آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

أحد الأسباب في اتساع الأراضي الزراعية وتنوع المحاصيل

نهر "بردى" كلمة السر في قيام الحياة قديمًا في مدينة دمشق

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - نهر

نهر بردى
دمشق - المغرب اليوم

كان لنهر "بردى" بمدينة دمشق، الدور الأكبر في قيام هذه المدينة، وذلك بتوفير المياه اللازمة للإنسان، فضلًا عن حاجات الحيوان والنبات، نتيجة وجود نظام فريد من نوعه يلبّي جميع الاحتياجات للمدينة وغوطتيها.

وقد توارث الدماشقة هذا النظام منذ أيام الآراميين، فلما كان العصر الأموي تعاظمت تلك الجهود، نتيجة لاتساع الأراضي الزراعية، وتعدد المرافق التي تحتاج إلى المياه، بحيث شملت الحمامات والمساجد والحدائق فضلًا عن متطلبات الإنسان، والحيوان، وقد تمثل ذلك بحفر الأنفاق وشق الأقنية وجرّ المياه إلى كل مرفق وإلى كل ذرة تراب، تحتاج إلى الماء، حتى إن من الممكن القول إن نهر بردى بمنزلة الرئة لمدينة دمشق.

ينبع نهر بردى من واد ضيق بالسفوح الشرقية لجبال لبنان الشرقية، وترفده مياه ينابيع عين الفيجة، بعد مروره بسهل الزبداني، ولم يكن النهر قادرًا على تجاوز الشريط الضيق من الخضرة للأراضي المجاورة لمجراه، لولا قيام الإنسان منذ العصر الآرامي بجعل مياه بردى قادرة على الوصول بعيدًا عن مجراه الأمر الذي نجم عنه اتساع الأراضي الزراعية، وتنوع المحاصيل الزراعية.

أقرأ أيضا :

 دمشق تؤكد أن العدوان الإسرائيلي هدفه إطالة أمد الحرب التي تتعرض لها سوريا

وقد اشتقت من نهر بردى القنوات أو الفروع التالية:

يزيد وثورا والمزاوي والداراني وبانياس وقنوات، ومن هذه القنوات ما كان على يمين مجرى نهر بردى، ومنها ما كان على يساره.

فقد اشتقت قناة يزيد على يسار نهر بردى بالقرب من بلدة الهامة، وهي تعود إلى العهد الروماني، وقد تطورت واتسعت زمن خلافة يزيد بن معاوية فسميت باسمه، ومجرى هذه القناة مرفوعا بنواعير لتوفير المياه للأراضي التي ترتفع فوق مستوى مياه قناة يزيد، فكان مجرى هذه القناة بسفح قاسيون حتى محلّة الربوة ثم يغيب هذا المجرى بأنفاق، بحيث يمكنها تقديم المياه لمنطقة المهاجرين والمالكي وشارع بغداد والعفيف والصالحية.

وتشتق قناة ثورا أيضًا عن يسار مجرى نهر بردى، وهي تعود إلى العهد الآرامي، وهي تشترك مع مياه قناة يزيد بتوفير المياه اللازمة لسفح جبل قاسيون والمهاجرين والصالحية والحواكير وأبو رمانة والشعلان، كما توفر المياه إلى منطقة ركن الدين وشارع بغداد، وسوق ساروجة والعمارة والقصاع والتجارة.

وبالانتقال إلى القنوات التي اشتقت عن يمين مجرى نهر بردى نجد أن قناة المزاوي والداراني وبانياس وقنوات، فتروي مياه قناة المزاوي أراضي المزة، ويكون مجرى مياه هذه القناة مكشوفًا، ثم يختفي عن الأنظار، إلا أن فتحات أو ضوايات تساعد على كري القناة أو تعزيلها، وهكذا فإن مياه هذه القناة تخترق أراضي المزة، مكونة الحد الفاصل بين الأراضي المروية عن يمين مياه هذه القناة، والأراضي غير المروية عن يسارها.

أما قناة الداراني، فتنسب إلى داريا، وقد اشتقت عن يمين نهر بردى بالقرب من موقع الشادروان، وبعد أن تشكل أنفاقًا تتوجه إلى أراضي كفرسوسة وداريا، وباب السريجة والفحامة وصولًا إلى أراضي حي الميدان.

وتعتبر قناة بانياس أحد الشرايين المهمة التي تزوّد مدينة دمشق ومرافقها بالمياه، وهي تتفرع من مياه نهر بردى عند مخرجه من خانق الربوة، فتأخذ مجراها مسايرة المناطق المطلة على جبل المزة، ثم تنحدر إلى أسفل جامعة دمشق لتتوجه إلى منطقة التكية السليمانية وجامع تنكز وشارع رامي فسوق العتيق، حيث تختلط مياهها مع مياه قناة ثورا.

أما ما بقي من مياه قناة بانياس، فيتجه نحو السنجقدار والحريقة (سيدي عامود) والسروجية وقلعة دمشق فالشاغور، كما يتجه قسم من مياه هذه القناة نحو منطقة السبع طوالع والبحرة الدفاقة والمسكية والجامع الأموي والنقاشات والنوفرة والقيمرية.

وأخيرًا فإن من الممكن القول إن اشتقاق قناة القنوات يعود إلى العهد الروماني، وهي تتفرع عن مياه نهر بردى عند موقع الشادروان، ويشاهد المرء أن مجرى هذه القناة مكشوف خلال مسيرة مياهها بمدينة دمشق ولم تكن تختفي عن الأنظار إلا وسط حي القنوات وقد رفعت مياه قناة القنوات فوق قناطر، حتى يمكن إيصال مياهه إلى أكثر أنحاء مدينة دمشق القديمة ارتفاعًا، وذلك وفقًا لنظام يعرف باسم نظام الطوالع.

وقد حدثت تبدلات على تخديم مياه قناة قنوات بالعهد المملوكي والعثماني، فأصبحت المياه تغطي حاجات مدينة دمشق القديمة، وتمدها بالمياه اللازمة لدورها ومساجدها وحماماتها وبساتينها فضلًا عن مرافقها العامة، وذلك عبر شبكة تتماشى مع الطبيعة الجغرافية لدور دمشق وغوطتها على غاية من الدقة والتنظيم.

وقد جرى ذلك وفقًا لشبكة توزيع مياه محكمة، وهذه الشبكة تعود إلى العهد الآرامي ثم تطورت بالعهود اللاحقة، مع تطور احتياجات كل عصر من المياه، ولعل من الجدير بالذكر القول إن العرب نقلوا هذه الشبكة إلى الأندلس، وهي لا تزال قائمة إلى الآن بمنطقة إشبيلية بالأندلس.

وقد وجدت هذه الشبكة بوقت لم يكن الإنسان يستخدم القساطل المقاومة للضغط ولا وسائل التحويل والتكسير المعروفة بهذه الأيام.

قد يهمك أيضا :

الفنان السوري كمال بلان يفوز بجائزة في مسابقة غنيسينا

  الحكومة السورية تفتح "الممرات الإنسانية" وروسيا تروِّج لخروج اللاجئين من إدلب إلى طرطوس

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهر بردى كلمة السر في قيام الحياة قديمًا في مدينة دمشق نهر بردى كلمة السر في قيام الحياة قديمًا في مدينة دمشق



GMT 03:36 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أهم صيحات المكياج لشتاء2018

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 05:48 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتثبيت مساحيق التجميل على البشرة

GMT 14:35 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

بودريقة يثير غضب الناصيري وجماهير الوداد البيضاوي

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:35 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عشرات القتلى جراء حريق داخل مستشفى في كوريا الجنوبية

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الفنانون الذين فارقوا الحياة خلال عام 2017

GMT 11:09 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في الريش

GMT 23:31 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتزا الجمبري

GMT 12:44 2016 الخميس ,21 إبريل / نيسان

اهم فوائد النعناع

GMT 18:35 2017 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

أبرز 10 سيارات "SUV" حاضرة في معرض فرانكفورت 2017

GMT 23:40 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

ربيع فايز يحصد ذهبية في بطولة أميركا المفتوحة للرماية

GMT 05:36 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الافصاح عن عطر جاسمن نوار المبهر من بولغاري

GMT 04:35 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

طرق الحج المقدسة تحتل أوروبا وتحفظ ذكريات الماضي

GMT 12:25 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca