يوصف الألمان اليوم بـ"ملوك السياحة" في العالم، لأنهم أكثر الشعوب سفرًا وحبًا للمغامرات ومعرفة ثقافات الشعوب الأخرى، وهذا يظهر عبر توسع معرض بورصة السياحة العالمي الذي يقام سنويًا في برلين.
ويستقطب الآلاف من شركات السياحة العالمية وبحضور حتى بلدان يكاد المرء يراها على خارطة العالم، وهذا دفع بمكاتب السفر في ألمانيا إلى تنشيط أعمالها بشكل كبير ، فهذه المكاتب لا تخلو من آلاف العروض السياحية المخصصة لكل الطبقات الاجتماعية، من الفئة ذات الإمكانيات المادية المحدودة وحتى الميسورة منها. مع ذلك، يحاول السائح الألماني النظر إلى تلك العروض لناحية القدرة على الادخار كي يتمكن بالتالي من القيام برحلة سياحية جديدة في أقرب وقت ممكن.
يقول الخبراء في شركة "آي جي" السياحية الألمانية إن أفضل العروض الادخارية لعطلة أعياد الميلاد ورأس السنة هي في الأرجنتين والمكسيك وكوبا وسريلانكا ، لكن السائح الألماني من الطبقات الوسطى يعوّل على عدة بارومترات قبل أن يقرر وجهته السياحية النهائية التي ستبعده مؤقتاً عن هموم العمل والطقس البارد.
ومن أهم البارومترات سعر صرف اليورو أمام العملة المحلية للدولة السياحية التي يريد أن يقصدها وتكلفة المعيشة هناك وسعر بطاقة السفر، فضلًا عن الطقس والمخاطر الأمنية التي تكون غالبًا البارومتر الحاسم.
- تراجع النقد المحلي أنعش السياحة
ويضيف الخبراء أنه بالنسبة للعامين الجاري والمقبل، تمثل الأرجنتين الوجهة السياحية الأولى بامتياز للسياح الألمان نظرا لقيمة اليورو القوية ، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى تراجع عملة البيزو الأرجنتينية في الأشهر الـ12 الأخيرة نحو 20 في المائة أمام اليورو ، ما يثير شهية كل من يدفع باليورو للاستمتاع بعطلة جميلة وإشباع حاجاته الترفيهية والفكرية والاجتماعية في هذا البلد الأميركي الجنوبي الغني بطبيعته الخلابة.
ووفقًا لخبراء شركة "آي جي" ، تأتي سريلانكا في المرتبة الثانية كوجهة سياحية مفضلة بالنسبة للسياح الألمان ، فإن المعيشة هناك زهيدة للغاية، وتعرض مكاتب السفر في ألمانيا تذاكر سفر رخيصة ومدروسة جدًا للسفر وقضاء عطلة "صيفية" على شواطئ سريلانكا الرائعة.
ويضع خبراء شركة "آي جي" جزر سيشل في المرتبة الثالثة لناحية تكلفة السفر ، فالمعيشة فيها بالنسبة لحاملي اليورو رخيصة ، وهي جزر تخلو من مخاطر أمنية تُذكر. كما أن تراجع عملتها الوطنية 16 في المائة أمام اليورو تجعل السياح الألمان يضعونها على أجندة رحلاتهم، فهي دولة أفريقية وتوجد في المحيط الهندي.
- جنة السياحة والأعمال
إن جزر سيشل لها جاذبية أخرى، إذ يشير الخبير المالي ، بيار دي بيلو ، إلى أنها لا تجذب السياح فحسب؛ إنما بدأت حديثا باستقطاب رجال الأعمال الألمان وغيرهم إليها ، إذ نجد على هذه الجزر منطقة تجارية حرة معروفة بإسم سيشل إنترناشيونال ترايد زون ، حيث يمكن للشركات الأجنبية ومن بينها المجموعات التجارية الكبرى وشركات التأمين وفروع المصارف الأجنبية التحرك بحرية مالية تامة وبصورة مخفية بالكامل تجعلها تتمتع بمنافع ضريبية ممتازة، وبهذا تحتضن هذه الجزر جنتان: سياحية وضريبية في آن واحد.
وأضاف الخبير دي بيلو "إن الشركات العاملة داخل المنطقة الحرة معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية ورسوم الضمان الاجتماعي لمدة 25 عامًا ، كما لا تُفرض الضرائب على أرباحها التجارية. ويكمن الأهم من ذلك في أن صاحب الشركة غير مُرغم على الحصول على تصريح بالإقامة من الحكومة المحلية لمزاولة أنشطته.
وتابع الخبير "أن 75 في المائة من الألمان يقصدون جزر سيشل لأهداف سياحية ، بيد أن 25 في المائة منهم يأتي سنويًا لجس النبض التجاري هناك خصوصًا إذا كان لديه اهتمام في تشييد جسور تجارية مع الهند وآسيا وأفريقيا ، فجزر سيشل توفر له منصة تسهيلات ضريبية جيدة جدًا في حال قرر رجل الأعمال الألماني بيع سلع أم خدمات، كما التجارة الإلكترونية والإدارة والاستشارات والخدمات المصرفية، إلى الهند أو الدول الآسيوية.
وفي حال أراد تسويق منتجات أم تجميع قطع منتجات بهدف بيعها فعليه اختيار القارة الأفريقية كي يحصل على التسهيلات الضريبية المواتية له على هذه الجزر. ويشير الخبير دي بيلو إلى أن المعاهدات والشراكات التجارية التي وقعتها جزر سيشل مع عدد من الدول حولتها مؤخرًا إلى جنة تجارية دولية تجذب إليها رجال الأعمال الأوروبيين عمومًا والألمان خصوصًا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر