يقوم عشرات العمال، الذين وضعوا كمامات خضراء وحملوا مكانس ملونة، بتطهير وتعقيم أرضيات المسجد الحرام في مكة المكرمة دون توقف، مع تصاعد المخاوف من وصول فيروس "كورونا" المستجد إلى أقدس أماكن المسلمين؛ لكن المعتمرة الجزائرية نادية تقول إنها لا تخشى هذا الخطر، قائلة إن "الله سيحفظها منه".وعلّقت السعودية، الأربعاء، مؤقّتاً دخول الراغبين بأداء العمرة إلى أراضيها وزيارة المدينة المنورة في إجراء احترازي غير مسبوق يرمي إلى منع وصول فيروس "كورونا" المستجدّ إلى المملكة.
وتعتبر نادية بيطام، التي تعتمر للمرة الأولى، نفسها "محظوظة"؛ لأنها وصلت قبل صدور القرار بخمسة أيام.وغصّ المسجد الحرام الجمعة بالمصلّين، الذين كان يمكن رؤية عدد كبير منهم يضعون الأقنعة.وقالت بيطام (50 عاما)، التي كانت في المكان الخميس وقد وضعت كمّامة بيضاء وارتدت عباءة زهرية: "لا أشعر بأي خوف. نحن في أيدي الله".وتابعت: "ما يشغلنا هو العبادة. نحن نأخذ احتياطاتنا"، مشيرة إلى الكمامة التي وضعتها شقيقتها فاطمة أيضا.
وأعلنت السلطات السعودية أنه يتم غسل أرضيات المسجد الحرام الخالية من السجاد أربع مرات يوميًا ورفع 13 ألفا و500 سجادة من أماكن الصلاة. وتستقطب مناسك العمرة ملايين المسلمين سنويا من مختلف بلدان العالم.وأوضح جابر ودعاني، مدير إدارة تطهير المسجد الحرام، أن السلطات "تستخدم أفضل وسائل التنظيف والتعقيم وتقوم بكنس جميع السجاد وتعطيره يوميًا".وجاء القرار بتعليق أداء العمرة مع انتشار فيروس "كورونا" في الدول المجاورة، قبل شهرين من حلول شهر رمضان الذي تتضاعف مع اقترابه أعداد المعتمرين.
والمعتمرون والحجاج في مكة عرضة للعدوى بالفيروسات والأمراض، نتيجة للازدحام الشديد في أماكن الصلاة وفي وسائل النقل.وقالت روبينا محمود، التي كانت تقود فوجا يضم 105 معتمرين قادمين من هولندا، إن استخدام الكمامة "مفيد جدا"، مضيفة "الجميع هنا يسعل".وأوضحت من خلف نظارتها الطبية وكمامتها البيضاء أنها تتأكد طوال الوقت من أن "جميع أعضاء فوجها يضعون الكمامة ويشربون المياه ويغسلون أيديهم".وتابعت: "هذا بالتأكيد سيحمينا، لكن الباقي في يد الله".
في صحن الكعبة، وكذلك في مسعى الصفا والمروى، تنتشر فرق التنظيف التي ارتدى أفرادها ملابس زرقاء، فيما تفوح في المكان رائحة الكلور.ويتكرر المشهد في أماكن تناول الطعام خارج محيط الحرم، في إجراء اعتيادي؛ لكن زادت وتيرته مؤخرا.ومنذ مساء الخميس، ازدحم صحن الكعبة كعادته بآلاف القادمين من داخل المملكة لأداء العمرة، بالإضافة إلى عشرات آلاف المعتمرين المتواجدين في المدينة.ووضع كثيرون كمامات وأقنعة، بينما ارتدت بعض المعتمرات الآسيويات، خصوصا من المتقدمات بالسن، قفازات في أيديهن.
ونفدت الكمامات في ثلاث صيدليات محاذية للحرم المكيّ الخميس. وقال أحد الصيادلة: "الطلب على الكمامات في اليوميين الماضيين غير مسبوق"، مضيفا: "قمت ببيع 200 صندوق في ثلاثة أيام. ذلك كان مخزوننا للشهر كله".
"سلامة الناس أهم"
ولم تسجل حالات بفيروس "كورونا" المستجدّ؛ لكنّ المملكة عبرت عن قلقها من ظهور حالات في الدول المجاورة، وخصوصا في البحرين والكويت حيث تقرّر إغلاق المدارس والجامعات بعد تسجيل عشرات الإصابات بين أشخاص عادوا من إيران.وقال مسؤول سعودي مطلع على الملف، فضل عدم ذكر اسمه: "نحن لم نوقف العمرة فقط. أوقفنا دخول القادمين إلى المملكة، سواء للعمرة او للسياحة".
وفجر الجمعة، قررت السعودية تعليق إصدار تأشيرات السياحية مؤقتا لسياح سبع دول قالت إنّ فيروس "كورونا" المستجد ينتشر فيها؛ بينها الصين وإيطاليا وكوريا الجنوبية.كما قررت منع الحاصلين على تأشيرة سياحية من أداء العمرة أو زيارة المدينة المنورة.وقال المسؤول: "عندنا مئات آلاف المعتمرين شهريا من جنسيات مختلفة من كل بقاع الأرض. لو وصل (الفيروس) هنا وانتشر من هنا، سيصبح وباء عالميا. إذ سيصاب الناس ويعودون إلى بلدانهم".وأكّد أنّ "سلامة الناس أهم من أداء العمرة" التي يمكن تأديتها في أي وقت بالعام؛ لكنّ الطالب التركي حسام الدين علي، البالغ 21 عاما والذي يدرس الشريعة في جامعة الأزهر، قال لفرانس برس: "نخاف ونحن في بيت الله؟".
"أحصي خسائري"
وأدّى 18,3 ملايين شخص مناسك العمرة، بينهم 6,76 مليون أجنبي، في العام 2018، حسب الأرقام الرسمية في المملكة.وحظرت المملكة في عام 2003 دخول معتمرين من دول آسيوية معينة لدى انتشار فيروس "سارس".وأوضح مسؤولان سعوديان لوكالة فرانس برس أن إجراءات اليوم لا تنطبق بعد على الحج المتوقع هذه السنة في يوليوز.واستقطب الحج العام الفائت حوالى 2,5 ملايين شخص؛ فيما كانت السلطات المختصة توقعت قبل انتشار الفيروس أن يصل عدد الحجاج إلى2,7 ملايين في عام 2020.
وقال المصري محفوظ، الذي يؤجر نحو 40 غرفة يوميا في فنادق عديدة في المدينة المقدسة، إنّ "مجموعات (أجنبية) كاملة ألغت حجوزاتها بسبب وقف تأشيرات العمرة. لا أزال أحصي خسائري؛ لكنّها كبيرة".وأشارت موظفة في فندق قرب الكعبة إلى "إلغاء حجوزات 20 غرفة يوميا على الأقل. للأسف، هذا يحدث في موسم العمرة الرئيسي".
وقد يهمك ايضا :
الحكومة المغربية تُعزز منظومة مكافحة الفساد ومحاربة الرشوة بعدة إجراءات
تعليق العمرة مؤقتا بسبب "كورونا" يستنفر وكالات الأسفار المغربية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر