بغداد ـ وكالات
تستعيد عدسة المخرج العراقي نزار شهيد الفدعم التجربة الشعرية لعبد الوهاب البياتي في فيلم سينمائي، ضمن مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية لعام 2013، وتجري مواجهة بينه وبين الشعراء الكبار الذين تأثر بهم كالمتنبي والمعري والسياب والجواهري وغيرهم.
ويعد البياتي (1926-1999) من أحد مؤسسي مدرسة الشعر الحر، ويعبر شعره عن الوجع وقسوة الحياة، وأدت مواقفه السياسية إلى إسقاط الجنسية العراقية عنه، مما دفعه لاختيار الغربة مكانا للتعبير عن رفضه لما يجري في بلده.
وقال مؤلف الفيلم فاروق محمد في حديث للجزيرة نت إن الفيلم يسلط الضوء على فكر الشاعر عبد الوهاب البياتي الذي استطاع أن يغير مجرى الشعر العربي من خلال تفاعله مع بدر شاكر السياب ونازك الملائكة لابتكار الشعر الحر، إضافة إلى أنه يتطرق إلى تأثر البياتي بالشعراء الكبار كالمتنبي والمعري وما أضاف على تجربته الشعرية.
وأوضح أن الفيلم يتطرق إلى النقاط المضيئة في تجربة البياتي وليس عبارة عن سيرة تتناول حياته منذ الطفولة، ويضيف "استطعت قراءة قصائده التي أفرزت الوجع الذي يعيشه واعتمدت بشكل كبير في كتابة الفيلم على ديوان بستان عائشة".
ن جانبه قال مخرج الفيلم نزار شهيد الفدعم إن الفيلم يتناول التجربة الشعرية للبياتي، ولا يتطرق إلى حياته وعلاقاته الشخصية لأنه ليس فيلما وثائقيا، ويقول بحديثه للجزيرة نت إن "أحداث الفيلم تدور في منطقة لم يدخلها أحد من قبل وهي الشاعر في مواجهة الشعراء الكبار كالمتنبي وأبي تمام والمعري والسياب والجواهري" مبيناً أن الحصول على الموافقات لغرض إنتاجه وبدء التصوير يجري الآن.
وأضاف الفدعم أن الفيلم كتب عام 2002 ولم يتطرق إلى مواقف الشاعر السياسية المعارضة خوفا من النظام السابق، بل اهتم بالمؤثرات التي أثرت في التجربة الشعرية عند البياتي من خلال الشعراء الذين تأثر بهم، إضافة إلى غربته عن الوطن.
وأشار إلى أن الفيلم يتطرق إلى علاقة البياتي بالبحر والسفر والغربة والصحراء، إضافة إلى المرأة التي هي عالمه من خلال حبه الأول عائشة التي أصدر ديوانه باسمها "بستان عائشة" إذ أن علاقته بها ليست وجدانية وفق الفدعم وإنما هي علاقة فكر ورؤية متكاملة، مؤكداً أن الفيلم عمل إبداعي خالص، ويجب أن تؤلف له موسيقى وألحان خاصة به.
وأوضح أن تجربة البياتي إنسانية وعالمية، وأن مواقع التصوير لم تحدد إلى الآن ما عدا موقعي منطقة باب الشيخ البغدادية، ومرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني، مع أن مواقع التصوير "نستطيع أن نفتعلها من خلال أجواء القصيدة والحدث والمشهد المكتوب".
من جهته قال المدير الفني للفيلم حسن عبد الحميد بحديث للجزيرة نت إن الفيلم يُقدم بطريقة إيحائية وترميزية التجربة الشعرية المميزة للبياتي، إضافة إلى ما قدمه في غربته وسفره إلى المدن العالمية، فالفيلم ليس تتابعا واقعيا لحركته وإنما مجرد اقتباسات وإعادة بعض الجوانب التي تنظم إلى سيرته.
وأضاف أن الفيلم مأخوذ عن المجموعة الشعرية الأولى له وهي "أباريق مهشمة" وفي وضعه الحالي يعبر عن لمحة جديدة يتناول فيها الشعراء الكبار لتعظيم شأنهم من خلال السينما.
وأشار إلى أن مخرج الفيلم له باع طويل بالسينما ويمتلك الخبرة في تحويل القصائد الشعرية إلى صور مرئية، وهذا العمل ليس هينا، بل هو بحاجة إلى قدرات عالية وجهود متميزة.
بدوره قال الناقد علي الفواز بحديثه للجزيرة نت إن البياتي من الشخصيات الخلافية في السياقين التاريخي والنقدي، و"عادة ما نعمد في قراءاتنا لظواهرنا الثقافية لإبراز جوانبها التاريخية" أي الاكتفاء بتكريس الكاريزما الشخصية التي يتمتعون بها.
وأضاف الفواز أن البياتي من الرواد والمغامرين الكبار في الصناعة الأسلوبية بالقصيدة من حيث تأثراتها بالمنجز الغربي، أو من حيث الاستدعاء للأثر الصوفي والوجودي كما بالموروث العربي، مبيناً أنه يجب التركيز على حالة تأثره بعد بروز التيارات السياسية والأيديولوجية التي برزت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة التيارات اليسارية عند شعراء كمايكوفسكي وإلوار وأرغون ونيرودا وناظم حكمت ولوركا.
وانتهى الناقد إلى أن انعكاسات النزعة الشعاراتية بالعديد من قصائد البياتي لا تعني عدم التنبه لجدية البياتي في صناعة القصيدة المتخففة من الأعباء البلاغية والأسلوبية، والاقتراب من قصيدة اليومي والنص البصري، وكذلك نص القناع بوصفه نصا تعبيريا تمثله الشاعر لمواجهة أزمة الإنسان الوجودية والأخلاقية والحسية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر