الرباط-الدار البيضاء اليوم
في خضم السعي الحثيث للدول إلى البحث عن حلول للمخاطر الناجمة عن التغيرات المناخية وتدهور البيئة، بدأت في المغرب تجارب زراعة جديدة تسمى البذر المباشر (Le semis direct)، وهي زراعة تختلف عن الزراعة التقليدية التي ظل الفلاحون المغاربة يستخدمونها حاليا.وتتمثل خصوصية البذر المباشرة في كونه تقنية تمكّن من تحقيق هدفين أساسين في آن واحد، هما المحافظة على الموارد الطبيعية والتخفيف من تدهور الأراضي الناجم عن الحراثة التقليدية، خاصة في المناطق شبه الجافة.وبيّنت التجارب التي تم إنجازها في هذا المجال منذ سنوات، أن البذر المباشر يتميز بفوائد مهمة مقارنة مع الزرع التقليدي، وهو ما أكدته مليكة لغرور، باحثة في المعهد الوطني للبحث الزراعي، التي اشتغلت على هذه التقنية في إطار شراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، حيث أوضحت أن البذر المباشر يُثمر نتائج مهمة على الأمد الطويل.
وأشارت المتحدثة، في تصريح لهسبريس، إلى أن النتائج المهمة للبذر المباشر، وهي تقنية بدأ العمل بها أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أربعينات القرن الماضي، تأكدت من خلال مقارنة عينات من الأراضي التي تمت زراعتها بالطريقة التقليدية، أي الحرث، وعينات من أراض طُبقت فيها تقنية البذر المباشر.ويسير المغرب نحو تقوية اعتماد تقنية البذر المباشر، حيث أطلق المكتب الشريف للفوسفاط خلال الموسم الفلاحي الجاري المرحلة الثانية من برنامج المثمر للزرع المباشر، وضاعف مساحة الأراضي التي طبقت فيها هذه التجربة السنة الفارطة من عشرة آلاف هكتار إلى عشرين ألف هكتار هذه السنة.وإلى حد الآن، بينت العمليات المنجزة خلال المرحلة الأولى من برنامج المثمر للزرع المباشر نتائج “مشجعة للغاية”، كما وصفها المكتب الشريف للفوسفاط، ووُضع رهان استفادة 4000 فلاح من هذه التقنية خلال المرحلة الثانية من العملية، وذلك بهدف زراعة أكثر قابلية لمواجهة التغيرات المناخية.
ويتميز البذر المباشر عن نظيره التقليدي بكونه نظاما متكاملا من النظم الزراعية الحديثة، وليس عملية منفردة من العمليات التي يقوم بها المزارعون عادة، حيث يتكون من مجموعة من التقنيات والتطبيقات المحافظة من أجل استغلال أنجع وطويل الأمد للتربة، بحسب دليل الفلاح الذي أعده المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية.ووفق المصدر نفسه، فإن تقنية البذر المباشر التي بدأ العمل بها يتوسع، تهدف إلى المحافظة على تكوين التربة البنيوي والبيولوجي وعدم تعرضها لعوامل التعرية والتآكل بفعل الحرث، مضيفا أن توالي سنوات الجفاف والأضرار التي تلحق بالتربة، تقتضي اعتماد طرق جديدة تعطي الأسبقية للمحافظة على الموارد الطبيعية والاستخدام الأمثل للمياه بهدف ضمان فلاحة دائمة وتنافسية ومستدامة.وأوضحت مليكة لغرور أن التجارب التي أشرفت عليها، والتي امتدت طيلة عشر سنوات، أبانت عن نجاعة هذه التقنية، التي تتفاوت نتائجها حسب المناخ، كما أنها تحافظ على ثروة الماء فوق سطح الأرض، وهو ما يمكّن المزروعات من الاستفادة منه لوقت أطول مقارنة مع الزراعة التقليدية، لافتة إلى أن وزارة الفلاحة بدأت تهتم بهذه التقنية وتشجع الفلاحين على العمل بها.
قد يهمك ايضا:
الأمم المتحدة توبخ دول اتفاقية باريس للمناخ
الرعي الجائر يهدد الحزام الأخضر بجماعة أكواوش
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر