خالف قطاع الاتصالات في السعودية تيار تداعيات تفشي فيروس كورونا على الأنشطة الاقتصادية، إذ ينتظر أن تسجل الشركات العاملة قفزة في معدلات النمو والعائدات وسط موجة الإقبال على منتجات الاتصالات، لا سيما خدمات البيانات، وباقات العروض المختلفة والمكالمات الخلوية.ونجح قطاع الاتصالات خلال الفترة الماضية في تخطي التأثيرات الجانبية المتوقعة جراء جائحة الوباء الذي تسبب في تعطيل وخسائر العديد من القطاعات على مستوى العالم، إذ تشهد مكونات النشاط ارتفاع الطلب على جميع الخدمات التي تقدمها الشركات العاملة للمستفيدين إبان فترة منع التجول التي أقرتها السلطات المعنية في إطار الإجراءات الاحترازية والوقائية لمواجهة الفيروس. وبحسب مصادر عاملة في القطاع، سجلت المؤشرات الأولية استدلالات لنتائج إيجابية حققها قطاع الاتصالات في المملكة، حيث فرض منع التجول في الفترات السابقة واعتماد العمل عن بعد أنماطا جديدة تقتضي تكثيف التعامل مع وسائل الاتصالات واستخدام التقنية ليرتفع الطلب على المكالمات الهاتفية المباشرة وتنامي شراء حزم البيانات وتصعيدها للمستويات الأعلى. إلى تفاصيل أكثر في التقرير التالي:
- تنامي الطلب
تشير الملامح الأولية إلى أن قطاع الاتصالات يمثل أحد الأنشطة الاقتصادية التي استفادت من جائحة كورونا حيث ارتفع الطلب في هذه الفترة على حركة البيانات والإنترنت بنسب مختلفة من الشركات المقدمة للخدمة بنسب، قدرتها مصادر، بين 88 و92 في المائة على الشبكات الثابتة وقرابة 70 في المائة على شبكة الهاتف المحمول، الأمر الذي دفع بالشركات إلى زيادة سرعات الإنترنت لتغطي حجم النمو المطرد في الطلب.
وأعلنت شركة الاتصالات السعودية - المشغل الرئيسي وأكبر شركات الاتصال في السعودية والمنطقة - عبر موقعها عن تسجيل ارتفاعات قياسية خلال آخر يوم في رمضان وأول أيام العيد بنسبة 86 في المائة للشبكة الثابتة وبنسبة 73 في المائة على شبكة الهاتف الجوال، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي 2019، وجاءت الزيادة في الحركة تلبية لطلب الخدمة المتنامي على شبكات التواصل الاجتماعي التي ارتفعت كذلك بنسبة 86 في المائة، بينما الطلب على تطبيقات الاجتماع عن بعد في يوم العيد بلغ 130 في المائة.
- التعاملات الحكومية
وعزز حجم ارتفاع الطلب على خدمات الشركات فترة منع التجول المفروض، وهنا أشارت ندوة أقامتها وزارة المالية الشهر الماضي إلى اعتماد 95 في المائة من الجهات الحكومية على شبكات الإنترنت لعقد الاجتماعات، فيما سجل حجم تبادل المعلومات إلكترونيا بين الجهات الحكومية 143 مليون عملية خلال أبريل (نيسان) الماضي، بزيادة تقدر بنحو 70 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما وفرت للمستفيدين الأفراد وقطاع الأعمال أكثر من 3600 خدمة إلكترونية مختلفة، في حين يجري نصف مليون موظف حكومي أكثر من 10 ملايين دقيقة لاجتماعات يومية.
- أبراج للاستثمار
وفي سياق متصل، أعلنت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات قبل أيام عزمها تعزيز البيئة التنظيمية لأبراج الاتصالات المتنقلة من خلال رفع نسبة المشاركة فيها من قبل مقدمي الخدمة عن طريق الاندماجات في ملكية الأبراج أو الاستحواذ عليها من قبل المستثمرين المهتمين، بهدف خفض تكاليفها الرأسمالية والتشغيلية وتحقيق الكفاءة القصوى، بما في ذلك تقليل مصاريف الصيانة لتلك الأبراج، والارتقاء بمنظومة الاتصالات وتقنية المعلومات.
ويقدر حجم الأبراج وفقا لآخر الإحصائيات المعلنة في عام 2017 قرابة 38 ألف برج بحجم استثمار يزيد على 4.5 مليار دولار، تخدم الهاتف المتنقل بالخدمات الصوتية وخدمات البيانات والنطاق العريض اللاسلكي، ما يؤكد أن الشركات العاملة في السوق المحلية تمتلك بنية تحتية متميزة يمكنها من تقديم خدمات عالية الجودة.
- معالم المكاسب
يقول رشيد البلاع، المختص في الاتصالات وتقنية المعلومات والعضو المنتدب للمجموعة الوطنية للتقنية، إنه رغم صعوبة الحكم بتأثر القطاع من تداعيات فيروس كورونا بشكل تفصيلي حيث سيتوضح بعد انتهاء الأزمة، فإن الظاهر من المعطيات في السوق المحلية زيادة في الطلب على خدمات الشركات المشغلة للبيانات والاتصالات.
وأضاف البلاع لـ"الشرق الأوسط" أن التوجه انصب بشكل واضح على رفع مستوى استخدام البيانات مقابل حجم الاستهلاك قبل الأزمة الراهنة وتضاف أكثر بعد فرض منع التجول، لدواعي ومبررات عديدة منها متابعة جميع الأحداث، ومشاهدة العديد من البرامج والأفلام وكذلك متابعة الأعمال، ما يزيد من تقديرات أن هذا القطاع تخطى الضرر الذي أصاب غيره من الأنشطة الاقتصادية لارتفاع الطلب الكلي من الأفراد والشركات على خدماته ومنتجاته. وشدد البلاع، على نجاح شركات الاتصالات في احتواء الطلب المتزايد، وهو مؤشر على أنها تمتلك البنية التحتية المتكاملة وساهمت في توفير الخدمات وخاصة "الإنترنت" الذي لم يشهد أي انقطاع طيلة فترة منع التجول، لافتا إلى أنه ليس بالضرورة أن يقاس حجم الأرباح بارتفاع الطلب الذي قد يكون لفترة محددة.
- السوق المحلية
ومن داخل السوق المحلية، أوضح خالد سلوم أحد العاملين في قطاع الاتصالات، أن فتح المجال أمام الشركات والمستثمرين في ملكية الأبراج، سيسهم بشكل كبير في تخفيف أعباء الصيانة على الشركة، ويدفع لانتشار شبكات الجيل الخامس ما يعني أن السوق المحلية ستشهد نقلة نوعية في تقديم الخدمات للمستفيد.
وحول ارتفاع الطلب على خدمات الشركات، قال سلوم إن السوق شهدت نموا متصاعدا في الفترة الماضية على شراء خدمات البيانات، ومنتجات الاتصالات الأخرى من باقات وبرامج منوعة التي قدمتها الشركات خاصة الإنترنت المنزلي، مشيرا إلى أنه يقدر الارتفاع بنسبة لا تقل في حدودها الدنيا بأي حال عن 50 في المائة عما كان في السابق.
- البنية الرقمية
وتتزامن هذه التطورات، مع ما أشار إليه البنك الدولي عبر مقال في مدونته تعرض فيها للقدرات الرقمية المتطورة للسعودية، مشيرة إلى أن المملكة استفادت من السنتين الماضيتين التي عملت فيهما على الاستثمار المتواصل في البنية التحتية الرقمية الحديثة والمنصات الحكومية الرقمية المتطورة، لتوفر قدرات رقمية شكلت أساسا متينا لكل القطاعات للتعامل بسرعة وكفاءة مع جائحة فيروس (كوفيد 19).
وأشادت مدونة البنك الدولي للاستجابة على الطلب الهائل على الاتصالات والبيانات من خلال تنفيذ العديد من الإجراءات مثل زيادة السرعة وقدرة البيانات، وتوفير الخدمات المجانية، وفتح النطاق وتعزيز إدارة الشبكة، موضحة أن سرعة الإنترنت في المملكة كانت ترتفع بمعدلات سريعة خلال السنوات الماضية، وحافظت على سرعة عالية نسبيا عند 59.24 ميغابايت للثانية، رغم زيادة الطلب أثناء الوباء.
وقد يهمك ايضا:
شركة الاتصالات السعودية تطبق نظام الحزم البيانية
الاتصالات السعودية تقدم عرضا لشراء حصة في شركة "سيل"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر