آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

عاش حياة مليئة بالإبداع الأدبي والنضال من أجل الحرية قبل الاستقلال

"الحاجّ" إدمون المالح كاتب مغربي دافع عن القضية الفلسطينية ضد الإجرام الإسرائيلي

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

الكاتب مغربي "الحاجّ" إدمون المالح
الرباط - الدار البيضاء اليوم

غادرَنا منذ سنوات تسعٍ الكاتب والمناضل المغربي إدمون عمران المالح، بعد حياة مليئة بالإبداع الأدبي، والتأمّل الفنّي، والنضال من أجل الحرية قبل استقلال المغرب وبعدَه، وضدّ عمل الحركة الصّهيونية في شمال غرب إفريقيا لتهجير يهود المغربِ لبلاد غير بلادِهِم، وضدّ الإجرام الإسرائيلي في حقّ الشّعب الفلسطيني.

وكان يرى إدمون عمران المالح، في لقب الحاجّ إدمون، الذي كان يناديه به بعض جيرانه وبعضً من يعرفونه ويقدّرونه، انعكاسا لجوّ من "الاعتراف والمحبّة" يعرفه المغرب، ويُوَقِّرُ فيه النّاس كبير السّنّ "ويعطونَه مكانا"، وهو ما دفعه للحديث عن كون الأمر المهمّ في المغرب هو "العلاقات الإنسانية"، مهما اختلفت الأعمال والمهن، وهو ما لم يرَه في مدن أخرى، أو عالَم آخر.

وكان المالح من بين المناضلين من أجل استقلال المغرب عن المستعمِر الفرنسيّ، كما كان من بين وفد الحزب الشيوعي المغربي الذي قدَّمَ للملك محمد الخامس وثيقة تدعم "وثيقة المطالبة بالاستقلال"، حَسَبَ الباحث حسن النّجمي، ولكنّه اختار سنة 1965، بعد سنوات من التّواري السياسي، منفى هو عاصمة الأنوار باريس، بعد أحداث 23 مارس الدّامية، دون أن يغادِرَه بلَدُه، ودون أن يطلب الجنسية الفرنسية.

وفي منفاه الاختياري كتب إدمون عن المغرب، وعن هجرة يهودِه بلدهم، وعن المجازر الإسرائيلية، بعدما جاوز سنّه الستّين، بعد عمله أستاذا لمادّة الفلسفة، وصحافيّا، باللغة الفرنسية، مع حضور الدّارجة المغربية في أعماله، هنا وهناك.

وأكّد إدمون عمران المالح، في حوار له مع الشّاعر ياسين عدنان بالدّارجة المغربية، أنّ فرنسيّته ليست فرنسية الفرنسيّين، مع أنّه داخلٌ في عمق الثّقافة الفرنسية (...)، وأنّ هذا التعمّق يسمح له بمعارضة الفرانكفونية كمشروع سياسي، ثم وضّح: "أكتب أدبا مغربيا باللغة الفرنسية"؛ لأن هناك أدبا مغربيّا واحدا، موزَّعا على لغات متعدّدة ومختلفة، منها العربية والأمازيغية والفرنسية والإسبانية والهولندية، "مثل شجرة تُزهِر".

كما ذكر فقيد المغرب، في برنامج "مشارف"، في سياق شرحِه تفضيلَه تعريفَه بـ"مغربي يهودي"، لا "يهوديّ مغربي"، أنّ كلّ هذا الهرج حول التسامح يجب أن نترُكَه، "لأننا أبناء أمّة واحدة، مغاربة أوّلا وقبل كلّ شيء، وأبناء أمّ واحدة، والامتياز هو أنّ أحدنا يتّبِع الدّين المسلم، وأحدنا يتَّبِع دين اليهودية، ولا يجب أن نخلق لَبسا بقول إنّ المسلمِين يقبَلون اليهود، أو اليهود يقبلون المسلمين…فهذا دخول في معمعة إيديولوجية، لا أرى وسيلة، أو أيّ باب، إذا غرَقنا فيها، للخروج منها".

كما أكّد عمران المالح على ضرورة "ألا يفقد المغرب ذاكرته"، وعلى ضرورة "ضمان الاستمرارية"، وكان يُولي الدّارجة المغربية، والأمازيغية، مكانة مهمّة في هذه الذاكرة، فيقول: "اللغة هي التي تؤسّس الهوية، والعبرية لغة الصلاة، التي لا يعرف معظَم اليهود المُصَلّين معاني الصّلوات التي يؤدّونَها بها، وكان يجب أن يشرحها لهم أحد بالعربية الدّارجة حتى يفهموها. ولم يبدأ الحديثُ بالعبرية في البلاد إلا مع صهاينة بالمغرب، وانطلاقا من اللحظة التي أعادت فيها الدولة الإسرائيلية إحياء العبرية بشكل حديث، في حين كان الأساس هو العربية الدّارجة، والأمازيغية".

وعُرِفَ إدمون عمران المالح، طيلة حياته، بمواقفه المساندة بقوّة للقضيّة الفلسطينية والمعارِضة بشدّة للدولة الإسرائيلية، ونُقِلَ عنه بشكل واسع قوله: "خَلْقُ إسرائيل خيانة لليهودية"، كما عُرِفَ بكتاباته الأدبية، التي كان أوّل ما نشر منها "المجرى الثابت"، سنة 1980، ثمّ "أيلان أو ليل الحكي"، و"ألف عام بيوم واحد"، والعديد من المؤلَّفات الأخرى، وصولا إلى آخرها "رسائل إلى نفسي"، وهو العمل الذي نُشِر سنة وفاته؛ كما عُرِفَ بكتاباته النّقديّة حول الأعمال التشكيلية المغربية المعاصِرَة، فكتب عن أعمال فنّانين من بينهم، على سبيل المثال لا الحصر: أحمد القاسمي، وأحمد الشرقاوي، وفنّانه وصديقه المقرَّب خليل الغريب.

 وبعد حياة مديدة وحافلة، انطلقت بمدينة آسفي عام 1917، نَافَحَ فيها عن المغرب، وذاكرته، وإبداعه، وتعدّده، وإنسانية الإنسان، أسلم الحاج إدمون روحه إلى بارئها، في اليوم الخامس عشر من شهر نونبر سنة 2010، ودُفِنَ بمدينة الصويرة، بمقبرة عبريّة توقَّفَ الدّفن فيها منذ أزيد من قرن، فيها شاهدٌ يُقرَأ فيه اسم إدمون عمران المالح، بلغات أربع، هي: العربية، والعبرية، والأمازيغية، والفرنسية

قد يهمك أيضا :
مصر ضيف شرف الدورة الـ21 لمهرجان كورسيكا للموسيقى بفرنسا

موسوعة "غينيس" تمنح معرض "الشارقة للكتاب" شهادة الرقم القياسي الجديد وسط احتفالات الزوار

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاجّ إدمون المالح كاتب مغربي دافع عن القضية الفلسطينية ضد الإجرام الإسرائيلي الحاجّ إدمون المالح كاتب مغربي دافع عن القضية الفلسطينية ضد الإجرام الإسرائيلي



GMT 18:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 07:12 2017 الإثنين ,13 شباط / فبراير

نانسي عجرم تُطلّ بشكل جميل خلال حفلة عيد الحب

GMT 04:45 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أولمبيك خريبكة يكشف برنامجه التدريبي لهذا الأسبوع

GMT 14:37 2018 الخميس ,19 تموز / يوليو

توقعات بلقاء بين السيسي والعاهل المغربي

GMT 03:58 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن هوية ضحية حادث إطلاق نار في مراكش

GMT 23:44 2016 الثلاثاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوانات ذكية يمكنها فهم لغة البشر والتعامل معهم
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca