترنت "بالتوك" (Paltalk)، وهو يرد على سؤال يهم خروج نساء الحسيمة للاحتجاج في سياق الحراك الشعبي الذي تعيشه المنطقة منذ مقتل بائع السمك محسن فكري نهاية أكتوبر الماضي؛ حيث قال، متحدثا بتريفيت إنهن "لا يرتدين اللباس الشرعي وكلهن متبرجات رغم أن بعضهن يرتدين غطاء الرأس".
وتساءل الناشط ، ضمن التسجيل الصوتي قائلا: "هل مثل هؤلاء النساء سيوجهن النصيحة لمن ستربي الأجيال وتكون قدوة للمسلمات وتعمل على إعلاء كلمة الله؟ الجواب لا"، مبررا موقفه بأن المشاركات في المسيرة التي كانت نسائية صرفة "لم يكنّ يرتدين الحجاب الشرعي، بل خرجن متبرجات، ولباسا مثيرا، وكاشفات لشعرهن"، وفق وصفه الخاص.
غضب وحرق الصور
وأثار موقف "أبو شيماء" موجة من الغضب والسخرية في أوساط نشطاء الحراك بالحسيمة إلى درجة أن عددا منهم يعدون لمقاضاته أمام القضاء البلجيكي، فيما شرع البعض في نشر تدوينات تظهر إقدامهم على حرق صوره، كما فعل الناشط الأمازيغي مولاي رشيد زناي، الذي أرفق الصور بعبارات غاضبة من قبيل "نساء الريف أشرف منك أيها الداعشي المخزني"، و"نساء الريف خط أحمر".
من جانبه، قال الناشط ناصر زفزافي، في تسجيل بث على صفحته في موقع "الفيس بوك" للتواصل الاجتماعي: "أبو شيماء يعاني من الجهل ويسيء بتصريحاته المشبوهة والمخزنية إلى الدين"، متهما إياه بمحاولته، عبر مواقفه ودروسه الدينية، "استحمار المغاربة والوقوف ضد الحراك"، وفق تعبيره، مضيفا: "أبو شيماء معروف بأنه يهاجم الهوية والثقافة الأمازيغية رغم أنه من أبناء المنطقة. والعلماء الحقيقيون الذين يقولون كلمة الحق هم في السجون، أما هذا الشخص فمن علماء السلاطين ولا يمثلنا".
أبو شيماء.. ناشط مثير
أبو شيماء هو ناشط سلفي يعيش في بلجيكا منذ عقود، ولد في مارس 1952 بالحسيمة، ويعرف لدى شريحة من مغاربة الخارج في أوروبا بأنشطته الدينية في العديد من المساجد والجمعيات المدنية الإسلامية؛ إذ يتردد على مناطق في بلجيكا وفرنسا وهولندا لإلقاء محاضرات باللغة الأمازيغية، في قضايا لا تتعدى المرأة والزواج والجهاد وعقيدة "أهل السنة والجماعة"، ويلازم دائما إحدى غرف الدردشة الجماعية الافتراضية على الأنترنت بموقع "بالتوك" ليجيب على أسئلة ذات صلة بالحياة العامة والدين.
وبحسب تقارير إعلامية بلجيكية، مثلما نشرت "آخر ساعة" المعروفة، فإن جدل "أبو شيماء" يتصل بفضيحة تورطه في مقتل شابة مغربية في غشت 2004، تدعى لطيفة هاشمي، بمنطقة سكاربيك التابعة إداريا للعاصمة البلجيكية بروكسيل، بعدما ترددت عليه رفقة زوجها لأجل علاجها من العقم؛ حيث دخل معها الناشط السلفي في جلسات علاج على أنها "مسكونة من طرف جن شرير"، لتلقى حتفها "بعد شهرين من التعذيب"، وفق الصحيفة.
وتشير المعطيات ذاتها إلى أن القضاء البلجيكي حكم على عبد الكريم أزناكي بثلاث سنوات سجنا موقوفة التنفيذ لتورطه في وفاة الشابة المغربية، موضحة أنه عرضها لـ"معاملة غير إنسانية وقاسية تسببت لها في ألم شديد ومعاناة بدنية وعقلية خطيرة جدا، تسببت في وفاتها دون نية للقتل".
وكشف التقرير عن مساحة مهمة من أنشطة "أبو شيماء" الدينية، موردا أن له صلة بفتح مراكز ثقافية دينية في بلجيكا وإلقاء محاضرات في مساجد بلجيكية وهولندية وفرنسية. وأوضح أن السلفي عبد الكريم أزناكي أب لسبعة أبناء، يعيش حالة عطالة عن العمل منذ 1990، ولم يتلق أي تكوين شرعي من المؤسسات والمدارس الإسلامية.
ويوصف خطاب "أبو شيماء" بأنه فقير دينيا ولا يستند إلى معطيات قوية في الفقه الإسلامي، وتظهر أشرطته المنتشرة على موقع "يوتيوب" أنه يشتغل كثيرا على قضايا المرأة والزواج والجهاد والدفاع عن معتقدات مذهب "أهل السنة والجماعة"، إلى جانب الرد على كل الأسئلة التي تطرح عليه من طرف المشاركين في لقاءاته، فيما تقول الصحيفة البلجيكية، مستندة إلى تقارير لمتخصصين في الطب النفسي، إن "أبو شيماء" يتوفر على شعبية وسط الناس؛ "لأنهم يبحثون عن أجوبة لقضاياهم البسيطة المتصلة بالموت والحياة والمعاناة النفسية".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر