آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

"حنة آرنت" تعود إلى الحياة في فيلم سينمائي جديد

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

برلين ـ وكالات

في فيلمها الجديد تسلط المخرجة "مارغاريته فون تروطا" الضوء على الفيسلوفة حنة آرنت وتقاريرها المثيرة للجدل حول محاكمة ضابط القوات الألمانية الخاصة الذي نظم ترحيل اليهود الأوربيين إلى فلسطين إبان الحرب العالمية الثانية. اشتهرت الفيلسوفة اليهودية حنة آرنت بنظريتها "إبتذال الشرّ". وغادرت آرنت ألمانيا عام 1933 في اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية هروبا من النازيين. وفي عام 1961 سافرت إلى القدس لتغطية محاكمة ضابط القوات الألمانية الخاصة أدولف إيخمان الذي كان قائد الفرقة المختصصة في تنظيم عملية ترحيل اليهود الأوربيين إلى فلسطين. وألقت سلطات دولة إسرائيل الفتية وقتها القبض على إيخمان بعد عملية مذهلة في الأرجنتين. وكانت حنة آرنت، شأنها شأن باقي المتتبعين، تنتظر وبشغف لقاء وحش إنساني يتطاير منه الشرُ.بعد انجازها لمجموعة من التقارير حول المحاكمة فوجئت آرنت بنقد الكثيرين لطريقة معالجتها لأطوار المحاكمة وقضية الضابط إيخمان. فتقاريرها التي أعدتها داخل المحكمة اتسمت بالموضوعية والبرودة وأثارت مشاعر الأسى، ما جعل منتقديها يتهمونها بكونها تُحمل ـ وبطريقة غير مباشرة ـ نصيبا من المسؤولية للضحايا اليهود لأنهم لم يقاوموا النازيين أو لأنهم قدموا مساعدة لهم. كما أُتهمت بالتقليل من حجم الضرر الذي لحق اليهود بسبب إيخمان. ورغم ان آرنت بررت مواقفها كفيلسوفة ومفكرة كما كانت طوال حياتها. فقد أثارت مواقفها مزيدا من الجدل، بل نأى عنها العديد من رفاقها.الجدل حول مواقف الفيلسوفة حنة آرنت هو جوهر قصة الفيلم الذي أخرجته "مارغاريته فون تروطا" الذي تقوم فيه الممثلة "بربارا سوكوفا" بأداء دور حنة آرنت. ويعالج الفيلم فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية والأجواء بين المهاجرين اليهود والألمان في نيويورك.والسؤال الذي يحاول الفيلم الإجابة عنه هو: لماذا صدمت آرنت الرأي العام بشكل عام والمثقين بشكل خاص قبل خمسين عاما بتقاريرها حول المحاكمة؟. في فيلم "مارغاريته فون تروطا" تتوقف عند ردود فعل عدد من اليهود الذين تابعوا المحاكمة، حيث كانوا يٌظهرون معاناتهم وحزنهم للعيان عكس الفيلسوفة الألمانية الأمريكية آرنت. وتقول المخرجة "مارغاريته فون تروطا": " لم تُظهر آرنت جرحها ولم يفهم الناس ذلك. بالنسبة لها فاظهار ذلك كان سيكون بمثابة قلة حياء". ترعرعت آرنت المولودة عام 1906 في أحضان عائلة يهودية لائكية ودرست الفلسفة وتعرفت على الفيلسوف مارتن هايدغر الذي كانت محاظراته تعرفا إقبالا كبيرا خصوصا من طرف الطلبة الشباب في الستينات من القرن الماضي، وهي من بين المحطات المهمة بالنسبة لمخرجة الفيلم. "لقد علمها في الحقيقة التفكير. وقالت بنفسها: التفكير يمكن أن يُنقذ الإنسان من القرارات الخاطئة ومن الكوارث. فظهور هايدغر في الفيلم ضروري، ليس كعاشق بل كشخص علم آرنت التفكير" على حد تعبير المُخرجة، والتي لمحت في فيلمها إلى علاقة الحب التي جمعت هايدغر بآرنت دون الغوص في التفاصيل كما تفعل أفلام السيرة الذاتية الأمريكية. واختارت المخرجة عوض ذلك تسليط الكاميرا على حقبة مهمة من تاريخ آرنت. من بين إختيارات المخرجة في طريقة الإخراج، التي زادت الفيلم أهمية، هو حديث الممثلة "بربارا سوكوفا" بلكنة ألمانية قوية وأيضا باللغة الإنجليزية. والمذهل في الأمر هو أن الممثلة تعيش منذ عشرين عاما في نيويورك ، ولاتقان دورها كانت مجبرة على تعلم اللكنة الألمانية. واستفاد الفيلم من هذه الإزدواجية اللغوية التي زادت من قيمة الشريط. أما القرار الثاني المهم للمخرجة فهو تخليها عن إدماج ممثل يؤدي دور الضابط المُدان أدولف إيخمان مكتفية بالوثائق والمشاهد الحقيقية التي صُور فيها. وأخذت المخرجة مشاهدا من فيلم "المتخصص" للمخرج الفرنسي الإسرائلي"إيال سيفان" الذي صوره عام 1999. وتقول "مارغاريته فون تروطا" مبررة ذلك الإختيار: " الموقف المعاكس لإيخمان مهم بالنسبة لي، ولهذا السبب لم أختر ممثلا يؤدي دوره، واخترت إيخمان الحقيقي الطائش والذي لم يستعمل قط نعمة العقل". وكان بالنسبة للمخرجة أمرا مهما التخلي عن ممثل يقوم بدور الضابط الألماني "لأن الجمهور سينظر إليه كممثل وسيركز على أداء الممثل دون التركيز على صورته كما عايشته آرنت: صورة مجرم مبتذل مخيف حاول تقديم نفسه مجرد منفذ مخلص للأوامر". بدأت "مارغاريته فون تروطا" تهتم وباسهاب بالفيلسوفة آرنت منذ عام 2003 خلال تصويرها لشريط "شارع الزهور" الذي تناولت فيه موضوع صمود النساء اليهوديات اللواتي سٌجن أزواجهن من طرف النازيين ونجاحهن في ارغامهم على التراجع. وأثناء عملية التحضير لفيلمها عثرت المخرجة على العديد من نصوص الفيلسوفة آرنت. في البداية لم تكن مقتنعة بفكرة تصوير جزء من حياة المفكرة آرنت كما فعلت مع نساء أخريات كـ"روزا لوكسوبورغ" و"هيلدغراد فون بيغن". فعندما طرح عليها أحد أصدقائها المنتجين الفكرة تساءلت " كيف يمكن وصف فيلسوفة؟". وبتأن كبير بدأت المخرجة تقتنع بفكرة تصوير فيلم على المفكرة الاستثنائية والمستفزة. قضت آرنت الجزء الأكبر من حياتها في ألمانيا وهاجرت ألمانيا صوب الولايات المتحدة الأمريكية مكرهة. وهناك نقط تقاطع بين المخرجة وبين الفيسلوفة. فالمخرجة "مارغاريته فون تروطا" عاشت لوقت طويل في روما وحل بها المقام إلى باريس التي تعيش فيها منذ سنوات. تقول "مارغاريته فون تروطا" : "بقيت أيضا ولسنوات بدون بلد. وٌلدت في برلين وكان عندي جواز سفر الغرباء لسنوات عديدة". وحصلت "مارغاريته فون تروطا" على بطاقة هوية ألمانية بعد زواجها الأول.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حنة آرنت تعود إلى الحياة في فيلم سينمائي جديد حنة آرنت تعود إلى الحياة في فيلم سينمائي جديد



GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 17:54 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 08:43 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عدد جديد من المجلة الكويتية الفكرية المحكمة «عالم الفكر»

GMT 06:30 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

نهاية بادي تغوص داخل أعماق النفس البشرية في "حمامة سلا"

GMT 04:52 2013 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الحجاب يزيد من جمال المرأة

GMT 19:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

مكب قديم للنفايات يكشف عن خاتم الملك اليهودي حزقيا

GMT 09:53 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

"الكهرباء المصرية" 12 ألفًا و500 ميغاوات زيادة متاحة عن الحمل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca