الرباط - الدار البيضاء
في إطار الجهود التي يبذلها المغرب في سبيل الحفاظ على التراث الإسلامي الإفريقي المخطوط، تنظم مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة معرضا يضم منتخبات من المخطوط المغربي النيجيري، في عاصمة نيجيريا الاتحادية، أبوجا؛ وذلك ضمن فعاليات الندوة الدولية التي تنظمها المؤسسة في موضوع “التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ”. ويضم المعرض نماذج متنوعة من المخطوطات باللغة العربية، منها مصاحف قديمة مكتوبة بخط اليد وأخرى طُبعت حديثا، وكتب ومخطوطات علمية في مختلف مجالات العلوم، ألّفها علماء مغاربة ونيجيريون خلال حقب تاريخية مختلفة؛ كما يضم قِطعا كالأوعية والعلب الجلدية الخاصة بالمصاحف.
وتشهد محتويات معرض “منتخبات من المخطوط المغربي النيجيري” على ما تزخر به القارة الإفريقية من ذخائر ونفائس من مخطوطات إسلامية لم يُكتشف منه إلا النزر اليسير إلى الآن، وهو ما تحاول مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تداركه عبر تكثيف الجهود المبذولة لحفظ وصيانة هذا التراث. في هذا الإطار قال محمد مغراوي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، إن المعرض يعكس ما تتمتع به إفريقيا من غنى من حيث المخطوطات العربية الإسلامية المتسمة بالتنوع، ويعطي انطباعا عن التكامل الثقافي بين المغرب ونيجيريا رغم تباعدها من الناحية الجغرافية.
وأبرز مغراوي أن معرض “منتخبات من المخطوط المغربي النيجيري” يعكس الإرث المشترك بين المغرب ونيجيريا، إذ يضم مخطوطات ألّفها مؤلفون نيجيريون ويوجد نظير لها في المغرب، والعكس، حيث توجد كتب ألّفها مؤلفون مغاربة وتم نسخها في نيجيريا. ورغم المجهودات المبذولة لحفظ المخطوط الإسلامي الإفريقي فإن هذا المسعى تعوقه جملة من المثبطات، منها عوائق تجميع المخطوطات، بسبب صعوبة إقناع الأشخاص الذين يحوزونها بتسليمها إلى الجهات المعنية بالحفظ والصيانة. في هذا الإطار قال إبراهيم الطاهر موسى، رئيس رابطة خريجي الجامعات المغربية النيجيريين وعضو مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة فرع نيجيريا: “نجد صعوبات كبيرة في تجميع المخطوطات، لأن بعض الناس يَعتبرون هذا التراث سرا من أسرار بيوتهم، ولا ينبغي أن يطلع الآخرون عليه، ويتطلب إقناعهم جهدا جهيدا”.
وأضاف موسى في حديث لهسبريس: “هناك من الناس من تثقَّف، وأصبح مقتنعا بأن التراث الإسلامي حق للأمة الإسلامية كلها، فيتعاون، لكن بعض الناس، الذين انقطعوا عن التعليم العربي، لا يهمهم هذا التراث كإرث جماعي، ويحتفظون به لأنفسهم”. وأشار المتحدث ذاته إلى أن التراث الإسلامي الإفريقي والنيجيري بالخصوص، من كتب في شتى العلوم، سواء الفقه أو الحديث أو علوم اللغة، هو امتداد للتراث المغربي، قادم من المغرب، مبرزا أن ملوك المغرب دأبوا على الحفاظ على هذا التراث. وفي وقت يعمل المغرب خلال السنوات الأخيرة على حفْظ إرثه من المخطوطات عن طريق التكنولوجيا الرقمية، اعتبر إبراهيم الطاهر موسى أن هذا الأمر غير متاح حاليا في نيجيريا، نظرا لمحدودية استعمال التكنولوجيا في مجال التوثيق؛ علاوة على ضعف الاهتمام بالتراث الإسلامي في البلاد رغم غناها في هذا المجال.
قد يهمك أيضاً :
"سيدي بوسعيد" الوجهة المُفضلة لعشاق التراث الإسلامي والطبيعة الهادئة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر