الرباط-الدار البيضاء اليوم
لن يكون الدخول السياسي المنتظر كسابقيه، ليس فقط بسبب تطورات جائحة كورونا وآثارها على الاقتصاد، وإنما أيضا بسبب الملفات الحارقة المنتظرة.ولن يكون آثار الجائحة الملف الوحيد الذي سيلقي بظلاله على السنة السياسية المقبلة، هناك أيضا الحوار الاجتماعي المتعثر والانتخابات التشريعية التي سترسم صورة الحكومة التي ستقود البلاد للخمس سنوات المقبلة.
ثلاثة ملفات كبرى يمكن أن يكون لها أثر على المشهد السياسي بالبلاد، والبداية بالحوار الاجتماعي العالق بسبب تباعد المواقف بين الأطراف المعنية، خاصة في الزيادة في الحد الأدنى للأجور.بين الباطرونا والمركزيات النقابية وبينهما الحكومة، ما يزال ملف الزيادة في الحد الأدنى للأجور من بين أهم القضايا العالقة بين الأطراف الثلاثة، خاصة بعد تشبت الاتحاد العام لمقاولات المغرب بعدم الاستجابة، ومصادقة الحكومة على موقف الباطرونا، واستمرار غضب المركزيات النقابية.
آخر اللقاءات التي أجريت في هذا الموضوع، انتهت من حيث بدأت، لا جديد في الزيادة في الحد الأدنى للأجور، على الأقل في نظر الباطرونا التي رفضت الزيادة في ظل الظرروف الدقيقة الذي تمر منه البلاد.وفي الجهة الأخرى، أي المركزيات النقابية، الموضوع محسوم وتم الاتفاق حوله قبل شهور، والزيادة في نظر المركزيات النقابية دائما، لن تؤثر على كل المقاولات، خاصة بعد إقرار عدد من برامج الدعم الاقتصادي الحكومي الموجه للمقاولات.
بسبب هذا التباعد بين الأطراف الثلاثة، وفي واحدة من أهم نقط الخلاف، واستمرار تداعيات الجائحة على الاقتصاد الوطني، يمكن أن يزيد من هوة الخلاف، وقد تترتب عنه مواقف أكثر قوة عن سابقاتها.ثاني الملفات الحارقة، الانتخابات خاصة التشريعية، وما سيرافقها من تنافس على الفوز بالمرتبة الأولى وقيادة الحكومة لخمس سنوات أخرى، وهو الموضوع نفسه الذي ما يزال يثير كثيرا من السيناريوهات، ويتبلور دائما في السؤال التالي: هل يمكن أن يستمر “البيجيدي” على رأس الحكومة لولاية ثالثة أم لا؟
كل المعطيات المتوفرة لحد الآن تعود إلى النتائج المحققة في الانتخابات التشريعية السابقة، والاستناد عليها وحدها، قد لا يعطي بداية جواب للسؤال ذاته، بالنظر لتغير الكثير من المعطيات، ومنها التي تواترت في الآونة الأخيرة بسبب التدبير الحكومي لجائحة كورونا.يقول رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري أن الاستعدادات للانتخابات التشريعية انطلقت مؤخرا، على الأقل بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، الذي رمى بالكرة في البركة الآسنة، من خلال الحديث المحتشم عن تقليص المشاركة في الانتخابات، علما أن دستور 2011 حسم الخيار الديمقراطي الذي لا يعني إلا المنافسة الموضوعية بين كل المقاربات والبرامج.
ويضيف رشيد لزرق في تصريح لـ «سيت أنفو » أن الحديث المبكر عن تقليص المشاركة في الانتخابات المقبلة لحزب العدالة والتنمية، قد يكون في سياق إضفاء نوع من المظلومية التي راهن عليها الحزب مع قرب استحقاقات سابقة، في الوقت الذي تتمتع به الساحة السياسية باستقلالية تامة في التنافس بين البرامج السياسية والمجتمعية، سواء في الانتخابات أو غير الانتخابات.باختصار، يؤكد نفس المصدر أن الانتخابات المقبلة يجب أن تكون محكا للمنافسة بين البرامج الحزبية، وأن تحمل قيمة مضافة بالمقارنة مع سابقاتها.
ويرى نفس الباحث أن تنزيل الجهوية الموسعة من بين التحديات التي ينتظر أن تتحقق في السنة المقبلة، فضلا عن الانتخابات وتدبير آثار كورونا اقتصاديا واجتماعيا، مؤكدا أن هذا التحدي ما يزال لم يتحقق على الرغم من كونه كان ولا يزال حلما من شأنه أن يكون لتنزيله آثار إيجابية على التدبير العام للجهات وساكناتها.وسيظل أقوى الملفات التي ستظل عنوانا بارزا للسنة المقبلة، كيفية تدبير الخروج من جائحة كورونا، في ظل استمرار الإصابات وآثار الجائحة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للكثير من الفئات المتضررة، والبداية بإنجاح الدخول المدرسي الاستثنائي الذي توزع بين الحضوري وعن بعد وما لهما من أثر نفسي وتربوي على الأسر ومنظومة التربية والتعليم، ثم إنجاح إقلاع العديد من القطاعات الاقتصادية المتضررة .. السياحة والعقار نموذجا.وإذا كان قانون المالية التعديلي قد استبق السيناريوهات السوداء التي يمكن أن تعصف بقطاعات اقتصادية حيوية في ما تبقى من هذه السنة، إلا أن كل المعطيات ما تزال مرتبطة بشكل وثيق بتطورات الجائحة .
وقد يهمك ايضا:
تأجيل زيادة الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص مجددًا في المغرب
سعد الدين العثماني يُؤكِّد أنّ الوضعية الراهنة تُضاعف مِن مسؤوليات الحكومة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر