الرباط - الدار البيضاء
تتحول مظاهر الفرح والاحتفال بإخضاع الأطفال والرضع للإعذار (أو الختان)، في بعض الأحيان، إلى هلع وقلق شديدين إذا سارت الأمور في الاتجاه الخاطئ، وتصل بعض الحالات إلى درجة الإصابة بنزيف حاد، وقد تنتهي بوفاة الطفل إذا لم يتم تدارك الأمر بالسرعة اللازمة. وإذا كانت الأسر المغربية، عبر العصور، تستعين بممارسين لعمليات الختان وفق طقوس مفعمة بالفرح، فإن إصابة عدد من الأطفال بمشاكل صحية تختلف درجتها وحدتها من حالة إلى أخرى، أدت إلى فتح نقاش حول الأخطار التي تتهدد صحة الأطفال في حالة القيام بختان غير سليم من جهة، والشروط اللازمة لإجرائه من جهة ثانية، سواء تم على يد طبيب مختص في الجراحة أو من طرف الممارس المعروف لدى العامة بـ”الحلاق” أو “الحجّام”.
بين التعفن والنزيف والوفاة
لطفي جرموني، طبيب مختص في جراحة الأطفال، قال إن “الإعذار عادة تقليدية تندرج ضمن الطقوس الإسلامية، لكنها لم تساير التطور العلمي في عدد من مناطق المغرب، وبقيت في أذهان كثير من الناس مجرد عملية سهلة وبسيطة، دون الانتباه إلى الحوادث التي يتم تسجيلها بين الفينة والأخرى في صفوف الأطفال الذين خضعوا للإعذار، وتصل أحيانا إلى الإصابة بتشوهات في العضو الذكري أو الوفاة بعد نزيف حاد”.وبعدما نبه إلى “تجنب الإعذار العشوائي”، أكد المتحدث ذاته أهمية “إخضاع الطفل إلى استشارة وفحص طبيين قبل العملية، من أجل تحديد طبيعة العضو الذكري الذي يختلف من طفل إلى آخر، مع ضرورة إجراء تحاليل طبية لتحديد درجة تخثر الدم”، مشيرا إلى أن “الأصل هو اللجوء إلى طبيب مختص لإجراء عملية الختان في ظروف آمنة، وفي حالة تعذر ذلك بسبب البعد أو التكاليف المادية، يبقى من الضروري إجراء الفحص الطبي قبل الختان التقليدي”.
وعن المشاكل الصحية التي قد تصيب الطفل بعد إجراء عملية الختان، أوضح الطبيب الجراح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “النزيف الحاد الذي قد ينتهي بوفاة الطفل”، و”الإصابة بتشوه العضو الذكري أو قطع جزء منه”، و”انغلاق مجرى البول بشكل جزئي أو كلي، أو إصابته بثقب جانبي”، و”الإصابة ببعض الأمراض والتعفنات الناتجة عن عدم تعقيم الأدوات المستعملة في عملية الختان، خاصة في الإعذار التقليدي أو العشوائي”.
ختان بالقطع والحرق والكي
ونبه الطبيب المختص في جراحة الأطفال إلى أن “الحجّامة” وبعض الممرضين والأطباء “يستعملون أدوات طبية ومعقمة، لكنهم يستعينون بآلات كهربائية يدعون أنها تعمل بالليزر، في حين تعتمد تلك الآلات على القطع عبر حرق الجلد وكيّ العروق في اللحظة نفسها، لذلك لا يظهر أي نزيف دموي في العضو الذكري بعد الختان”، موضحا أن “هذا النوع من العمليات مضر بصحة الطفل، كما أنه يتسبب في تأخر الشفاء مقارنة مع من إجراء الختان لدى طبيب مختص”.
وأكد لطفي جرموني أن “الختان السليم يتم من طرف الأطباء المختصين في جراحة الأطفال، ويجرى في مكان تتوفر فيه كل شروط السلامة الصحية، حيث تُستعمل فيه أدوات طبية ومعقمة وخاصة بالختان، ويحرص فيه الطبيب على تنويم الطفل لإجراء عملية الإعذار بالدقة اللازمة، باعتبارها تدخلا جراحيا مُهما وليست مجرد عملية بسيطة وسريعة يمكن لأي شخص القيام بها، وذلك تفاديا لتعريض صحة وحياة الطفل للأخطار”. وختم الطبيب ذاته تصريحه لهسبريس بالإشارة إلى أن “مجموعة من عمليات الإعذار العشوائية تنتهي بمشاكل وكوارث، وحينها يتم اللجوء إلى المستشفيات والعيادات والمصحات…، من أجل إنقاذ حياة الطفل وتدارك الأوضاع ومعالجة الآثار الجانبية والتشوهات الناتجة عن ذلك التدخل الجراحي غير السليم، وهو ما يمكن تجنبه منذ البداية بإجراء ختان طبي يراعي مختلف الشروط والظروف الضرورية لحماية الطفل من كل المخاطر المحتملة”.
قد يهمك أيضاً :
الثورة السودانية تنتصر للمرأة وتُجّرم الختان بموجب نصوص قانونية
مغاربة واخدين من الإسلام غير الاسم والختانة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر