أفرجت وزارة الخارجية الأمريكية، مؤخرا، عن تقريرها السنوي حول “أوضاع الاتجار بالبشر لعام 2022″، راصداً مدى انتشار هذه الظاهرة حول العالم، وكذا الجهود التي بذلتها الدول طوال العام الماضي لمعالجتها.التقرير الصادر عن “مكتب مراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر” في وزارة الخارجية الأمريكية، حدد “ثلاثة مستويات” للدول بناء على مدى استيفائها للمعايير المحددة لمكافحة الظاهرة التي باتت تؤرق بال العالم في ظل اشتداد النزاعات واتساع رقعتها، ومدى امتثالها لـ”قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر والعنف” الصادر عام 2000.
المغرب “يحافظ” على مستواه
معطيات التقرير سالف الذكر صنفت المملكة المغربية في “قائمة بلدان المستوى 2” (ذات اللون الأصفر)، التي ضمت أيضا دولا “لا تلبي حكوماتها الحد الأدنى من المعايير تماما ولكنها تبذل جهودا كبيرة لتحقيق ذلك”، وهي مصر، والعراق، وإسرائيل، والأردن، ولبنان، وسلطنة عمان، وقطر، والسعودية، والسودان، والإمارات، وتونس، وتركيا.وسجل التقرير في الجزء المتعلق بالمغرب أن “الحكومة لا تَفِي تماما بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر ولكنها تبذل جهودا كبيرة للقيام بذلك”، مشيرا إلى أنها “أظهرت جهودا متزايدة، إجمالا، مقارنة بالفترة المشمولة بالتقرير السابق، بالنظر إلى تأثير جائحة كوفيد-19 على قدرتها على مكافحة الآفة”، وهو ما جعل المغرب يظل في المستوى الثاني.
وشملت هذه الجهود، حسب الخارجية الأمريكية، “زيادة الملاحقات القضائية المتعلقة بالاتجار بالبشر وممارساته. وقضت المحاكم بأحكام السجن لفترات طويلة في حق المتاجرين. كما واصلت الحكومة المغربية الشراكة مع المنظمات الدولية لتدريب المسؤولين الحكوميين. ومع ذلك، لم تستوْفِ الحكومة المعايير الدنيا في العديد من المجالات الرئيسية”.وحددت السلطات المغربية، يضيف التقرير، “أقل عدد من ضحايا الاتجار منذ عام 2018، وظلت بدون إجراءات شاملة لتحديد هوية الضحايا وإحالتهم، التي كانت في انتظار موافقة الحكومة للعام الثالث على التوالي”، موصيا بمعالجة “قصور في تحديد الضحايا وإحالتهم وإجراءات الفحص”، موردا أنه “تتم معاقبة الضحايا أحيانا”.
ورغم أنه حافظ منذ عام 2015 على استقرار خطيّ لتصنيفه ضمن المستوى ما قبل الأول، إلا أن التقرير أوصى المغربَ بـ”وضع الصيغة النهائية للإجراءات الرامية إلى التعرف بشكل استباقي على ضحايا الاتجار، لاسيما من الفئات السكانية الضعيفة والهشة، مثل المهاجرين غير الحاملين للوثائق اللازمة، والموافقة عليها وتنفيذها بصورة منهجية”.كما شملت التوصيات “إنشاء وتنفيذ آلية وطنية لإحالة الضحايا وتدريب السلطات القضائية وسلطات إنفاذ القانون على تطبيقها”، مع ضمان “التحقيق مع المتاجرين ومقاضاتهم وإدانتهم باستخدام قانون مكافحة الاتجار بالبشر، بما في ذلك قضايا السُّخرة والعمل والقسري”.
وهمت أيضا “تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والموظفين القضائيين ومفتشي عمل الأطفال وموظفي الرعاية الصحية على التوعية بقانون مكافحة الاتجار بالبشر، وتحديد هوية الضحايا، وعدم معاقبة الضحايا، وإحالة أفضل الممارسات باستخدام الآليات الحالية مع المنظمات غير الحكومية لزيادة قدرة المسؤولين على تحديد حالات الاتجار الداخلية، فضلاً عن حالات الاتجار عبر الحدود، باعتبارها متميزة عن جرائم تهريب المهاجرين”.ونادى التقرير بـ”توفير خدمات الحماية الكافية لضحايا جميع أشكال الاتجار، بما في ذلك المأوى والخدمات النفسية الاجتماعية، والمساعدة القانونية والمساعدة على العودة إلى البلد الأم”.
الجزائر على “قائمة المراقبة”
وكان لافتا أن يضع تقرير الخارجية الأمريكية الجزائرَ، الجارة الشرقية للمملكة، في “المستوى الثاني الخاص بقائمة المراقبة” (TIER 2 WATCH LIST)، مفسرا ذلك بأن “الحكومة الجزائرية لا تستوفي الحد الأدنى من المعايير بشكل كامل لكنها تبذل جهودا كبيرة للقيام بذلك”، من بينها تحديد المزيد من ضحايا الاتجار بالبشر، وزيادة التحقيقات والملاحقات القضائية والإدانة، وتوفير المأوى لخمسة ضحايا على الأقل من الأطفال، مشيرا إلى أن السلطات الجزائرية واصلت الشراكة مع المنظمات الدولية لتدريب المسؤولين وإطلاق حملات توعية عامة.
ولا يزال تحديد ضحايا الاتجار بالبشر غير كاف، وكذلك الخدمات المقدمة لهم، بالجارة الشرقية للمغرب؛ إذ بسبب إجراءات الفحص الحكومية للضحايا، مثل الأفارقة المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، واصلت السلطات في الجزائر معاقبة بعض الضحايا المحتملين مجهولي الهوية على “أفعال غير قانونية أجبرهم المتاجرون بهم على ارتكابها”، قبل أن يشير التقرير إلى “خوف بعض الضحايا من المهاجرين غير الشرعيين من الإبلاغ عن جرائم الاتجار بسبب إجراءات الفحص غير العادلة”.
وبينما تبوأت دول مثل روسيا والصين واليمن وسوريا “مراتب جد متأخرة في المستوى الأحمر”، كان التميز من نصيب دولة عربية وحيدة ضمن أفضل الدول عالميا ذات المستوى الأول “الأخضر” التي “تلبي حكوماتها بالكامل الحد الأدنى من معايير القانون للقضاء على الاتجار بالبشر”، هي البحرين، إلى جانب قائمة فيها الولايات المتحدة وأستراليا والنمسا، وألمانيا، والسويد والمملكة المتحدة.
وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، اعتبر في مقدمة التقرير أن “المتاجرين بالبشر ينتهكون الحق الأساسي للإنسان في الحرية”، مشيرا إلى أن “هذه الجريمة المؤسفة تحدث في كل مكان، لاسيما في المجتمعات الأكثر عرضة للخطر”، موضحا أن تقرير هذا العام يأتي “وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة، مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا”، لافتا إلى “قلق بالغ إزاء مخاطر الاتجار بالبشر التي يواجهها الأفراد الذين نزحوا داخليا بسبب الحرب، والفارين من أوكرانيا، الذين يشكل النساء والأطفال 90 في المائة منهم”.
وعزا التقرير أسباب انتشار الاتجار بالبشر عالميا إلى انعدام الأمن الغذائي والتأثيرات الأوسع الأخرى للحرب الروسية، التي تؤدي “إلى تفاقم مخاطر الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم”.كما اعتبر أزمة المناخ عاملا مساهما في تفاقم الاتجار بالبشر بين الفئات المستضعفة، موردا أنه “على الرغم من أن تغير المناخ لا يميّز بين السكان، إلا أن المشردين والمهاجرين المعرضين للخطر والسكان الأصليين والنساء والأطفال والأقليات، هم أكثر عرضة للاستغلال”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أمريكا تعزي المغاربة في ريان وتشيد بفرق الإنقاذ وتضامن الشعب
الخارجية الأمريكية تشيد بالاستراتيجية المغربية في مكافحة الإرهاب
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر