آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

يفكر صاحبها في إغلاقها بسبب الظروف الأمنية الحالية

المكتبة الألمانية في القاهرة تاريخ عريق ومستقبل مجهول

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - المكتبة الألمانية في القاهرة تاريخ عريق ومستقبل مجهول

المكتبة الألمانية في القاهرة
القاهرة - المغرب اليوم

يعيش صاحب المكتبة الألمانية الشهيرة " لينرت ولندروك" في قلب القاهرة إدوارد لامبيليت الاضطرابات التي تهز العاصمة المصرية عن قرب، ورغم أن  عمر المكتبة الألمانية في القاهرة أكثر من 100 عام إلا أن صحابها يفكر في إغلاقها، بسبب أعمال العنف المستمر وعدم الاستقرار، فيما يتزايد عدد القتلى يومًا بعد يوم، لكن إدوارد لامبيليت كان بعيدًا عن تلك الأحداث عندما اندلعت في مسقط رأسه القاهرة، فقد اختار صاحب أشهر مكتبة ألمانية " لينرت و لندروك" في العاصمة المصرية الانتقال إلى موطنه الثاني سويسرا قبل اندلاع الصدامات الدموية المسلحة بين الجيش وعناصر "الإخوان" المسلمين، ومن سويسرا ينتقل بين الحين والآخر إلى الولايات المتحدة، حيث تعيش ابنته،  لم يكن سفره هروبًا بل كانت سفرة مقررة منذ أمد طويل، بينما لم يتوقع  صاحب المكتبة البالغ من العمر (76 عامًا) أن يصل الصراع السياسي في مصر إلى هذه الدرجة من التصعيد، فبدا الأمر بعد تولي الجيش لزمام الأمور وكأنه يسير نحو الأحسن، وأن حالة الركود ستتراجع، لكن الرياح هبت بما لا تشتهيه السفن، وشهدت القاهرة أعنف الصراعات منذ اندلاع الثورة.
تتواجد المكتبة المعروفة بالخطوط المميزة للوحتها الأمامية فوق المدخل إليها، منذ قرابة 100 عام. وهي المصدر المهم للكتب العالمية في القاهرة، والمكتبة معروفة للعامة باسم "المكتبة الألمانية"، رغم أن مديرها سويسريًا وليس ألمانيا، كما يقول لامبيليت ضاحكًا.
عاش لامبيليت طفولته ومرحلة شبابه في سويسرا، لكنه ولد في القاهرة وعمل منذ عام 1979 مع والده، كورت لامبيليت الذي كان يدير المكتبة آنذاك، أما تاريخ تأسيسها، فيعود إلى عام 1924 على يد ألمانيين، المصور المستشرق رودولف فرانتز لينيرت والمحاسب إرنست هاينريش لندروك. وكان مقرها في البداية مكانا لبيع الصور الفوتوغرافية التي التقطها لينيرت لمناطق في شمال أفريقيا، ولكن بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة تولى ابن لندروك بالتبني، كورت لامبيليت، شؤون المتجر وحوله تدريجيا في عام 1950 إلى مكتبة كبيرة مختصة بالكتب العالمية.
في ذروة نشاط المكتبة آنذاك كان عدد العاملين فيها يصل إلى أكثر من 35 شخصا. وكان للمكتبة القريبة من ميدان التحرير فرعا في المتحف المصري تديره زوجة إدوارد لامبيليت، روزفيتا، وهي من أصل ألماني وتنحدر من مدينة هايدلبيرغ. بيد أن عدد العاملين في المكتبة انخفض بمرور الزمن إلى 15 شخصًا، وتَعرض المكتبة الكثير من الكتب المنوعة، منها دليل السياحة وكتب أدبية مختلفة إلى جانب كتب الطبخ وكتب أدبية متخصصة لطلبة الجامعات. والكتب المعروضة هي على الغالب باللغة الألمانية، لكن الكتب الإنكليزية والفرنسية تطغي هي الأخرى على المعروضات.
ومنذ تولى "الإخوان" المسلمون السلطة في مصر بدأ عصر انهيار المكتبة العريقة في العالم العربي بشكل سريع. حكم "الإخوان" مصر لعام وحد فقط ارتفع خلاله عدد العاطلين عن العمل في عموم البلاد بشكل كبير ومتسارع. كما انخفض احتياطي البلاد من العملات الصعبة بشكل ملحوظ. وعن مكتبته في فترة حكم الإخوان يقول لامبيليت غاضبا " كنا نحصل على الطاقة الكهربائية 4 مرات في اليوم وكل مرة لمدة ساعة واحدة فقط".
ويضيف "إن الكفاءة باتت مسألة ثانوية، فيما أصبح الانتماء إلى الإخوان أمرا حاسما"
في هذا السياق لا يخادع لامبيليت نفسه ويقول: " لا يوجد في السياسة أناس يتسمون بالنزاهة والإنصاف في أي مكان في العالم، حتى في سويسرا لا يوجد سياسيون من هذا النوع".
في هذه الفترة بات من النادر أن تجد زبونا يتنقل بين رفوف الكتب، فيما كانت الأشهر الماضية "عصيبة" و"كارثية" بالنسبة لجميع رجال الأعمال بمن فيهم لامبيليت، وانخفض عدد السياح في القاهرة بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة.
ونصحت الحكومة الألمانية مواطنيها بتجنب السفر إلى مصر. أما زبائن المكتبة من المصريين فقد باتوا يتجنبون زيارتها، وكأن الوقت لم يعد ملائما لقراءة الكتب.
ويتذكر لامبيليت الأيام السابقة بحسرة معربا أن "مصر كانت من أكثر البلدان استقرارا، وكان المرء يشعر فيها بذلك الاستقرار أكثر من أوروبا وأميركا".
ويتابع لامبيليت "إن حكومة مبارك أطلقت أثناء الثورة سراح أكثر من 20 ألف مجرم من المحكوم عليهم، يزعزعون حاليا أمن البلاد. وقد تعرضت زوجته مرتين لعمليات سطو في وضح النهار أمام أنظار الناس في الشارع".
يتأمل رجل الأعمال السويسري أوضاع مصر الحالية بحزن عميق ويقول بحرقة: "عاشت مصر الكثير من الحروب والصراعات. ومنذ ثورة 1952 نتحدث باستمرار عن أمر مغادرتنا للبلاد. ولكن بعد كل مرحلة مظلمة تحل مرحلة جديدة مضيئة. الفترات المظلمة كانت قصيرة، أما الفترات المضيئة الجميلة فقد كانت أطول بكثير".
ويقر الرجل الذي قضى ثلاثة أرباع حياته في مصر وأحب طيبة أهلها وعشق صحراءها، أن الأمور اليوم تبدو مغايرة تماما، حتى أنه لا يستبعد أن يغلق مكتبته أو يسلمها نهائيا لأحد موظفيه.
وفي هذا السياق يقول لامبيليت: "إذا لم يتحسن الوضع، وإذا انتقلت الظروف السورية إلى مصر، فلا جدوى بعد من البقاء في القاهرة".
لم تنحدر مصر بعد إلى مستنقع الحرب الأهلية، لكن مزاج العاملين في المكتبة، وكلهم مصريون، سيء للغاية. ومن تقاليد المكتبة العريقة أن يحصل العاملون على راتب شهري متواضع، على أن يقتسموا أيضا حصة من أرباح المبيعات شهريا،  وبسبب تراجع المبيعات بشكل كبير، لا يحصل العاملون في المكتبة حاليا على دخل إضافي.
وعن ذلك يقول لامبيليت " يجد الموظفون صعوبة كبيرة في تدبير أمور معيشتهم". ويتابع "لكني لا استطيع أن أدفع لهم أكثر مما يحصلون عليه الآن. فوضعنا المالي لا يساعد على ذلك

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المكتبة الألمانية في القاهرة تاريخ عريق ومستقبل مجهول المكتبة الألمانية في القاهرة تاريخ عريق ومستقبل مجهول



GMT 16:34 2022 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 05:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات سهلة من بودرة القرفة والألوفيرا لشعر صحيّ ولامع

GMT 18:13 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"حق الله على العباد" محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 02:33 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

زاهي حواس يكشف حقائق مُثيرة عن مقبرة "توت عنخ آمون"

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

توقيف أحد اللصوص داخل مدرسة التقدم في أغادير

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريتا أورا تُناهض التحرّش وتثير الجدل بإطلالة مثيرة

GMT 01:09 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مصادر تنفي خبر مقتل الفنان اللبناني فضل شاكر في غارة جوية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca