بين الحب والواجب، الوطنية والضمير، تدور قصة فيلم كازابلانكا الحائز على 3 جوائز أوسكار والمعروض في عام 1942، ويعد من كلاسيكيات السينما العالمية، وفي قائمة الأفضل في تاريخها. عند بداية تصوير الفيلم كان منتجوه يعتقدون أنه مجرد واحد من مئات الأفلام التي ينبغي أن تنتج كل عام، لكي تدور عجلة السينما، ولكن صناع الفيلم، وفي المقدمة بطلاه همفري بوجارت وأنجريد برجمان، نقلوه لمستوى جديد من النجومية والتألق، حتى أصبح أحد رموز ثقافة البوب المعاصرة، وواحداً من أبرز إبداعات السينما العالمية.
الفيلم حاز على جوائز أوسكار أفضل فيلم، وأفضل مخرج لمايكل كورتيز، وأفضل سيناريو التي ذهبت مناصفة إلى كل من جوليوس أبشتاين، فيليب أبشتاين وهوارد كوتش.
ورغم أن بطلَي الفيلم همفري بوجارت وأنجريد برجمان لم ينالا جائزة أفضل ممثل وممثلة رغم أدائهما المتميز وقتها، إلا أنهما حصلا عليها بعد ذلك، فنالها بوجارت في عام 1951 عن دوره في فيلم الملكة الأفريقية، أما برجمان فنالتها مرتين الأولى عن دورها في فيلم غازلايت في عام 1944، والثانية عن فيلم أناستازيا في عام 1956 إضافة إلى أوسكار أفضل ممثلة في دور مساعد في عام 1974 عن دورها في فيلم «جريمة في قطار الشرق السريع».
رقم قياسي
المفارقة أن الفيلم كان سيقدم كمسرحية بعنوان «كل شيء يأتي لريك» على مسارح برودواي في عام 1940من تأليف موراي بارنت، ولكن تعقيدات الحياة السياسية والاجتماعية إبان الحرب العالمية الثانية حالت دون ذلك.
واشترت شركة وارنر براذرز حقوق النص بمبلغ 20 ألف دولار، وهو رقم قياسي وقتها، إذا قارناه بفيلم معاصر له هو «الصقر المالطي» الذي بلغ ثمن السيناريو الخاص به 8 آلاف دولار فقط.
ورغم أن ميزانية الفيلم لم تصل إلى مليون دولار، إلا أنه حقق إيراداً وصل إلى 6.9 مليون دولار وهو مبلغ كبير أيامها قياساً بالأحداث التي كان العالم يشهدها.
ذهب المعز وسيفه
الأكثر من ذلك أن مكان الفيلم الأصلي هو لشبونة بالبرتغال، قبل أن يتحول إلى كازابلانكا بالمغرب التي لم يرها كاتب المسرحية على الإطلاق في حياته لا قبل ولا بعد عرض الفيلم، والأغرب أن الفيلم صُوِّر بأكمله في كاليفورنيا وليس كازابلانكا كما هو مفترض، نتيجة أحداث الحرب العالمية الثانية!
وتدور قصة الفيلم حول مغترب أمريكي يقع في حيرة ويتردد في مساعدة حبيبته السابقة وزوجها الهارب في الفرار من كازابلانكا الواقعة تحت الاحتلال الفرنسي.
وتضطر الزوجة إلى اتباع مبدأ «ذهب المعز وسيفه» مع حبيبها السابق لكي يساعدها على الهروب مع زوجها، وتعقد معه صفقة، وتساعدها الأقدار على تحقيق أمنيتها والفرار.
طول قامة البطلة
وأثناء التصوير ظهرت مشكلة أخرى وهي أن البطلة أنجريد برجمان أطول من البطل بوجارت ببوصتين، وهو ما دفع المخرج مايكل كورتيز إلى تغيير زوايا التصوير وأبعاد الأرضية لكي يبدو البطل أطول من برجمان.
وأثرَّت أحداث الحرب العالمية الثانية على تاريخ عرض الفيلم الذي كان مقرراً في أوائل عام 1943، قبل أن تبكر الشركة بعرضه في 26 نوفمبر 1942، ليتزامن مع غزو قوات الحلفاء لشمال أفريقيا، والمعارك في كازابلانكا.
وعاد صناع الفيلم ليقرروا عرضه مرة ثانية بضجة أكبر في 23 يناير 1943، ليتزامن ذلك مع مؤتمر كازابلانكا الذي جمع بين ونستون تشرشل وفرانكلين روزفلت في المدينة المغربية الشهيرة.
وكان معظم طاقم الفيلم من ضحايا النازية والحرب وقتها.
تسلط رقابي
وتعد مادلين لو بيو التي لعبت دور إيفون صديقة ريك في الفيلم، آخر من غادر الدنيا من أبطاله وذلك في 1 مايو 2016 عن عمر يناهز 92 عاماً.
ولم يسلم الفيلم من تسلط الرقابة القاسية وقتها، ولكن صُنَّاعه أبدوا مرونة تجاه بعض الأمور والجمل الحوارية لكي يحصلوا على الموافقة بتصويره وعرضه.
ولم يتوقع صناع الفيلم أن يحقق ذلك النجاح الهائل، وكان أكبر هم الشركة المنتجة أن تسترد كُلف الفيلم مع هامش ربح بسيط.
ورغم النجاح غير المسبوق لكازابلانكا، إلا أن الشركة المنتجة لم تفكر أبداً في صناعة جزء ثانٍ كما جرت العادة، رغم أنه تحول بعد ذلك إلى مسلسل تلفزيوني، وفيلم قصير، ومسلسل إذاعي.
ولكن أحداث الفيلم واسمه ومكانه أصبحت علامات يتردد صداها في ثقافة البوب المعاصرة وظهرت إشارات لهم في عشرات الأعمال الفنية.
قد يهمك أيضًا:
ماندو العدل يرفض العمل فى مسلسل نيللي كريم في رمضان
الممثّل السوري قصي خولي يرصد أسرار تجربته في مسلسل "الشك"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر