أصدر مجلس السيادة الانتقالي السوداني عددا من القرارات أسقط بموجبها عقوبة الإعدام في مواجهة (8) محكومين من حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد النور، وأثناء ذلك تظاهر آلاف السودانيين أمام وزارة العدل في الخرطوم، للمطالبة بمحاسبة رموز النظام السابق، على الجرائم التي ارتكبوها منذ وصولهم إلى الحكم بانقلاب عسكري في عام 1989.
وقال عضو مجلس السيادة والمتحدث الرسمي باسمه، محمد الفكي سليمان، في تصريحات صحافية عقب اجتماع المجلس الذي ترأسه عبدالفتاح البرهان، إن هذه القرارات تأتي في سياق تنفيذ اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الحكومة والحركات المسلحة بجوبا، للدفع بعملية السلام إلى الأمام.
وأضاف الفكي: «شملت القرارات إطلاق سراح (18) من المحكومين بالسجن لفترات متفاوتة من مسنوبي الحركات المسلحة، وإطلاق سراح (3) من المتحفظ عليهم في مقار أمنية مختلفة»، مشيراً إلى وصول 25 من قيادات الحركات المسلحة إلى البلاد خلال الأيام الماضية.
وقال إن اللجنة المشتركة المكونة من الحكومة والحركات المسلحة بموجب اتفاق جوبا، ستواصل اجتماعاتها لتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه، من فتح المسارات وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الحروب، ورفع أسماء قادة الحركات المسلحة من قوائم الحظر من الدخول إلى البلاد.
وأشار الفكي إلى أن مجلس السيادة اتخذ أيضا قرارا بتهيئة الأجواء لافتتاح الجامعات السودانية، وامتصاص حالة الاحتقان في الشارع، وأردف: «منعاً لأي عنف طلابي، أصدر المجلس قرارا بحل الوحدات الجهادية التابعة للنظام السابق والتحفظ عليها، وتوجيه الحرس الجامعي والجهات الأمنية المختصة داخل الجامعات بالتحفظ على كل مباني الوحدات الجهادية، ووضع يدها على الوثائق والسجلات كافة».
وكشف الفكي عن لقاء مرتقب خلال الأيام المقبلة بين مجلس السيادة، ورئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، يناقش قرارات تشغل الشارع السوداني بشأن تهيئة الأوضاع لافتتاح الجامعات السودانية، مشيراً إلى قرار بتبعية جهاز الاتصالات والبريد بكامل أفرعه لمجلس السيادة الذي يشرف عليه مباشرة.
ونشرت قوات الشرطة المئات من قواتها وسط العاصمة الخرطوم، وأغلقت بالحواجز الحديدية عدداً من الشوارع الرئيسية المؤدية إلى القصر الجمهوري، تحسباً لانحراف المواكب المليونية التي دعت لها قوى إعلان الحرية والتغيير لمحاسبة رموز النظام السابق.
وسلم المحتجون وزير العدل نصر الدين عبد الباري، مذكرة عبروا فيها عن قلقهم من استمرار حالة الإفلات من العقاب والمساءلة في ظل الحكومة المدنية التي جاءت بدماء السودانيات والسودانيين، وطالبوا في الوقت ذاته بالإسراع في تكوين لجنة التحقيق المستقلة في مجزرة فض الاعتصام، وتعيين رئيس القضاء والنائب العام.
وكشف عبد الباري، لدى مخاطبته المتظاهرين، عن كتابة مشروع قانون جديد لمكافحة الفساد، يلغي القانون السابق، ويؤسس مفوضية جديدة لها سلطات واسعة في محاسبة الأشخاص المتورطين في الفساد من النظام السابق، وسيدفع بالقانون لمجلس السيادة والوزراء لإجازته.
وبشأن تعيين رئيس القضاء والنائب العام الذي طالب به المحتجون، قال وزير العدل إن مجلس السيادة طلب منه فتوى في كيفية تعيينهما في ظل عدم اكتمال الحكومة الانتقالية، مشيراً إلى أن «المجلس» يملك السلطة في تعيين رئيس القضاء والنائب العام.
وقال عبد الباري إن هنالك نسختين من الوثيقة الدستورية، مضيفا أن الوزارة امتنعت عن نشر نسخة من الوثيقة في الصحف، وذلك لأن هنالك نسخة بها (78) مادة والأخرى تحوي (70) مادة، وهي التي تم التوقيع عليها في الاحتفال الكبير في السابع عشر من أغسطس (آب) الماضي.
وأشار إلى أن النسخة الأخيرة بحسب الوقائع التي اطلع عليها مع قوى إعلان الحرية والتغيير، فيها تعديلات يفترض أن تجرى عليها باتفاق الطرفين، وأن إعادة الترقيم والتصويبات أصبحت (78) مادة، هذه النسخة تتحدث بشكل صريح إلى حين تكوين مجلس القضاء العالي والمجلس الأعلى للنيابة سلطات تعيين تؤول لمجلس السيادة.
وقال الوزير إنه أفتى بأن لمجلس السيادة الحق في تعيين رئيس القضاء والنائب العام، مشيراً إلى أن مجلس القضاء العالي يهيمن عليه قادة النظام السابق.
ودعت المذكرة التي دفعت بها قوى إعلان الحرية والتغيير إلى تحريك إجراءات جنائية عاجلة لمحاكمة مدبري انقلاب الإنقاذ المدنيين والعسكريين، بجريمة تقويض النظام الدستوري، ومحاكمة رموز النظام البائد بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، أو تسليمهم للمحكمة الجنائية الدولية بموجب أوامر القبض الصادرة في مواجهتهم.
وتحتجز السلطات السودانية بسجن (كوبر) المركزي بالخرطوم بحري، عدداً من أبرز قادة النظام السابق من (الإسلاميين)، دون توجيه أي اتهامات، ومن بينهم نائب الرئيس السابق علي عثمان محمد طه ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني أحمد هارون والقيادي عوض الجاز، بينما تجري محاكمة الرئيس المخلوع عمر البشير بتهم تتعلق بحيازة النقد الأجنبي وغسل الأموال والثراء الحرام.
وأشارت المذكرة إلى ضرورة تحريك بلاغات جنائية وقانونية جادة لاسترداد الأموال المنهوبة ومحاكمة الضالعين في الفساد إبان النظام السابق.
في غضون ذلك تقدم 32 من مديري وعمداء الجامعات الحكومية بالعاصمة والولايات رئاسة مجلس الوزراء، بخطاب استقالة من مواقعهم، وذلك على خلفية تصريحات صادرة من وزيرة التعليم العالي، انتصار الزين صغيرون، بإعفاء جميع مديري الجامعات.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في عام 2009 مذكرتي توقيف بحق الرئيس المخلوع «البشير» وأحمد هارون بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، وراح ضحيتها أكثر من 300 ألف شخص وملايين من اللاجئين والنازحين داخل وخارج السودان، بحسب تقارير أممية.
وقد يهمك أيضاً :
القيادة السعودية توجّه دعوة إلى رئيس الوزراء السوداني لزيارة المملكة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر