حصل التلاميذ المغاربة المشاركون في البرنامج الدولي لتقييم المتعلمين “بيزا”، لأول مرة سنة 2018، على نتائج ضعيفة وغير مُرضية. واعتبر متابعون للشأن التعليمي، حينها، أن النتائج المحصّل عليها ليست سوى “تحصيل حاصل”، وتعكس الوضعية العامة التي توجد عليها المنظومة التربوية في المغرب، والتي أكدت تقارير عديدة حاجتها الماسة إلى إصلاح شامل.
النتائج التي حصل عليها التلاميذ المغاربة في تقييم “بيزا” كانت ضعيفة جدا في المواد الثلاث التي شملها الاختبار (القراءة والرياضيات والعلوم)، حيث حصل المغرب على نقاط بعيدة جدا عن متوسط التصنيف الدولي.
وحصل المغرب في القراءة على 359 نقطة، بفارق تسع عشر نقطة فقط عن متذيّل الترتيب. وحصل في الرياضيات على 368 نقطة، بفارق 15 نقطة فقط عن الدولة التي حلت في الرتبة الأخيرة. وحصل في العلوم على 377 نقطة، بفارق 20 نقطة فقط عن الدولة التي تذيلت الترتيب في هذا الاختبار.
الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم “أماكن” عادت إلى تحليل النتائج التي حصل عليها المغرب في تقييم “بيزا”. وخلُصت الجمعية، في تقرير مفصّل، إلى أن هذه النتائج “تعكس حجم التحديات المطروحة على المنظومة التربوية وبُعد المسافة الفاصلة بين واقعها وبين ما وصلت إليه المنظومات التربوية المتقدمة”.
ويُشير التقرير، المعنون بـ”مشاركة المغرب في البرنامج الدولي لتقييم المتعلمين بيزا 2018، هل حان زمن الاستفادة من الأخطاء أم نواصل الإصرار على نهج المسارات الخاطئة؟”، إلى أن المغرب إذا تمكّن من إحراز المستوى المتوسط للتقدم في النتائج الذي حققته دول أخرى شاركت في برنامج “بيزا”، فإنه لن يتمكّن من بلوغ مستوى المتوسط الدولي إلا بعد عشرين دورة من المؤشر المذكور، أي ما يعادل 60 عاما.
وبالرغم من هذه الصورة “السودواية” لمستقبل مشاركة المغرب في برنامج “بيزا”، فإن هناك تجارب أخرى استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في هذا المؤشّر؛ مثل تركيا التي قفزت بحوالي 42 نقطة بين دورتين، ومقدونيا الشمالية التي تقدمت بما بعادل 41 نقطة بين دورتين، غير أن هاتين الدولتين تضاعفان الناتج الداخلي الخام للمغرب بثلاث مرات، بالنسبة إلى تركيا، ومرة ونصف المرة بالنسبة إلى مقدونيا الشمالية.
هذه الوضعية، يضيف تقرير الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم “أماكن”، تطرح “سؤال الإمكانات المادية على الرغم من أنها ليست المحدد الأساس في تطوير المنظومات التربوية”، مشيرا إلى أن السير على منوال تركيا ومقدونيا الشمالية قد يمكّن المغرب من بلوغ مستوى المتوسط الدولي بعد ثلاث دورات فقط؛ وهو ما يعادل 9 سنوات، أي في سنة 2027.
وإذا كانت مضاعفة الناتج الداخلي الخام المغربي ليضاهي نظيره التركي أو المقدوني الشمالي صعبة، فإن تقرير جمعية “أماكن” يشير إلى تجربة أقرب إلى حالة المغرب؛ وهي تجربة مولدوفا، التي يساوي ناتجها الداخلي الخام 82 في المائة من نظيره المغربي، غير أنها استطاعت أن تتقدم في نتائج برنامج “بيزا” بحوالي 14 نقطة بين دورتين.
ويوضح التقرير أن المغرب إذا استطاع محاكاة تجربة مولدوفا، فإنه سيتمكن من تحقيق مستوى المتوسط الدولي في برنامج “بيزا” بعد تسع دورات، أو ما يعادي 27 سنة، أي في دورة عام 2045.
ويرتهن تحقيق هذه الفرضيات، يضيف التقرير، بمدى “قدرة المنظومة التربوية المغربية على تجاوز الاختلالات التي أظهرها برنامج “بيزا” في سنة 2018، والتي لا تختلف كثيرا عن تلك التي أكدت عليها دراسات “تيمس” و”ييرلز” عبر مختلف الدورات التي شارك فيها المغرب؛ بل وأكدتها أيضا التقارير الوطنية، وعلى رأسها تقرير الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي”.
وختمت جمعية “أماكن” تقريرها المفصّل حول نتائج المغرب في برنامج “بيزا” بالتساؤل: “عما يمنع المغرب من الانكباب على مَواطن الضعف التي كشفتها هذه التقارير من أجل معالجتها والارتقاء بالتالي بالمنظومة التربوية المغربية إلى مستويات أفضل، لا سيما أن المغرب يتوفر منذ سنة 2000 على رؤية إصلاحية تمثلت في الميثاق الوطني للتربية والتكوني، ومنذ سنة 2015 على منظور جديد للإصلاح يتمثل في الرؤية الإستراتيجية 2015-2030؟”.
قــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر