آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

يحضّ على تحمّل وحُبّ الحياة رغم المصائب المتوالية

فيلم "جينغل جانغل" جرعة أمل طفولية تنسكب في عالمٍ كئيبٍ

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - فيلم

فيرس كورونا
القاهرة - الدار البيضاء اليوم

يُهدِّد زمن كورونا الجميع بالشيخوخة المبكرة، فهيا نستعيد طفولتنا، هيا نتحلق حول الجدات، جداتنا اللاتي يحرسن ذاكرة شفهية شعبية ببعد كوني. لذلك، فلكل حكايات الجدات منطق يفهمه الأطفال في كل القارات. وكونية السرد هذه هي رهان هوليود لتكون حكاياتها وأفلامها ممتعة في كل البلدان،

وتسوق الأمل:
ابتسم للحياة
لا تنس أن تفتح قلبك
دع همك خلفك

يبدو أن البشر نسوا هذا تماما في زمن كورونا، بل وسيصفون الداعي له بالغباء. طيب تجهموا، فطيلة 2020 تعمقت الكآبة في المجال العام بعد جدل رسم كاريكاتيرات مسيئة دون ظهور كاريكاتوريات مبهجة، ثم انتخابات أميركية على حد الحبل، والرصاص في كاراباخ وإثيوبيا. يكفي هذا التجهم، هيا نهرب إلى الخيال بحثا عن فرح وعن نظرة إيجابية إلى الحياة كما في فيلم JINGLE JANGLE : UN NOËL ENCHANTÉ (نونبر 2020 إخراج دافيد تالبرت 1966) فيلم يحضّ على تحمل وحب الحياة، على الرغم من المصائب.

يستثمر الفيلم تقليدا عريقا في السرد الشفوي: أطفال يجلسون حول جدة لتحكي لهم قصة مشبعة بالأسرار عن صانع يدعى جيرونيكوس (أداء فوريست ويتايكر) يريد أن يرتقي إلى مرتبة فنان. يخصص كل وقته لفنه، يواجه الفنان المجهول ليقدم عالما من الأعاجيب.

كل الآلات التي يستخدمها البشر اليوم لم تنزل من السماء. لقد تطلب ابتكارها وقتا طويلا لكي تعمل بكفاءة. وفي هذا السياق، يريد جيرونيكوس أن يقدم عملا يصنع دهشة وبهجة الأطفال في أعياد الميلاد. يريد أن يرتقي من صانع إلى فنان. الفنان الحقيقي يسقط وينهض بطريقة أفضل تصيّره أفضل مما كان. بفضل هذه الابتكارات، صار موقع الفنان أعلى من موقع الحرفي في المجتمع. وحسب مؤرخ فني، فقد “ظهر الفنان كفاعل خلاق مستقل في نهاية القرن الخامس عشر في إيطاليا”. (جيمينيز مارك “ما الجمالية”، ترجمة شربل داغر، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت 2009، ص 52).

يصنع الفنان بهجة المدينة؛ لكن لديه منافس ظاهره صديق وباطنه عدو، يمكنه أن يسرق جهده ويفتخر به. منافس لا يصنع شيئا؛ لكن يعرف كيف يسوّقنفسه. في معركة الفنان والسمسار، حول الشهرة والثروة، عادة ينتصر السمسار.
في ظل هذه المصائب، يحتاج الفنان إلى أن ينمي مناعة إزاء الاستخفاف الذي سيتعرض له.

النتيجة فيلم موجه إلى الأطفال والكبار الذي أقرفتهم ظروف فيروس كورونا، فيلم فرجة كوميدية خفيفة تستعيد سينما السيرك، فيه نزعة بهلوانية زائدة. رسوم تتكلم، كائنات عجيبة ترقص.. يبدو الفيلم كاقتباس لأجواء ألعاب لوحات الإيطالي باشيو بالديني (baccio baldini 1436-1487).. هكذا استثمر الفيلم التأثير العجائبي للعالم البدائي، الذي امتد طويلا جدا بحيث ترك بصمته في تخيلات البشر.

ما معنى هذا لمفرج متجهم يخطط للانتحار؟
لا معنى له دون تواطؤ. شرط تلقي الدهشة هو التواطؤ معها. يقول جوناثان غوتشل: “إننا حين نَدخل عالمَ حكاية ما نتيح للراوي أن يقتحمنا، إذ يخترق صانع الحكاية رؤوسنا ويحكم السيطرة على عقولنا”. ولتحقيق ذلك، لا بد من “تعطيل طوعي لشك القارئ” (كتاب “الحيوان الحكاء كيف تجعل منا الحكايات بشرا؟” جوناثان غوتشل، ترجمة بثينة الإبراهيم، ص 15-19.) بهكذا التواطؤ الإرادي يبدأ التصديق ثم التماهي مع ما يجري من أحداث في الحكاية والفيلم.
حين نصدّق منطق الحكاية سنستمتع برقصات السيرك وبالكائنات الغريبة التي تخرج من رسومات الفنان، وقبل أن نملّ الرقص نقف على عزلة الفنان وهو يفكر في عمله.

يبدو الفنان في عزلته أقرب إلى قديسي الصحراء، يعمل تحت ضغط الديون. سبق لروائي روسي أن عاش في مثل هذه الظروف، إنها محنة الفنان حين يفارقه الإنجاز، لذلك ينعزل ليبدع. ما هو الإبداع؟ هو تقديم شيء جديد، ثوري، حديث. وهذا لا يدرك بسهولة.

ماذا يحتاج الفنان لكي ينجح؟ يحتاج إلى من يؤمن به من حوله، وهذا نادر. لذا، فكل فنان منبوذ كنبي بين أهله وهو واثق أنه يستحق العظمة. في الثلث الثالث للفيلم، قل قلق الفنان وزاد أمله في التفوق، صار يرقص مع الأطفال في عالم عجائبي. يتتبع الفيلم بصمات حكائية قديمة تتردد في مطلعه “كان يا ما كان في قديم الزمان”، تم استخدام ماكياج مبالغ فيه للإيهام بالمسافة الزمنية، بتقادم الحكاية.
يعرض الفيلم أطفالا نشيطين الخيال ويحبون المعرفة والاختراعات، بثت الطفولة حيوية هائلة في حياة الفنان العجوز، وقد مكنه الاستماع للأطفال من تجاوز أزمته الإبداعية، حررته الطفولة من كآبته.

عادة يحتقر الكبار مواهب الأطفال؛ لكن مع الزمن يستفيد الجد جيرونيكوس من مواهب الحفيدة.. الطفل لا يمل ولا يعرف الفشل وهو يعيد اللعب إلى ما لا نهاية.. يتضح أن ألعاب الأطفال تقوم على أسس رياضية، ومع تقدم الفيلم يتراجع الاستعراض وتتقدم البيداغوجيا. يجري حوار الأكبر سنا مع الأصغر سنا في وفاق تام في حكايات الجدات في كل الثقافات.

في هذه الحكايات، يحصل أن تكون الشخصيات خيرة وواضحة جدا؛ وهذا ممل. لذلك، يواجه الفنان شخصية شريرة، شخصية سمسار يتاجر بعرق الآخرين. المبدع يعاني وسارق جهده يستمتع بالشهرة والمال. بفضل الأطفال، يحل اللغز وتتحقق العدالة ويصير المستقبل أفضل، وهذه هي رسالة الفيلم إلى المتجهمين.

قد يهمك ايضا 

نجمات هوليوود يتضامنّ مع نساء تركيا ضد العنف المنزلي

نجوم هوليود يعتذرون عن المشاركة في المسلسل الأكثر إثارة للجدل "Rub & Tug"

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيلم جينغل جانغل جرعة أمل طفولية تنسكب في عالمٍ كئيبٍ فيلم جينغل جانغل جرعة أمل طفولية تنسكب في عالمٍ كئيبٍ



GMT 11:56 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

المغرب الفاسي يتعادل وديًا أمام اتحاد الزموري الخميسات

GMT 03:10 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أيتن عامر تستعد لعرض فيلم "بيكيا" مع محمد رجب

GMT 20:53 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

تتويج سيدات الأهلي للسلة بذهبية دوري المرتبط

GMT 13:03 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف علي وأحمد الحجار في "بوضوح" الخميس

GMT 00:09 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي المصري يصعد على حساب الداخلية بثنائية حاسمة

GMT 17:06 2017 الجمعة ,07 إبريل / نيسان

حورية فرغلي تفضل العمل مع أحمد عز ومحمود حميدة

GMT 18:50 2016 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"شنبو" الفضائيّة تعرض فيلم "إبن حلال" على مدى أسبوع

GMT 19:12 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مروض طبي ينقذ حياة لاعب اتحاد طنجة

GMT 07:11 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع بشهر عسل رومانسي وهادئ في جزر المالديف

GMT 07:52 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عبد العاطي يؤكد أن العالم الإسلامي يواجه التحديات

GMT 09:18 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف علي التشكيلة المحتملة لفريق الوداد أمام اتحاد طنجة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca