الرياض - الدار البيضاء اليوم
ما أن تصل إلى منطقة عسير (جنوب غربي السعودية) حتى تدرك أن هذه المنطقة الغنية بالموروث الثقافي يحتاج اكتشافها إلى أسابيع كثيرة، إلا أن قرية (بن حمسان) التراثية اختزنت كل تاريخ وتراث المنطقة في موقع واحد؛ لتكون بمثابة حلقة الوصل بين جيل الأحفاد وموروث الأجداد، محتضنة ذاكرة المكان على مساحة تقدر بـ13 ألف متر مربع.
ويصف مالك ومؤسس القرية ظافر بن حمسان، هذه القرية التراثية، بأنها أول بطاقة تعريفية لتراث منطقة عسير، والأولى من نوعها على مستوى السعودية والدول العربية. مضيفًا "من يرغب في زيارة منطقة عسير والتعرف على تراثها، فهذا الأمر قد يستغرق منه نحو شهر تقريبًا، لكننا اختصرنا المسافات والوقت، وجعلنا القرية بمثابة البطاقة التي تقدم فكرة عن تراث المنطقة؛ خلال ساعة ونصف الساعة فقط (مدة الزيارة)".
ويحكي بن حمسان لـ"الشرق الأوسط" قصة بداية بناء القرية عام 1990، التي استغرقت تسعة أعوام للانتهاء من مرحلتيها الأولى والثانية، موضحًا أنه بدأ الفكرة عبر شغفه بجمع وتوثيق تراث منطقة عسير قبل أكثر من 40 عامًا.
وتضم قرية بن حمسان التراثية قصرًا حجريًا يتوسطها، بالإضافة إلى المتحف الذي يشتمل على جميع القطع الأثرية المعروفة في عسير، مثل: الأدوات الزراعية، وأدوات النقل والسفر، وبعض الأدوات المستخدمة في الطب الشعبي، ويوجد في المتحف ركن خاص بالمرأة وأدوات زينتها وحليها، كما يوجد ركن آخر خاص بالرجل يعرض أسلحته وملابسه.
يضاف إلى ذلك مسرح للفنون الشعبية، والذي تُقام عليه العروض المسرحية والفنية، والأمسيات الشعرية، وبعض الرقصات والفنون الشعبية المحلية. وهناك أيضًا ركن الصور التذكارية لأبرز زوار القرية، وركن التحف والهدايا المخصص لبيع الأدوات التي كانت تُباع قديمًا في عسير. وأخيرًا، ركن المقاهي والمطاعم الشعبية.
ويفيد بأن تراث عسير يُميزه أيضًا الأزياء القديمة حسب التقسيم الجغرافي للمنطقة، قائلًا "أهل البادية لهم لباس، وأهل الجبال لهم لباس، وأهل تهامة لهم لباس... ونحن نعرف من أين جاء كل فرد حسب لباسه، سواء كان رجلًا أو امرأة". ويشير إلى كون المنطقة اشتهرت أيضًا بـ"القط العسيري"، وهي النقوش الداخلية التي تأتي من عمل المرأة العسيرية، وتُبهر زوار المنطقة.
ويصف بن حمسان منطقة عسير التي تضم أكثر من خمسة آلاف قرية، بأنها ممر حضارات متنقلة ما بين الشام واليمن منذ آلاف السنين. قائلًا "كان يمر بها رحلة الشتاء والصيف التجارية وقوافل الحجيج، كما يوجد بها الموانئ البحرية القديمة مثل (ميناء البرك)"، مؤكدًا أن غزارة الموروث الثقافي والتاريخي يفتح شهية الزوار لاكتشاف كنوز هذه المنطقة الثرية.
قد يهمك ايضا:
جامعة الحسن الثاني تتحدى الحجر بمهرجان فني
مهرجان "سباسكايا باشنيا" للموسيقى العسكرية في الساحة الحمراء
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر