مكة المكرمة – المغرب اليوم
أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح آل طالب أنَّ شهر رمضان فرصة لمن كان في حياته مقصرًا ليلحق، ولمن استحق بذنبه النار ليُعتق، ولمن كان في طاعته متأخرًا ليكون الأسبق.وأضاف في خطبة الجمعة إنه "في مثل هذه الأيام من رمضان، وقبل ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف من السنين، حدثت غزوة بدر الكبرى، التي سماها الله يوم الفرقان، وهي المواجهة العسكرية الأولى في الإسلام، تبعتها مغاز وحروب فرضها نشوء الدولة المسلمة الحديثة، ومنذ ذلك الحين نشأت مبادئ حرب، لم تعرف في مبادئ الأمم السابقة، ولم تعهد في سلوك المحاربين، امتزج الحزم فيها بالرحمة".وأشار إلى أنَّ "من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه للمجاهدين أن اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا لا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيك عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم".
وتابع فضيلته "شهر رمضان شهر الذكريات والفتوحات والانتصارات، وتمر بنا هذه الذكريات والأمة مثقلة بالآلام مثخنة بالجراح، كما تمر بنا الذكريات والمسلمون اليوم أكثر ما كانوا حملاً للسلاح وبذلاً للأرواح، ولكن على بعضهم، والصائم يقتل صائمًا، والمصليان يقتلان، وكل منهما يريد الفردوس بدم صاحبه، في مشهد فوضوي يجعلنا نشهد موسمًا للانكسارات والانتكاسات، تطيف بنا ذكرى معركة بدر، وأخلاق المسلمين في حروبهم، وكثير من بلاد المسلمين اليوم فيها احتراب، وبأيدي كثير منهم أسلحة وحراب، وعلى رغم احتلال بعض ديارهم وتشتيت أهلها إلا أن السلاح موجه لإخوانهم، وتحول معنى التحرير عند بعضهم إلى استلاب أرض إخوانهم المسلمين، التي بها مساجدهم وبيوتهم وأسواقهم، وصار القتل عند كثيرين منهم تسلية ومتعة وفي أحوال منه لأسباب لا تستدعي العتب ولو باللسان ، وألبسوا جريمة انتهاك الأعراض لباس السبي، والمسبيات هن نساء مسلمات من ذرية مسلمين، في هوس مجنون يستبيحون ذلك باسم الله وشرعه، وهم الذين أساؤوا للدين على نحو عجز أعداؤه أن يبلغوا ما بلغ أولئك في الإساءة في أعمال تفوق ما عملته جيوش متوحشة سطرت أخبارها كتب التاريخ".
وأردف "اجتمعت شرذمة جاهلة زال الدين من نفوسهم، وانمحت الإنسانية من صدورهم، لعبت بها مخابرات العدو لعبتها ووجدت في خواء عقولهم من العلم والبصيرة بغيتها ونصبت عليهم شياطين في هيئة شيوخ يفتونهم ليس بجهل فحسب إنما بتضليل متعمد".واستطرد فضيلته "إن كيانًا يريد أن يقوم على خفر العهود واستحلال الدماء المعصومة والغدر بإخوانهم وحماية الظالم لهو كيان مهتوك الستر مفضوح الهدف، و أن بلادنا طالها شرر من تلك الشرور آخرها ما حدث في جنوب المملكة من حمل بغاة للسلاح والخروج على جماعة المسلمين وقتل الأنفس المعصومة في نهار رمضان خسروا الدين والدنيا وباعوا أوطانهم وأحدثوا حدثا عظيما في شهر فضيل وفجروا في بلاد أهلها صائمون وأزهقوا أنفسًا صائمة حارسة للمسلمين".
وفي المدينة المنورة، تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ عن حسن الخلق، وأهميته في تهذيب الأفراد، وأمن المجتمعات، داعياً إلى تجنب التعامل مع الناس بالفحش والسوء في القول والعمل، تأسياً بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله وعمله، مستشهداً بالحديث الذي رواه الترمذي، أن النبي عليه الصلاة والسلام، قال "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".وأكّد إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة أنَّ "الإسلام منظومة كبرى تشمل أحكامه ما يكفل سعادة البشرية وصلاحها"، مبيّناً أنّ "من دروس هذا الشهر المبارك أنه مدرسة تربوية، تربي المسلم على المبادئ الفضلى، والأخلاق العظمى، والمسالك المُثلى، لتقيم مجتمعاً إسلامياً راقياً في أخلاقه وسلوكه وتعاملاته".
وذكّر بأنّ "شهر الصوم يمثل فرصة لتهذيب السلوك وضبط النفس، والتحكم في جموحها لتنهى عن كل خُلق رذيل، ومسلك مشين، فيكون المسلم بذلك في كل أحواله على صفة عالية من الرفق واللين والسماحة والعفو، بعيداً عن العنف بأشكاله القولية والفعلية، مجانباً الفحش بمختلف صوره مهما كانت الدوافع، ومهما تعدّدت أساليب الاستفزاز له، مورداً في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم) متفق عليه".ودعا الشيخ حسين آل الشيخ، المسلمين إلى "استذكار المقصد الأعلى من الصوم وهو تحقيق التقوى لقول الحق تبارك وتعالى (ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)".
ولفت إلى أنَّ "من أبرز عناصر ومضامين التقوى العيش مع الناس بكل فعل جميل، وقول حسن، ومظهر طيب، مبيناً أن مما يخالف مظاهر التقوى التطاول على الخلق، والفحش لهم، وسوء الأخلاق في التصرف معهم، مستدلاً بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار، وفي لسانها شر تؤذي جيرانها سليطة، قال لا خير فيها هي في النار، وقيل إن فلانة تصلي المكتوبة، وتصوم رمضان، وتتصدق وليس لها شيء غيره، ولا تؤذي جيرانها قال هي في الجنة) أخرجه أحمد والحاكم".
وبيّن فضيلته أنَّ "في الصوم تتمثل صفة التقوى التي تجعل العبد ربانياً، متمثلاً أخلاق القرآن وآدابه في قوله وفعله وسلوكه، مع الصديق والعدو، مع الكبير والصغير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري".
وأكّد أنَّ "تشريعات الإسلام ومنها فريضة الصوم في هذا الشهر الفضيل، يجب أن تبني في نفوسنا ومجتمعاتنا كل فعل جميل وخلق نبيل، وأهمية أن يتعلم المسلم من صيامه حسن الأخلاق، وجميل الطباع، ومحاسن العادات والسلوك، ليفوز بعظيم الأجر من الله جل وعلا، إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال (تقوى الله وحسن الخلق)".
وتطرّق إمام وخطيب المسجد النبوي إلى عظيم صفات الرسول صلى لله عليه وسلم، قائلاً "إنه كان أجود ما يكون في رمضان من صفاته العظيمة في كل وقت وحين، فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول (إن خياركم أحاسنكم أخلاقاً)، ويقول (إن أحبكم إلي أحسنكم أخلاقاً)، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم خُلُقه القرآن، كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها، حيث كان عليه الصلاة والسلام أجود بالخير من الريح المرسلة".وأبرز فضيلته أنه "بمثل هذه التوجيهات يسعد الأفراد، وتأمن المجتمعات، وتطمئن النفوس"، مؤكّداً أنَّ "حسن الأخلاق قاعدة الأمن والأمان في المجتمعات، وسيئها أصل الشرور والشقاء في المجتمع".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر