آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

تتزين بها بسطات الباعة المنتشرين في أنحاء السوق

عاداتٌ تراثية وأرض معطاء في موسم فواكه الصيف في غزة

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - عاداتٌ تراثية وأرض معطاء في موسم فواكه الصيف في غزة

الفواكه
غزة - الدار البيضاء اليوم

تتجول السيدة سميرة المدهون (43 عاماً) في شوارع سوق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، في أحد أيام الصيف الحارة، ويلفت نظرها أصناف متنوعة من الفواكه الموسمية التي تتزين بها بسطات الباعة المنتشرين في أنحاء السوق. بين الحين والآخر تشدها الأصوات المنادية على كلّ صنف بصفته خاصّة، فذاك يعلو صوته قائلاً: «حلواني يا عنب»، وآخر يقول «مشمش وخوخ زينة العرسان»، ومن بعيد ينادي أحدهم من خلف بسطته «التفاح اللهواني، على السكين يا بطيخ، وأرضك رمل يا شمام».

في ثوانٍ معدودة، تعود الأربعينية بالذاكرة لمشهد أبيها المُسن، الذي كان يحرص على جلب الفواكه الصيفية للمنزل يومياً، تبتسم بينما وصلت لبسطة تبيع البطيخ، وهناك تفتح حديثاً مع البائع، تطلب منه خلاله اختيار حبة جيدة، لأنّها ترغب في تناولها برفقة أسرتها خلال جلسة السمر الليلية، حملت ما أرادت ومضت.

وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كفلسطينيين نتعامل مع كلّ الثمر الذي تنتجه الأرض بخصوصية عالية، وقيمته المعنوية لدينا لا مثيل لها، ذلك لأنّ التفاصيل المرتبطة به تضرب بعمق التاريخ والتراث، الذي سمعنا قصصه من كبار السن».

ويتميز قطاع غزة، بقدرة أرضه التاريخية على إنتاج أصناف متنوعة من الفاكهة الصيفية، التي يعتبر أبرزها التفاح «اللهواني» الذي تشتهر به بلدة بيت لاهيا الواقعة شمال القطاع، حيث ينتظر المواطنون موسمه من العام للآخر بكلّ لهفة، وذلك لما يحمله من مذاق رائع، ولارتباطه تاريخياً بثرات البلدة التي تمتاز بالتربة الرملية والمياه العذبة.

وتشير بعض الروايات إلى أنّ زراعة ذلك النوع من «التفاح»، تعود لمئات السنين، إذ لم تتأثر الظروف السياسية التي عاشتها فلسطين، رغم وجود عدد من الظروف السياسية والديموغرافية، التي ساهمت في تقليص مساحات الأراضي المزروعة.

ويحكي المزارع رائد أبو حليمة، وهو من بين مُلاك الأراضي ببيت لاهيا، أنّ موسم التفاح «اللهواني» له طقوس خاصة، ينتظرها الناس من العام للآخر، حيث يشارك في القطف كثير من المواطنين، إضافة لأنهم يحرصون على التقاط صور تذكارية في حقوله الزاهية، التي تتوزع فيها الألوان الطبيعية.

ويسرد أن السنوات الماضية، كانت تشهد تصديراً لكميات كبيرة من التفاح للخارج، لكنّهم اليوم وبسبب ظروف الحصار، وتقلص كميات الإنتاج، صاروا غير قادرين على إيفاء متطلبات السوق المحلية.

وللبطيخ في غزة، حكاياتٌ أخرى، فهو من مسلمات الصيف اليومية لدى غالبية السكان الذين يحرصون على شرائه بكمياتٍ كبيرة من الأسواق، وذلك لما له من طعمٍ لذيذ، ولمساهمته في تخفيف وطأة الحر والعطش، التي تسيطر عليهم بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

وتروي السيدة أم لؤي البلبيسي قائلة: «تربّينا على حب فاكهة البطيخ منذ الصغر، حين كان آباؤنا يشترونها بكمياتٍ كبيرة، وتُحفظ في أماكن جيدة التهوية، لتكون باردة وجاهزة للأكل في أي وقت»، مشيرة إلى أنّ البطيخ يُنعش الجسم، وتشعر أنّه مرتبط كثيراً بالبيت الفلسطيني، وهناك اتفاق على حبه من الجميع.

أمّا المزارع منذر أحمد، الذي يمتلك مزارع واسعة في منطقة جنوب قطاع غزة، ويزرعها بصنفي البطيخ والشمام خلال فترة الصيف، يبين أنه ورث حب تلك الزراعة عن أبيه وجده، وطوال سنوات حياته لم يزرع سواهما ضمن فصل الصيف، لأنه يشعر أن ذلك أضحى بمثابة الواجب عليه.

ويلفت إلى أنه سمع كثيراً من القصص على لسان أبيه، الذي كان يزرع البطيخ والشمام برفقة عائلته قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1948. حين أخبره أن الموسم كان يجمع كل أفراد الأسرة، للمشاركة في الحصاد، وكانوا يخرجون لبيعه في المدن، وأحياناً تُصدر كميات منه لخارج فلسطين، واصفاً أرض بلاده بـ«المعطاءة».

ومن فواكه الصيف المميزة غزياً، العنب والتين، اللذان يزرعان في مناطق واسعة، وتقطف ثمارها خلال أيام الفصل كاملة، إذ يبدأ المزارعون بقطف العنب اللابذري والتين «الموازي»، وينتهون بقطف عنب «الشيخ عجلين» والتين «البحري».

ويبين المزارع رائد زعرب، الذي يزرع الصنفين في جنوب القطاع، أن الارتباط بين الفلسطينيين والعنب والتين قديم، فقد سمع على لسان بعض المؤرخين، أن أصل الزراعة يعود للحضارة الكنعانية، موضحاً أن طقوس قطف وتناول تلك الفاكهة خاصة جداً، وغالباً تنحصر في أوقات الصباح، التي تسبق اشتداد حر الشمس. ولا يقف الإنتاج المحلي في غزة عند هذا الحد، فوزارة الزراعة أكدت خلال بداية موسم الصيف، على أن القطاع خلال هذا العام حقق اكتفاءً ذاتياً في عدد من أصناف الفواكه، وكان أبرزها الخوخ بأنواعه المختلفة، حيث من المتوقع أن يصل الإنتاج لأكثر من ألفي طن.

ونوهت الوزارة أيضاً بأن ثمار اللوزيات بشكلٍ عام ستنتج خلال الموسم أكثر من 3 آلاف طن، ويُضاف لذلك أن المزارعين في غزة، يعملون على زراعة أصناف أخرى من فاكهة الصيف، كالمانغا وأكواز الذرة، التي تشكل مصدر رزقٍ للكثير من الباعة وأصحاب الاستراحات، حيث يتناولها المواطنون بكثرة على شاطئ البحر، وفي المتنزهات العامة.

قد يهمك أيضَا :

إرجاع مصابي "كورونا" الفراولة إلى القنيطرة وعدد المصابين يصل إلى 800

وزير الصحة يُقيل مندوب الصحة في القنيطرة بسبب بؤرة "للا ميمونة"

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاداتٌ تراثية وأرض معطاء في موسم فواكه الصيف في غزة عاداتٌ تراثية وأرض معطاء في موسم فواكه الصيف في غزة



GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca