آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان

الشرطة السودانية
الخرطوم ـ جمال إمام

بحلول هذه الأيام كان من المفترض أن يشهد السودان تسلم المدنيين السلطة من العسكريين، وفق خارطة الطريق التي اتفق عليها الطرفان عقب إسقاط الرئيس عمر البشير عام 2019.
لكن هذا التحول الديمقراطي للدولة المدنية يبدو الآن أبعد من أي وقت مضى. فالعسكريون باتوا يحكمون قبضتهم على البلاد بعد أن سيطروا على السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
عملت أميمة محمد عمر بوزارة الزراعة لنحو عشرين عاما. وقبل أكثر من عام، وخلال تولي الحكومة المدنية شؤون البلاد، أصبحت مديرة الوزارة بولاية الخرطوم. لكنها بعد أيام من الانقلاب أقيلت من منصبها.
عن هذا تقول: "رفضت العمل في ظل الانقلاب وأعلنت العصيان المدني ولذا لم أفاجأ عندما أقالوني."
شاركت أميمة في الثورة التي أطاحت بعمر البشير وكانت تتطلع لحكم مدني ديمقراطي، وترى أن "المسألة بالنسبة لي أكبر من منصب أو وظيفة، ما يعنيني بالدرجة الأولى هو مستقبل السودان،"
عندما سمعت أميمة بإقالة الكثير من المسؤولين، أدركت حينها أن الغرض "هو التخلص من كل من جاءت بهم حكومة الثورة وتعيين أشخاص موالين للعسكريين."
وتقول إنها كانت تفكر في الاستقالة حتى قبل أن تقال من منصبها، "لكنني لم أرد أن أقدم استقالتي لسلطة غير شرعية."
في الوقت الذي فقد فيه كثيرون مناصبهم، هناك من يواجه حاليا مصيرا أسوأ. فالعديد من وزراء الحكومة المقالة برئاسة عبدالله حمدوك لا يزالون خلف القضبان، بينما يخضع حمدوك نفسه للإقامة الجبرية في منزله.
وقد كررت المنظمات الحقوقية مطالبة القادة العسكريين بضرورة إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين. فقد دعت منظمتا هيومن رايتس ووتش و العفو الدولية، قبل أيام، للإفراج عن أولئك "المحتجزين تعسفيا منذ استيلاء الجيش على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي والتوقف عن المزيد من الاعتقالات التعسفية."
ولم تتوقف المظاهرات في الشارع السوداني رفضا للانقلاب. وقد تخللت تلك الاحتجاجات أعمال عنف نجم عنها سقوط قتلى وجرحى في صفوف المحتجين. كما تحدثت الشرطة السودانية أيضا عن إصابات في صفوف رجالها ونفت أن تكون استخدمت الرصاص الحي لتفريق الاحتجاجات.
وأدانت شبكة الصحافيين السودانيين، وهي كيان نقابي محلي مستقل، تعامل الأجهزة الأمنية مع الاحتجاجات التي انطلقت في أنحاء البلاد في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري "بمزيد من البطش والتنكيل في انتهاك واضح للحق في الاحتجاج السلمي." وتحدثت عن مضايقات يتعرض لها الصحفيون أثناء أداء عملهم الميداني من خلال محاولة منع بعضهم من تغطية الاحتجاجات.
ويتخوف نشطاء حقوقيون محليون من أن يعود المشهد في السودان إلى مرحلة ما قبل الثورة، وأن يتراجع سقف الحريات الذي كفلته الحكومة المدنية، في أعقاب رحيل البشير عن السلطة.
ويقولون إن القيادات العسكرية تحاول التعتيم على ما يجري في البلاد من خلال ترهيب الصحافيين والتدخل في السياسة التحريرية لبعض المؤسسات الإعلامية المحلية.
خرجت صحيفة "الحداثة" للنور عقب الثورة السودانية. ويقول رئيس التحرير شمس الدين ضو البيت إن صحيفته ولدت في أجواء من الحرية، "لكن الواضح أن هذه الحرية قد فقدت. ونحن لن نقبل أي تدخل في عملنا."
ويرى شمس الدين أن المناخ العام السائد في السودان الآن "يتجه نحو التضييق". وقد دفعه هذا إلى تعليق صدور الصحيفة احتجاجا على الخطوات التي اتخذها الجيش. كما أنه لا يستبعد أن تغلق الصحيفة أبوابها نهائيا "إذا استمر سير الأمور من سيء إلى أسوأ."
التقيناه في مقر الصحيفة في الخرطوم. أخبرني أن آخر عدد أصدرته الصحيفة كان صباح يوم الانقلاب. قبل التوقف كانت صالة التحرير مزدحمة بالصحفيين لكن الآن يخلو المكان إلا من صحافي أو اثنين.
لم يتعرض شمس الدين أو أي من العاملين في الصحيفة لتهديد مباشر دفعه لاتخاذ قراره بإيقاف إصدار "الحداثة". لكنه ينظر لما حدث مع بعض من زملائه في صحف أخرى وبعض المنابر الإعلامية المحلية: "لن ننتظر حتى يحدث ذلك معنا. فالأدلة والشواهد كلها واضحة."
ويستشهد شمس الدين بما جرى لصحيفة "الديمقراطي" التي صدرت أيضا بعد الثورة، وداهمت قوة أمنية مقرها بعد أيام من الانقلاب. ويتحدث كذلك عن عملية إبدال وإحلال تحدث بين صفوف العاملين في بعض القنوات المحلية، وخصوصا الرسمية، فضلا عما وصفه بالتدخل الواضح في السياسات التحريرية لتلك القنوات لتتبنى نبرة موالية لمن يمسكون بزمام الأمور حاليا.
في المقابل، هناك من يرى في الانتقادات الخاصة بتكبيل حرية التعبير في السودان الكثير من المبالغة. ويقول المحلل السياسي محيي الدين محمد محيي الدين، إن الأمور يجب أن ينظر إليها في سياقها الصحيح.نحن في ظرف استثنائي ويحتاج لإجراءات استثنائية، لأننا نواجه تحديات وتخوفات أمنية مختلفة."
ويرى أن الكثير من الانتقادات مبني على مواقف مسبقة اتخذها أصحابها "ليصوروا للمجتمع الدولي أن هناك تضييقا على حرية التعبير في السودان. إذا كان هناك تضييق كان يمكن أن نسمع عن إغلاق قنوات مثلا. وهذا لم يحدث. كما أن العديد من القنوات الدولية تمارس عملها في السودان."
وكان قائد الجيش عبدالفتاح البرهان قد قال في تصريحات سابقة إنه لم ينفذ انقلابا بل تصحيحا لمسار الثورة، واتهم بعض الأحزاب المدنية بمحاولة الاستئثار بالمشهد السياسي.
يصعب التنبؤ كيف ستسير الأمور في السودان. فالمتغيرات في هذا البلد كثيرة وغالبا ما تكون مفاجئة. لكن هناك مزيجا من الخوف والغضب والترقب يسيطر على المشهد العام.
ويبدو الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف مهمة شاقة عسيرة، بل يراها البعض شبه مستحيلة. لكن الجميع بدرك في الوقت نفسه أنه لا يمكن المضي قدما من دون محاولة إيجاد مخرج لكل هذه التعقيدات.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

مقتل 5 وإصابة العشرات خلال احتجاجات في السودان رفضاً لقرارات البرهان

 

دعوات إلى يومين من الإضرابات في السودان بدءًا من الأحد للضغط على قادة الجيش

 

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان



GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير

GMT 04:03 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب تربوي جديد للدكتور جميل حمداوي

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca